بسبب كورونا.. البابا فرنسيس يلقى عظته الأسبوعية عبر الإنترنت
ألقى البابا فرنسيس الثاني، بابا الفاتيكان، اليوم الأربعاء، عظته الإسبوعية، عبر الإنترنت من مكتبة بالقصر الرسولي بدلًا من اللقاء التقليدي معهم في ساحة القديس بطرس، بقصر الفاتيكان، يأتي ذلك في إطار إجراءات وقائية أمام انتشار فيروس الكورونا.
وتحدث فرنسيس عن إنجيل يسوع، مُتأملًا حول درب السعادة المنيرة التي سلّمنا الله إياها من خلال التطويبات ونصل إلى التطويب الرابع: "طوبى لِلْجياعِ والعِطاشِ إِلى البِرّ فإِنَّهم يُشبَعون" (متى ٥، ٦).
وقال بابا الفاتيكان: لقد تحدّثنا سابقًا عن فقر الروح وعن البكاء، أما الآن فسنتحدّث عن نوع آخر من الضعف ذلك المتعلّق بالجوع والعطش، موضحًا أن الجوع والعطش هما حاجتان أساسيّتان يتعلقان بالبقاء على قيد الحياة، وبالتالي ينبغي أن نشدّد على هذا الأمر إذ لا يتعلّق الأمر برغبة شائعة وإنما بضرورة حيوية ويوميّة كالغذاء.
وأضاف: لكن ماذا يعني الجوع والعطش إلى البر؟ نحن لا نتحدّث بالتأكيد عن الذين يريدون الإنتقام، لا بل فقد تحدّثنا في التطويب السابق عن الوداعة.
وتابع: أعمال الظلم تجرح البشرية بالتأكيد؛ والمجتمع البشري يحتاج بشكل ملحٍّ للمساواة والحقيقة والعدالة الاجتماعية؛ ونذكّر على الفور أنَّ الشرّ الذي يتعرّض له النساء والرجال في العالم يبلغ إلى قلب الله الآب، وأي أب لا يتألّم بسبب ألم أبنائه؟.
وأكد البابا أن الكتاب المقدس يحدثنا عن ألم الفقراء والمُضطَهَدين الذي يعرفه الله ويتقاسمه معهم. ولأنّه سمع صرخة الاضطهاد التي رفعها أبناء إسرائيل – كما يخبر سفر الخروج – نزل الله لينقذ شعبه، مضيفًا: كن الجوع والعطش إلى البر الذي يتحدث عنه الرب هو أعمق من الحاجة الشرعية للعدالة البشرية التي يحملها كل إنسان في قلبه. ففي "عظة الجبل" عينها يتحدّث يسوع عن عدالة أكبر من الحق البشري أو الكمال الشخصي إذ يقول: "إِن لم يَزِد بِرُّكُم على بِرِّ الكَتَبَةِ والفِرِّيسيِّين، لا تَدخُلوا مَلكوتَ السَّموات" (متى ٥، ٢٠) وهذا هو البر الذي يأتي من الله.
وواصل: يقول نجد في الكتاب المقدّس تعبيرًا عن عطش أعمق من العطش الجسدي، وهو رغبة وُضعت في أساس كياننا. يقول أحد المزامير: "يَا اللهُ، إِلَهِي أَنْتَ. إِلَيْكَ أُبَكِّرُ. عَطِشَتْ إِلَيْكَ نَفْسِي، يَشْتَاقُ إِلَيْكَ جَسَدِي فِي أَرْضٍ نَاشِفَةٍ وَيَابِسَةٍ بِلَا مَاءٍ" (مزمور ٦٣، ١). كذلك يتحدّث آباء الكنيسة عن هذا القلق الذي يقيم في قلب الإنسان، فيقول القديس أغوسطينوس: "لقد خلقتنا لك يا رب وقلبنا لن يرتاح إلا فيك" وبالتالي هناك عطش داخلي وجوع داخلي وقلق.
ولفت الي أن في قلب الإنسان الفاسد والبعيد عن الخير، يختبئ توق نحو النور، حتى وإن كان تحت حطام الخداع والخطأ هناك على الدوام عطش إلى الحقيقة والخير، وهذ هو العطش إلى الله.
وأوضح أن الروح القدس هو الذي يولِّد هذا العطش: إنه الماء الحي الذي طبع ترابنا، وهو النفس الخالق الذي منحه الحياة، لافتًا الي أن الكنيسة قد أُرسلت لكي تُعلن للجميع كلمة الله المطبوعة بالروح القدس لأنَّ إنجيل يسوع هو العدالة الأسمى التي يمكن تقديمها لقلب البشرية التي تحتاج للعدالة بشكل حيوي حتى وإن لم تُدرك ذلك، فعلى سبيل المثال عندما يتزوج رجل وامرأة يكون لديهما النيّة في القيام بشيء كبير وجميل فإن حافظا على هذا العطش حيًا فسيجدان على الدوام الدرب للمضي قدمًا وسط المشاكل بمساعدة النعمة، مضيفًا: حتى الشباب يملكون هذا الجوع أيضًا ولا يجب أن يضيّعوه أبدًا! علينا أن نحمي ونغذّي في قلوب الأطفال تلك الرغبة في الحب والحنان والاستقبال التي يعبرون عنها في اندفاعاتهم الصادقة والمنيرة.
ووجّه الأب الأقدس ندًاء قال فيه: أرغب في هذا الوقت أن أتوجّه إلى جميع مرضى فيروس الكورونا والذين يتألمون بسببه والذين يتألّمون بسبب الشكوك حول أمراضهم. أشكر من كل قلبي جميع العاملين في المستشفيات والأطباء والممرضات والممرضين والمتطوعين الذين يقفون في هذا الوقت العصيب إلى جانب جميع الأشخاص الذين يتألّمون.
وفي ختام كلمته، قدم قداسته الشكر إلي جميع المسيحيين وجميع الرجال والنساء ذوي الإرادة الصالحة الذين يصلّون من أجل هذه المرحلة متّحدين بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية، قائلًا: أشكركم من كل قلبي على جهودكم، لكنني لا أريد أن ينسينا هذا الألم وهذا الوباء إخوتنا السوريين الذين يعانون عند حدود اليونان وتركيا، إنهم شعب يتألّم منذ سنوات وعليهم أن يهربوا من الحرب والجوع والأمراض، لا ننسينَّ إذًا إخوتنا وأخواتنا والعديد من الأطفال الذين يتألّمون هناك.