منال لاشين تكتب: نساء وزعماء
فى يوم المرأة المصرية
عبدالناصر تدخل من أجل السماح لوزيرة بالسفر بعد رفض زوجها
مبارك يدعم وزيرة شهيرة فى مواجهة غيرة زوجها المهنية
السيسي: النساء فى المناصب القيادية لم يخذلننى
على الرغم من أن المرأة المصرية نالت الكثير من حقوقها وعلى الرغم من أنها سبقت الكثير من نساء العرب والأجانب فى كثير، رغم هذا وذاك إلا أن طريق المرأة فى السلطة كان صعبًا، وربما كان أصعب كثيرًا من معاناة العمل للوصول للمنصب الكبير والالتحاق بنادى الصفوة والسلطة.
معظم الرجال يرفضون من أعماقهم فكرة تفوق الزوجة ووصولها إلى مناصب سياسية حتى لو كان الرجل متحققًا فى عمله وحياته العملية، الكل يرفض تعبير زوج الوزيرة أو المسئولة حتى إن الحكومة بل كل أجهزة الدولة اعتادت ألا توجه دعوات رسمية لأزواج نساء السلطة فى المناسبات العامة، وكأن الجهات الرسمية ترى فى الأمر حرجا للرجال، بل إن الأمر امتد إلى المناسبات الاجتماعية فنادرًا ما نرى زوج الوزيرة أو أى مسئولة كبيرة معها فى إحدى حفلات الزفاف على سبيل المثال، أعرف زوجا لإحدى الوزيرات السابقات كان يرفض أن يجلس بجوارها فى أى حفلة، وكان يتركها عند الباب ويفر هاربا كأنه يتهرب من وصمة زوج الوزيرة، وقد كنت أصاب بالدهشة من موقفه فهو رجل ناجح جدًا وشهير جدًا.
بعيدا عن الأضواء والحراسة لم تكن نسبة كثيرة من نساء السلطة فى مصر سعيدات فى حياتهن الاجتماعية، بل إن بعضهن دفعن ثمنًا فادحًا لنجاحهن فى الحياة العملية، وهذا الأمر يثبت أن المجتمع لا يزال بعيدا عن تعمق وتغلغل فكرة المساواة بين الرجل والمرأة، ربما تحسن الوضع قليلا وأصبحت وزيرات اليوم أًكثر حظا ممن سبقنهن إلى نادى النخبة، ولكن التقدم على مستوى المرأة الموظفة لا يزال يحمل الكثير من الظلم والهيمنة الذكورية، كل يوم والمرأة المصرية فى أحسن حال وأرقى المواقع. خاصة أن الرئيس السيسى يبدو مصممًا وكريمًا فى دعم المرأة وفى ثقته بها، فقد قال لبعض مساعديه أن كل النساء اللاتى اختارهن لم تخذله أحداهن.
1- ممنوعة من السفر
كانت هذه السيدة العظيمة من أوائل المصريات اللاتى وصلن إلى مقعد فى نادى السلطة، فقد كانت ناشطة جدا فى قضايا المرأة والطفل ولم تكن أقل حماسًا فى القضايا الوطنية، حتى قبل وصولها للمنصب الرفيع كانت مشهورة جدا، وكانت صورها فى الصحف والمجلات تنشر بشكل شبه يومى، وأخبارها محل متابعة ممزوجة بالإعجاب من النساء والرجال المتنورين على حد سواء، ولذلك كان بديهيًا أن يقع اختيار الرئيس الراحل جمال عبد الناصر عليها لتنضم إلى نادى الكبار، وفى البداية لم يظهر زوجها لا غضبا ولا سرورا ولاحزنا، وتظاهر أن الأمر لا يعنيه من بعيد أو قريب، ولكنه كان يضمر غضبًا فى قلبه وتحت جلده، خطط فى سرية تامة لإحراج زوجته أمام الجميع بما فى ذلك الرئيس، انتظر الزوج أول زيارة عمل رسمية ستقوم بها زوجته للخارج، وفجر ما تصور أنها قنبلة ستنفجر فى وجه زوجته، فى ذلك الوقت لم يكن مسموحًا للزوجة أن تسافر إلا بإذن كتابى من زوجها، فرفض أن يعطى زوجته إذنا بالسفر، وتصور أنه أوقف قطار نجاحها وهدم كل ما بنته خلال السنوات، إلا أن القنبلة انفجرت فى وجهه شخصيًا، فقد تم رفع الأمر إلى الرئيس شخصيا، فأمر وزير الداخلية بالتجاوز عن الإذن بوصفها صاحبة جواز سفر دبلوماسى، وبالفعل أصدر الوزير قرارًا بهذا المعنى، فسافرت الزوجة، وخسر الزوج احترام الجميع، عرفوا ما كان يخفيه من حقد وغيرة من زوجته أو بالأحرى نجاحها، ولم يصل فى حياته إلى مناصب رفيعة على الإطلاق، وإن ظل خميرة عكننة على زوجته.
