عبد الحفيظ سعد يكتب: مصير 5 ملايين عامل مصري فى الخارج
مهددون فى أعمالهم بسبب ضربة الفيروس الاقتصادية
أكثر من 35 مليار دولار تحويلاتهم تساهم فى سد عجز ميزان المدفوعات
قطر تحاول استغلالهم فى تصفية حساباتها السياسية
يشكل ما يزيد على خمسة ملايين مصرى، عاملين فى الخارج، قضية مهمة وجوهرية لمصر، خاصة مع تفشى مرض كورونا فى مختلف دول العالم. وبات الاهتمام بأوضاع هذه العمالة فى ظل هذه الظروف الاستثنائية التى تشهدها غالبية الدول، أمرًا حيويا، باعتبارهم أولا أبناء هذا الوطن.. ولم تمنعهم الغربة وابتعادهم بأجسادهم بالارتباط بوطنهم، وعائلاتهم التى تعتمد غالبيتها فى معيشتها على التحولات القادمة منها، وثانيا ما يشكله تحويلاتهم من الخارج جزءًا مهمًا من المساهمة فى اقتصاد الدولة.
للعمالة المصرية فى الخارج أهمية للاقتصاد المصرى، لمساهمتهم بالجزء المهم والأكبر من العملات الأجنبية والذى يساهم فى تقليل ميزان المدفوعات، حيث تقدر تحويلات المصريين فى الخارج، بما يزيد على 35 مليار دولار من العملة الأجنبية، منها أكثر من 26 مليارًا من التحويلات المباشرة للبنوك، بالإضافة إلى ما يجلبونه من أموال شخصية وهم قادمون فى إجازاتهم لأرض الوطن.
ومن هنا، تعد قضية العمالة المصرية فى الخارج أمراً يحتاج إلى تحرك من أعلى المستويات، لا يقل فى أهميته عن التعامل مع الآثار الاقتصادية للأزمة، فى ظل وجود تخوفات على المدى القريب، أن تؤثر الجائحة فى إنهاء كثير من خدمات العمالة فى ظل الانكماش المتوقع فى الأعمال، وكذلك تؤثر اقتصاديات الدول التى يعملون فيها، بانخفاض أسعار النفط.
1- اللعب القطرى
ورغم أن قضية كورونا، تعد خطرا يهدد البشرية، والموجه لصدور الجميع لا يفرق بين إنسان وآخر، فى بلد متقدم أو متأخر، لن تحصن أموال رجل أعمال من المرض، تتعامل معهم مثل أى عامل.. الفيروس العادل فى ابتلائه لن يرهبه وزير أو صاحب سلطة، عن أى مواطن، يتعامل مع الجميع بتساوٍ.
لكن لن تمنع الحقائق السابقة، والتى أكدتها خريطة توزيع ضحايا المرض فى العالم، من فى نفوسهم ضغينة، أن يجنبوا خلافاتهم، وألا يعبثوا بأرواح ومصائر عمال، الذين خدموا فى بلدانهم.
ويتجلى ما نتحدث عنه فيما تحاول دولة قطر القيام به، فى محاولة استغلال أزمة كورونا، ليس فقط على المستوى الإعلامى، كما هو معتاد عبر قنواتها المعروفة باتباع سياسة العداء لمصر، بل تجاوز الأمر فى التعامل مع العمال لتصفية خصومتها السياسية.
وظهر ذلك منذ بداية الأزمة عندما وضعت قطر مصر على رأس الدول التى منعت استقبال أى قادم منها، رغم أن وقتها حالات الإصابة فى مصر لم تكن تتجاوز أصابع اليد، والغريب أن الدوحة استثنت فى التوقيت نفسه من قرار حظر السفر، كلا من تركيا وإيران والأخيرة كانت فى حينها ثالث دولة فى العالم ضربها الوباء.
ولم تكتف الدوحة بذلك بل بدأت عملية تسريح عمال مصريين فى منتصف مارس الماضى فى إحدى شركات الأمن رغم أنهم يعملون فيها منذ أكثر من ست سنوات، وطالبتهم بالرحيل لبلدهم، رغم أن حركة الطيران توقفت، بل إن إعلام قطر حاول أن يستغل أزمة هؤلاء العمال، فى محاولة الهجوم على النظام المصرى.
ما قامت به قطر لم يكن مستغربا من نظام يسيطر عليه تنظيم الإخوان، خاصة أن ما قامت به من محاولة استغلال الأزمة، لم يكن موجها فقط لمصر بل أيضًا لدول خليجية مجاورة لها وهى البحرين التى سعت قطر أن تستغل أزمة كورونا فى تصفية حساباتها السياسية معها حتى لو على حساب مواطنيها، عندما حاولت التحريض ضدها، نتيجة وجود مواطنين بحريين، كانوا عالقين فيها أثناء عودتهم من إيران، مستغلة أن المنامة أوقفت حركة الطيران.
لكن ما كان مستغربًا، أن دولة الكويت الشقيقة، بدأ بعض النشطاء والإعلاميين فيها بالهجوم على العمالة المصرية، ومحاولة التضييق عليهم خاصة العمالة المؤقتة واليومية، غير أن ذلك لم يكن يلاقى قبولا من الحكومة الكويتية، والتى قامت بتحريك دعوى ضد أحد الإعلاميين بسبب تطاوله على مصر والمصريين، واستجاب النائب العام الكويتى وقام بحبس الإعلامى المتهم فى البلاغ احتياطياً.
2- نواب الخارج
ومن هنا نجد أن قضية العمالة المصرية فى الخارج، من الموضوعات المهمة لمصر فى التعامل مع أزمة كورونا، خاصة العمالة المؤقتة واليدوية التى تعمل هنا، وليس لها أجور ثابتة، ما يؤثر على فقدان مصر جزء من دخلها، نتيجة توقف الأعمال فى تلك الدول التى يتواجدون بها، وربما يؤثر ذلك على تحويلاتهم للعملة الصعبة، وكذلك ترتيبات عودتهم لمصر فى الفترة المقبلة، وترتيب آلية للحجر الصحى عليهم.
ومن هنا، يجب أن يبرز دور وزارة القوى العاملة فى التعامل مع القضية، وكذلك وزارة الهجرة، والتى تقوم بمهام لا يمكن التقليل منها فى متابعة أحوال العالقين فى الدول وليس العمال.
ولا يمكن الاعتماد فى التعامل مع قضية العمالة المصرية فى الخارج على الحكومة وحدها، بل لابد من العمل على تضافر الجهود الشعبية والرسمية، من خلال البرلمان والذى يضم فى عضويته ممثلين للمصريين فى الخارج، ويمكن تكليف هؤلاء الأعضاء من قبل البرلمان للقيام بمهام رصد أحوال العمالة فى الخارج ومحاولة التدخل للوقوف معهم سواء فى متابعة حالتهم أو الدفاع عن حقوقهم والحفاظ على وظائفهم فى إطار الأزمة وفتح قنوات تواصل معهم فى هذه الأزمة ومحاولة حلها، باعتبارهم مواطنين أبناء هذا البلد، بالإضافة لما يقدمونه لاقتصاده.