لماذا تغلق المساجد وتترك وسائل النقل العامة؟.. رد قوي لوزير الأوقاف
قال الدكتور مختار جمعة، وزير الأوقاف: إننا ما زلنا في حاجة إلى نقلة نوعية في فهم الخطاب الديني وفي حسن عرضه وقراءة الواقع الذي نعيشه قراءة واعية تراعي مستجدات العصر في ضوء حرصنا على ثوابت الشرع، رؤية تراعي بدقة بالغة ترتيب الأولويات، وفقه الواقع والمتاح.
وأضاف الوزير، في بيان اليوم الجمعة، أننا نحتاج إلى فقه النوازل، وفقه الموازنات، تنطلق من فهم واعٍ وعميق للقواعد الفقهية والأصولية، وأسس الاستدلال والاستنباط وملكة الاجتهاد، المبني على صحيح العلم وامتلاك أدواته، القادر على الإقناع ومخاطبة العقل المعاصر بالحجة والبرهان، الذي يدرك أن درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة وأن المتعدي النفع مقدم على قاصر النفع، وأن المصلحة العامة مقدمة على المصلحة الخاصة، وأن المفسدة اليسيرة قد تُحتمل لتحقيق المصلحة العظيمة.
وتابع أنه إن تكافأت المصلحة والمفسدة، قُدّم درء المفسدة على جلب المصلحة، وأن تحديد درجة المفسدة والمصلحة وترجيح جانب درء المفسدة على جانب جلب المصلحة أو العكس (تقديم جانب جلب المصلحة على درء المفسدة) هو اختصاص أهل الذكر والاختصاص في كل شيء.
وأوضح أنه في جانب الصحة تكون العبرة برأي أهل الطب، وفِي جانب الأمن والسلامة تكون برأي أهلهما، وهكذا في سائر الأمور.
ونوه بأنه في كثير من الأمور السابقة يُبنى الرأي الشرعي على الرأي العلمي التخصصي ولا يسبقه، وتلك أمور دقيقة لا يدركها سوي أهل العلم الحقيقي والاختصاص الحقيقي، غير أننا ابتلينا بأناس يخوضون في كل شيء ويتجرأون على الفتوى بغير علم، فضلوا وأضلوا وحادوا عن سواء السبيل.
وذكر أن التدين المبني على جهل أو أهواء من أخطر الأدواء، وإننا لفي حاجة إلى تدين مبني على العلم والعقل وإلى منطلقات أعمق في فهم الخطاب الديني العظيم فهما واعيا مستنيرا، وقد قالوا: فقيه واحد أو عالم واحد أشد على الشيطان من ألف عابد.
واستشهد بقول الحسن البصري (رحمه الله): إن قومًا طلبوا العبادة بدون علم فخرجوا على الناس بسيوفهم (يعني الخوارج) ولو طلبوا العلم لحجزهم عن ذلك.
وعن سؤال الناس: لماذا نغلق المساجد ونترك وسائل النقل العامة؟ أجاب بأن الحاكم في هذا وذاك هو المصلحة المعتبرة التي يقدرها أهل العلم والاختصاص معًا.
وأورد أن تعليق المساجد يتم لمصلحة معتبرة شرعًا قدرتها جميع المؤسسات الدينية بناء على رأي أهل الطب من أن التجمعات هي أخطر طرق نقل عدوى كورونا الذي يؤدي ببعض الناس إلى الوفاة كما هو حاصل ومعاين بمختلف دول العالم.
وأردف أن ديننا علَّمنا أن حياة الساجد قبل عمارة المساجد، وقد نظر نبينا (صلى الله عليه وسلم) إلى الكعبة وقال: "ما أعظمك وأعظم حرمتك ولكن دم المؤمن أعظم عند الله منك"، ومن رحمة الله (عز وجل) بِنَا أن جعل لنا الأرض مسجدا وطهورا.
واستكمل أن الدين الذي أمرنا بعمارة المساجد، هو الذي أمرنا بالصلاة في بيوتنا أو رحالنا، إذا كان في ذهابنا إلى المساجد خطر على النفس وخشية عليها من الهلاك، فهذا قائم على مراعاة المصلحة المعتبرة، وعمل وسائل النقل العام في الظرف الراهن، تقدر فيه المصلحة بقدرها اتساعا أو تحديدًا من أهل الاختصاص.
وأشار إلى أنه ما دام الوباء لم يستشر فإن مصالح الناس تقتضي ضرورة ذهاب الأطقم والكوادر الطبية إلى أماكن عملهم وكذلك الصيادلة وكذلك العاملون بالمخابز والمطاعم ومحلات الخضر والفواكه والبقالة ومحلات بيع المستلزمات الطبية والحياتية وكثير من الأعمال التي لا تسير حياة الناس بدونها، وذلك كله قائم على تقدير المصلحة ومبني عليها.
ولفت إلى أن الأمر في ذلك كله يرجع إلى ما يقدره ويقرره ولي الأمر أو من ينيبه من مؤسسات الدولة كل في مجال اختصاصه، والطاعة في ذلك واجبة والمخالفة إثم ومعصية.