"TRT".. قصة تجسس جديدة وتركيا المستفيد الأول
كان من المتعذر على المشاهد العربي أو التركي فهم ماتقوم به مجموعة قنوات "TRT" -التابعة لهيئة الإذاعة والتلفزيون التركية- بجمع واستخدام وإرسال البيانات الشخصية، من خلال طلب برسالة للمتابع على مواقع التواصل الاجتماعي وموقعها الإلكتروني، لتشمل الأسم وتاريخ الميلاد والبريد الإلكتروني ورقم الهاتف ومعلومات حول الجهاز.
وأصبحت القناة تطلب برسائلها معلومات عن "IP"، والذي هو عبارة عن رمز رقمي يعرف جهازكم ويعطي معلومات عن البلد أو المنطقة أو المدينة التي تتواجدون فيها، تطلب معلومات تتعلق بظروفكم الشخصية.
أما بأي مقدار تحفظ البيانات الشخصية للمتصفحين والمتابعين؛ فقد ردت القناة سنحتفظ بمعلوماتكم للمدة التي تكون فيها وثيقة الصلة مفيدة للغرض منها والذي تم جمعها لأجله من الأساس، كانت كل تلك الرسائل الغير معلنة كافية لفهم أجندتها التجسسية، والتي لا يعيها أغلب المتابعين لطيبة قلب وحسن ظن وربما عدم اكتراث.
ولم يكن يعلم سابقاً المتلقي عربياً كان أم تركياً علم اليقين، هل أحكمت القناة قبضتها التجسسية الالكترونية أم لم تحكمها، تلك القناة التي عبرت عن نفسها بمعرفاتها الرسمية أنها تغوص في أعماق الأحداث وتحليلاتها لتكون وفقاً لزعمها إنعكاسًا للمجتمع العربي وملتقى لشتى اختلافاته وتنوع أطيافه، كانت تستخدم عباراتها الرنانة التي تؤثر بالفرد العربي، كانت تعرف من أين تؤكل الكتف العربية.
وتأسست القناة التركية في أواخر ستينيات القرن العشرين عام 1968م، ولكنها أصدرت نسختها عربياً قبل عشرة أعوام كأول محطة تركية ناطقة بالعربية منذ عام 2010م، وافتتحت بموجب قرار حكومة حزب العدالة والتنمية بزعمها تدعيما للتواصل الثقافي بين العالم العربي وتركيا، كان كل هذا قبل التوصل لطريقتها التجسسية والاستخبارية، فقد كان المتابعين يألفوا ويعتبروا الشكل الخارجي شيئا أصيلا ينطوي عن قيمة حقيقية، فالقناة لاتجرؤ على الكشف عن خبثها اللاسع وسلوكها المتشامخ تجاه كل ماهو عربي.
وجاء ضم وزارة العدل الأمريكية الخدمة العالمية لهيئة الإذاعة والتلفزيون التركية الرسمية (تي آر تي وورلد) قبل أيام إلى قائمة العملاء الأجانب، والتي تشمل المؤسسات التي تمارس أنشطة اللوبيات داخل الولايات المتحدة الأمريكية سابقة أعادت إلى الأذهان إجراءات اتخذتها دول أوروبية العام الماضي، بحق أئمة أتراك قامت بترحيلهم بعد أن اتهمتهم بالتجسس وجمع معلومات عن المواطنين الأتراك ممن تصنفهم الحكومة التركية بأنهم من أنصار الداعية "فتح الله غولن"، الذي تتهمه وحركة "الخدمة" التابعة له بتدبير محاولة انقلاب فاشلة شهدتها تركيا عام 2016، والتي لاتزال تركيا تتابع انتقامها من معارضيها دوليا على نحو موصول.
وبعد كل ما أعلن مؤخرًا عن قنوات "TRT" الاستخبارية والتجسسية بنسخها العربية والتركية والانجليزية، وإعداد ونشر موادها الإعلامية الموجهه، رسمت المجموعة في وضوح بالغ الخط الفاصل بين ما تنتهجه عربيا بتمرير مسلسلاتها التركية والرياء الديني عبر بعض برامجها وأخبارها السياسية، وبين مايعلنه النظام التركي والتمايز بين الفضيلة والرذيلة، ليجنب تركيا مصيراً بالغ الشؤم.