البابا فرنسيس: السلام هو ظهور النعمة التي نلناها من المسيح الذي جعلنا أبناء لله

أقباط وكنائس

بوابة الفجر


قال البابا فرنسيس الثاني، بابا الفاتيكان، علينا بأن نوجّه أنفسنا بين فكرتين للسلام: الأولى وهي الفكرة البيبليّة حيث تظهر كلمة "shalòm" الجميلة والتي تعبّر عن الوفرة والازدهار والرفاهية، مضيفًا: عندما يتمنى المرء باللغة العبرية لشخص آخر الـ "shalòm" فهو يتمنّى له حياة جميلة وكاملة ومزدهرة وإنما أيضًا بحسب الحقيقة والبرّ اللذين يتحققان في المسيح، أمير السلام، أما المعنى الآخر والأكثر انتشارًا، والذي بحسبه تشير كلمة "سلام" إلى نوع من الهدوء الداخلي؛ إنها فكرة حديثة ونفسيّة وأكثر خصوصيّة.

جاء ذلك في عظته الإسبوعية التي القاها، اليوم الأربعاء، إلي المؤمنين عبر الشبكة من مكتبة القصر الرسولي بدلا من اللقاء التقليدي معهم في ساحة القديس بطرس، وذلك في إطار إجراءات وقائية أمام انتشار فيروس الكورونا.

وأضاف "فرنسيس" علينا أن نفكّر عادة بأنَّ السلام هو سكينة وتناغم واتزان داخلي. وهذا الاستحسان الثاني ليس كاملًا ولا يمكن اعتباره مُثبتًا لأنَّ القلق في الحياة يمكنه أن يشكّل لحظة نموٍّ مهمّة، وغالبًا ما يزرع فينا الرب هذا القلق لكي نذهب للقائه ونجده، وبهذا المعنى يمكنه أن يكون لحظة نموٍّ مهمّة؛ فيما قد ينسجم الهدوء الداخلي مع ضمير متمرّس وليس مع افتداء روحيّ حقيقيّ، مؤكدًا بأن غالبًا ما ينبغي على الرب أن يكون "آيَةً مُعَرَّضةً لِلرَّفض" (راجع لوقا ٢، ٣٤- ٣٥)، وأن يهزَّ ضماناتنا الخاطئة لكي يقودنا إلى الخلاص.

وتابع قائلًا: علينا أن نتذكّر أنّ الرب يعني بسلامه سلامًا مختلفًا عن السلام البشري وعن سلام العالم عندما يقول: "السَّلامَ أَستَودِعُكُم وسَلامي أُعْطيكم. لا أُعْطي أَنا كما يُعْطي العالَم"، لنسأل أنفسنا: كيف يعطي العالم السلام؟ إذا فكّرنا بالنزاعات، تُختتم الحروب عادة بأسلوبين: إما بانهزام أحد الطرفين وأما بمعاهدات سلام، مؤكدًا بأن لا يمكننا إلا أن نتمنّى ونصلّي أن تأخُذ هذه الدرب الثانية؛ ولكن علينا أن نأخذ بعين الاعتبار أن التاريخ هو سلسلة لا متناهية من معاهدات السلام التي نقضتها حروب متتالية أو تحوّل تلك الحروب إلى أساليب أو أماكن أخرى، حتى في زمننا، هناك حرب تُشنُّ "على أجزاء" على جبهات عديدة وبأساليب مختلفة.

وواصل قائلًا: علينا أقلّه أن نشكَّ أنّه، وفي إطار عولمة تقوم بشكل خاص على مصالح إقتصادية وماليّة، يمكن لـ "سلام" البعض أن يتناسب مع "حرب" الآخرين، ولكن هذا ليس سلام المسيح!.

وتسائل بابا الفاتيكان قائلًا: كيف يعطي الرب يسوع سلامه؟، مضيفًا: لقد سمعنا القديس بولس يقول إنَّ سلام المسيح هو أن "يجَعَلَ مِنَ الجَماعتَينِ جَماعةً واحِدة"(راجع أفسس ٢، ١٤)، ويزيل العداوة ويقيم المصالحة، والدرب للقيام بعمل السلام هذا هو جسده.

واكمل قائلًا: في الواقع هو يصالح جميع الأمور ويحلَّ السلام بدم صليبه كما يقول القديس بولس الرسول في مكان آخ، متسائلًا: فمن هم إذًا صانعو السلام؟، موضحًا إن التطويب السابع هو الأكثر فاعليّة وهي عاملة بشكل واضح، والفعل المستعمل يشبه الفعل الذي استُعمل في الآية الأولى من الكتاب المقدّس للتعبير عن الخلق ويشير إلى مبادرة وعمل.

واكد أن الحب مُبدع بطبيعته ويبحث عن المصالحة مهما كان الثمن وبالتالي يُدعَونَ أبناء الله جميع الذين تعلّموا فنَّ السلام ويمارسونه، لأنهم يعرفون أنَّه لا وجود للمصالحة بدون بذل الحياة وأنّه ينبغي علينا أن نبحث عن السلام دائمًا وأبدًا.

وأوضح إنَّ السلام ليس عملًا فرديًّا ثمرة دراتنا الشخصيّة بل هو ظهور النعمة التي نلناها من المسيح الذي جعلنا أبناء لله.

وختم البابا فرنسيس قائلًا: إن السلام الحقيقي والاتزان الداخلي الحقيقي ينبعان من سلام المسيح الذي يأتي من صليبه ويخلق بشريّة جديدة تتجسّد في جوق لا ينتهي من القديسين والقديسات المبدعين والخلاقين الذين ابتكروا على الدوام دروبًا جديدة لعيش الحب، موضحًا إن هذه الحياة لأبناء الله الذين وبفضل دم المسيح يبحثون عن إخوتهم ويلتقون بهم هي السعادة الحقيقية، وطوبى للذين يسيرون في هذه الدرب!، قائلًا: " تمنى لكم مجدّدًا فصحًا مجيدًا لكم جميعًا في سلام المسيح!".