2- هدية مسمومة
بعد مرور أكثر من ربع قرن «25 سنة» لم تتغير عقلية الرجال كثيرا، بقى ذلك الفكر الذكورى كامنا تحت أحدث صيحات البدل، فنحن لا نأخذ من التقدم إلا القشور فقط، كان ذلك الرجل يشعر بأن زوجته على وشك تولى منصب وزارى، كل التفاصيل تجمعت لتصنع لها سلما إلى الانضمام للحكومة، وكان هو يطمع فى أن يختير وزيرًا أو محافظًا فهو أستاذ جامعى بارز ورئيس بأحد الأقسام بكليته، وقد سبقه عدد من زملائه لهذه المناصب، كان وجيها جدًا وأشيك أستاذ جامعى ويتحدث عدة لغات، ولكن كل هذه المواصفات لم تصمد أمام كفاءة زوجته التى يعرفها الجميع وقربها من منطقة أقصى درجات النفوذ، ولذلك اختيرت الزوجة وزيرة بالفعل، وجن جنون الزوج فقد أقنعه بعض أصدقاء السوء أن اختيارها وزيرة سيحرمه من أى منصب كبير أو قيادى، قرر الزوج أن ينتقم من زوجته أشد وأسوأ وأقسى انتقام، فبدلا من أن يقدم لزوجته هدية تليق بالمنصب وكفاحهما معا، قرر أن يقدم لها هدية مسمومة وخنجرا يطنعها به أمام الجميع، أراد أن يخلق لها فضيحة تتحول إلى نميمة المجتمعات، فبعد تولى زوجته المنصب بفترة قصيرة جدا أعلن عن زواجه من إحدى الطالبات الجميلات جدا فى كليته، وذلك بعد أن كان يخفى علاقته الغرامية بالفتاة وغيرها من النساء، أراد أن يطعنها كزوجة فشلت فى الحفاظ على زوجها، وهرب زوجها من تكشيرتها إلى نساء أخريات، أراد أن يثبت بشكل عملى أنها فاشلة فى الحفاظ على أسرتها، فكيف ستنجح فى مهمتها، ففاقد الشىء لا يعطيه، على الرغم من فضائحه الكثيرة لم تطلب الزوجة الطلاق، فحتى الوزيرة بكفاءتها ومنصبها الرفيع كانت تخشى فى ذلك الوقت أن تحمل لقب مطلقة، حزنت جدا عندما عرفت قصة هذه الوزيرة السابقة، فقد تحملت عذابا يصعب على البشر تحمل نصفه، كانت تستمع من بعض زملائها من الوزراء والمرءوسين تلميحات على علاقات زوجها، فتتأمل صامتة وترسم على وجهها نظرة محايدة، وذلك حتى لا تعرى آلامها وحزنها، وأظن أن هذه النظرة أو بالأحرى الانطباع اختلط بوجهها، والتصق به بقية عمرها، ولكنها وجدت مساندة من الرئيس السابق مبارك، الذى طمأنها على استمرارها وقال لها: «ماتخافيش من اللى بيعمله جوزك»، وعلى غرار المآسى الإغريقية لم يرحمها قدرها، فقد أصيب الزوج بجلطة أقعدته عن المشى لفترة طويلة وأصابته الجلطة بعدة أمراض أخرى، وكان على الزوجة أن تتحمله فى مرضه وتقف بكل قوتها ونفوذها لعلاجه، فالمجتمع علمها ألا تتخلى عن زوجها فى أزمته، ولكنه نسى أن يعلمها أن ترد على هذا الزوج حين يسبب لها أزمات وأزمات.
