سامي جعفر يكتب: البطلة.. هالة زايد
نملك شجاعة الإشادة بالمسئول عندما يؤدى واجبه.. وهواة نشر الفزع على السوشيال ميديا أخطر من "كورونا"
بينما يتعامل العالم بجدية مع الخطر المحتمل لفيروس كورونا، والخسائر التى لحقت بالفعل بدول وقطاعات كثيرة، يلجأ مواطنون كثيرون لموقف شديد الغرابة، متناقض ومؤذ فى الوقت نفسه.
على ساحة السوشيال ميديا يشكك كثيرون فى قدرة الحكومة على اتخاذ إجراءات احترازية أثمرت حتى الآن عن عدم زيادة عدد المصابين بالفيروس، رغم أن منظمة الصحة العالمية أشادت بالطريقة الحكومية فى إدارة التعامل مع كورونا.
المدهش أنه مع ظهور مئات الإصابات فى دول كثيرة أغلبها أكثر تقدماً من مصر فى مجال الرعاية الصحية وغيرها من القطاعات إلا أن القطاع الشامت الذى يبحث عن مصيبة إن لم يجدها لم يستوعب بعد أن ظهور حالتى إصابة فقط فى مصر دليل على تطور قدرة الحكومة ووزارة الصحة على التعامل حتى الآن مع خطر رهيب محتمل.
وسط هذا يجب الاعتراف بأن الدكتورة هالة زايد، وزيرة الصحة، والفرق الطبية على مستوى الجمهورية، أبطال، بداية ممن قاموا بشجاعة لافتة باستقبال المصريين العائدين من مدينة ووهان الصينية بؤرة تفشى الفيروس مخاطرين بحياتهم تطوعاً فى مواجهة فيروس لم يكن له علاج حاسم بعد.
تستحق الوزيرة هالة زايد، الإشادة فى قضية مواجهة كورونا، خصوصاً أنها شخصياً كانت تراجع الإجراءات بنفسها وتشرف على كل تفصيلة تخص الحجر الصحى للعائدين من الصين، ثم خاطرت بنفسها وتوجهت بوفد من الوزارة إلى بكين نفسها ليس لتحمل تضامن مصر مع الصين فى أزمتها الخانقة ولكن لأن الزيارة كانت بهدف حماية بلدها من وباء قد يعيد مصر سنوات إلى الوراء مع الآثار الاقتصادية التى بدأت تظهر على بورصات العالم وعلى سعر النفط وغيره.
هدف زيارة هالة زايد إلى الصين الاطلاع بدرجة أكبر على الإجراءات الصينية فى مكافحة التفشى والحصول على معلومات فنية وهى مهمة لا يقبلها سوى جندى مستعد لتنفيذ مهمة حتى لو كان الثمن حياته وهذا الوصف ليس مبالغة لأن مسئولين حول العالم أصيبوا بالعدوى وهم فى مكان يبعد عن بؤرة التفشى فما الحال إذا كان الزائر يذهب بنفسه إلى الصين بدلاً من الهروب منها.
لا تطلب الحكومة من مواطنيها فى هذه الأزمة سوى أن يلتزموا بالإجراءات الوقائية التى تحميهم هم فى الأساس، خصوصاً أن الحكومة ليست مجرد عشرات الأشخاص الذين يعيشوا فى برج عاجى ولكن الوزارات هم أعداد كبيرة من المواطنين الملتزمين بواجبهم الوظيفى والأخلاقى فى رعاية بقية الشعب.
وفى هذه الحالة أقل ما يقدمه هواة التنكيت والتبكيت على السوشيال ميديا أن يجربوا ألا ينشروا الشائعات وألا يقللوا من الجهود الصادقة وألا يهونوا من المصائب أو يهولونها، وأن يفكروا ولو مرة فى الأمهات والآباء الذين تصيبهم نكتة الفيس بوك والصورة المفبركة بالرعب على مصير أبنائهم فى المدارس، وما يمكن أن يصيب الاقتصاد الوطنى من أضرار قد تعيدنا مرة أخرى إلى الوراء وسنضطر إلى تحمل مزيد من الصعوبات فى المعيشة ونحن لم نحصل على ثمار سنوات الألم الماضية.
نشيد بالدكتورة هالة زايد وزيرة الصحة، لأنها تستحق، وعشرات التقارير الصحفية التى نشرتها «الفجر» تشهد لها بأنها قادرة على انتقاد أى مسئول بشجاعة وأنها قادرة على أن تصف الأعور بما يستحق ولكن الصحافة قد تختار أيضاً بشجاعة أن تشيد بمسئول لأنه أدى عمله كما ينبغى وسط مجتمع يأكل نفسه ويحبط أبناءه وكأنه يحارب نفسه بدلاً من الخصوم.
البعض يفكر فى تنظيم استقبال للوزيرة لدى وصولها إلى أرض الوطن سالمة كما نتمنى لها ولجميع مرافقيها، وغالبا ًسترفض الوزيرة هذا التوجه حرصاً على حياة وصحة مستقبليها.