أمير عزام يكتب: تَبَسمت فعانقها الحزن ابدا

ركن القراء

أمير عزام
أمير عزام


لم تكن تعرف شئ عنه مسبقاً ولم تكن تفكر في الأمر هكذا او بالأحرى يجب أن نعترف أنها لم تكن مستعدة لذلك وإلا لتغير الحال من حال الي آخر. 

 كل ما إقترب من الأرض جميل 
او كما قال لها بالعامية  " اُوزعه بس جدعه " 

تملك قلب تلك القصيرة ذات البشرة القمحية الداكنة بعض الشئ لكن وجهها مقبولاً جداً وجميل يكسوه بعض الحبوب لتطرز وجهها بأجمل التطريز اليدوي لمنقوشة تم تصديرها للخارج باغلي الأسعار. 

منطلقة وقوية جداً إلا معه،عنيدة جداً وكان ذلك سبباً لشر اتاها من حيث لا تدري، وعادة ما تكون احدي صفاتنا هي سبب إرهاقنا حتي ل كانت مميزة، فمثلاً تجد من هم طيبوا القلوب في في عناءٍ دائم وتجدهم أكثر الناس عُرضةً للخداع نظراً لثقتهم المفرطة. 

هو لم يكن ينوي الرحيل عنك  بل حاول أن يهاجر إليك من موضعٍ لا يعترف بالحب او بالاختيار كراويٍ قص حكايته في الحب فقالوا عليه مجنون وفقير الأدب، كطائر أراد الهجرة من أرض قاحلة لا زرع بها ولا ماء إلي أرض خصبة مليئة بالأمل ليعيش بها ويعمر من نسله طيور تؤمن بالحرية وتسعي للحصول عليها ولا تفرض عليه قيود او قواعد دنيئة تدمره بغرض الحفاظ عليه. 

وكعادة حياته لابد وأن ينجرف الخوف داخل كل حلم يحلم به ويتسلل الظلام ليسرق منه النهار، ولصدق نيته تأبي الشمس ألا تُضئ نهاره مرة أخرى وتقبض من الليل كل ساعاته في طلعة الفجر، ويأتي الليل متسللاً مرة أخري فتحاربة الشمس مجدداً وتنتصر ويظل هو في هذا المدار أبدا، فلا هو يعرف سنة الكون في نهارٍ ملئ بالشغف ويجب عليك أن تقتنص كل ما اتيح لك من صيد حتي تنعم به حراً طليقاً، ولا هو يعرف أن الليل ختاماً لشغفٍ أرهق صاحبه فعليه أن يَسكُن ليله ويحتضن حبيبه ويشحن قلبه وجسده بعشق يجعله قادراً علي مواجهة ضوء النهار واقتناص كل جميل مرة أخري، لكنه يظل ساعياً في الليل مفكراً وفي النهار مرهقاً بما سلف ليله. 

اري أنكِ قَسوتِ عليه كثيراً !

لقد كنتِ صغيرة وقلبك كصغيرٍ يحبو تجاه صدر امه ليأخذ من عظامها ولحمها وقوتها فتشيخ هي وتصيبها الأمراض نقصاّ لكالسيوم او لصوديوم وهي في غاية السعادة، وعلي الجانب الاخر كان هو في وقت شاب فيه قلبه فلم يعد قادراً علي إعطائك سوا الحكمة والأمان والموعظة، وقد يعطيك دفئ المشاعر لكن ليس لهبتها، قد يعطيك متعة الحب لكن ليس نشوته. 

هو لم يكن يملك الوقت الكافي ليتشاجر معك او يقضي شهوراً متواصلة محاولاً ترويدك حتي لا يكسر عِنادك بالرحيل عنك او جعلك اثيرته عِوضاً عن ذلك، فتصبحي كطائرٍ مقيدٍ بخيط محكم فإن عافرتي كُسرت اضلاعك وإن رضختي عِشتي ذليلة. 

هو فيك كان كشيخ قبيلة قُتل أحد أفراد قبيلته فثار عليه الشباب ثائراً لفقيدهم فقال إني برئ منكم، أيكون فينا مقتولاً ومسجوناً او مذنباّ.! الله الله ما شابت لحيتي وهَرُم عظمي كي اراكم هكذا، فافديكم بروحي وقلبي وجوارحي وعفونا عما قد سلف، فأصابه قومه بالخذي والضعف والخبّل إلا قليلاً كان فيهم حكمة أصابوا قوله .


الأمر بسيط جداً لم يكن يدّعي كل هذه الحرب الباردة فهو ارهقته الحياة رُغم صِغر سنه فأراد مَسكَناً يريح فيه بدنه واراد قلب يتسعه ولم يكن يملك قوة كافية ليبادلك كل ما تريدينه،أنت مشاغبة صغيرة تريد من الحياة كل شئ ولم تستطع الحياة النيل منك بعد، فداخلك طاقة تؤهلك لتجوبي الأرض بحثاً عن قلبٍ يشبهك صغيراً وشاباً لا تكسوه علامات الشيب. 

كلاكما يبحث عما ينقصه فلا داعي لإبراز نقاط الضعف لبعضكم البعض، لا مزيد من العتاب فالقلوب لم تعد قادرة علي تحمل المزيد من الأسى، لا تجعلوا الأعداء ترقص فوق حطام اعمدتكم .