3- ابتزاز زوجى
ربما تكون الوزيرات فى عهد الرئيس السيسى أسعد حظا، فلم يتعرضن للمتاعب الكثيرة والمتعددة من أزواجهن، بالطبع نادرا ما يحضر زوج إحدى الوزيرات معها فى المناسبات العامة، ولكن الجيل السابق من الوزيرات والمسئولات تعرضن للكثير من الظلم الذكورى من أزواجهن، فقد تعرضت أكثر من واحدة منهن فى عصرى السادات ومبارك إلى الابتزاز، نعم الابتزاز، فعلى الرغم من علاقة الصداقة بينها وبين زوجة الرئيس السابق لم تنج إحدى الوزيرات من ابتزاز زوجها، كان الرجل يملك شركة صغيرة فى نفس مجال ملفات وزارة زوجته، استغل خوف زوجته من أن يطلقها أو يتسبب فى فضائح لها، فساومها على الاستفادة من عملها، حصل على مزايا أكبر من شركته وبدأ يتعامل فى السوق كأنه الكبير الذى لا يرد له كلمة، ولذلك سرعان ما خسرت هذه الزوجة منصبها الوزارى، بل تقدم أحد نواب المعارضة باستجواب ضدها فى مجلس الشعب، وكان محور الاستجواب أو بالأحرى كل التهم به حول استغلال زوج الوزيرة لمنصبها والحصول على منافع.
الحالة الأخرى لإحدى المسئولات، كانت متزوجة من سفير، وعندما دق الحظ بابها، وجاءها المنصب الرفيع الذى ظلت تحلم به سنوات عملها الطويلة والمشرفة، عندما تحقق الحلم كان اختير الزوج للعمل فى بلد بعيد جدا عن مصر، حاولت الزوجة أن تقنعه بأن يعتذر عن هذه الدولة ويطلب نقله فى سفارة بلد قريب من مصر، ولكن الزوج أبى واعتبر أن ذلك الطلب يحط من قدره، خيرها بين أن تضحى هى بالمنصب أو تترك له حرية الزواج بأخرى، صدمت الزوجة من منطق زوجها السفير المثقف الذى لف وطاف فى أرجاء الدنيا، فالرجل الذى يتكلم عدة لغات لا يزال يتحدث بمنطق جده وجد جده، المرأة يجب أن تضحى بكل شىء وتتبع زوجها، ولا يحق للمرأة التى تترك زوجها وحيدا أن تحاسبه على خيانة أو زواج فقد سقط حقها فى محاسبته، باختصار وعلى بلاطة زوجها يبتزها عاطفيا، حاولت الزوجة أن تقنعه أن عمله فى بلد قريب سيمكنهما من الزيارات الكثيرة لها أو له، فكان رده أنه لا يريد أن يترك فرصة العمل فى هذه الدولة المهمة من أجل رؤيتها، وهكذا تباعدت المسافات الجغرافية والعاطفية بينهما، لم تصبنى قصتها بالدهشة، ولكن أصابتنى بعض ردود أفعال المقربين بالجنون، معظم المقربين منها يوجهون لها اللوم لأنها لم تترك المنصب والدنيا وتذهب وراء زوجها، فقدر المرأة لا يزال أن تضحى من أجل زوجها، ولكن الزوج لم ولن يطالب بمثل هذه التضحية فى مجتمعنا الذكورى حتى النخاع، ففى الوقت الذى حصل الرجل على إجازة تربية الطفل، لايزال الرجل المصرى يتصور أنه مركز الأسرة والسلطان عليها، وأن زوجته هى مجرد ظل له، ظل يتبعه حيثما شاء وكان وحل، بل إن إحدى السفيرات طلقها زوجها لأنها سبقته فى الترقية، وكان من الممكن أن توفر لهما الخارجية فرصة عمل معا فى سفارة مصر بإحدى الدول، ولكن الزوج رفض أن يعمل تحت قيادة زوجته، لأنه يرى فى ذلك الوضع إهانة لرجولته، وفضل الزوج أن يعمل فى سفارة أخرى ببلد آخر ممزقا شمل الأسرة، مرة أخرى وجد هذا الرجل أنصارًا ومتعاطفين من أرقى المستويات.