د. بهاء حلمي يكتب: البيروقراطية فى مواجهة التحول الرقمي
فى الوقت الذى يقف فيه العالم تقديرًا وإجلالاً أمام ظاهرة تعامد الشمس على وجه الملك رمسيس الثانى فى معبده بأبو سمبل، والتى تتجلى فيها عظمة القدماء المصريين وما توصلوا إليه من تقدم ومعرفة فى العلوم المختلفة.
وفى الوقت الذى يشهد فيه الجميع المشروعات القومية العملاقة والجهود المبذولة فى عمليات الإصلاح الاقتصادى، ومدى قدرة المصريين على المضى قدمًا فى طريق تحويل مصر إلى دولة متقدمة تحقق آمال وطموحات الأجيال المختلفة فى المستقبل القريب.
نرى بحر البيروقراطية الذى يغرق فيه المصريون عند تعاملهم مع كثير من المؤسسات والهيئات والجهات الحكومية والخدمية المختلفة على الرغم من محاولات الدولة لمواجهة ذلك من خلال خطط التحول الرقمى.
إن البيروقراطية والروتين والإهمال والفساد أوجه متعددة لفكر وعقلية واحدة مؤداها تعطيل مصالح الناس وإصابتهم بالإحباط واليأس مما يرسخ صورة ذهنية سيئة عن جهود الدولة فى مكافحة تلك الجرائم التى تعيق التنمية وتؤثر على الاقتصاد والأمن القومى.
مما لا شك فيه أن التحول الرقمى يُعد إحدى الوسائل الرئيسية لمكافحة الفساد، وخلق قواعد بيانات جديدة، وتوفير للوقت وحسن إدارته، وخفض التكلفة وزيادة الإنتاج.
وتم الإعلان عن التحول الرقمى فى كثير من الجهات مثل مكاتب الشهر العقارى وغيره من الهيئات المختلفة إضافة إلى تعميم فكرة الدفع الإلكترونى وهى وسائل فعاله إذا ما تم الالتزام بها.
ولكن يبدو أن للبيروقراطية المصرية مخالب وأنيابا وأذرعا ظاهرة وخفية تشكل شبكة عنكبوتية تمزج بين القوانين والعقليات والسياسات لخلق أفكار مبتكرة وبشكل دورى فى فنون تعطيل الناس حتى لو كان ذلك تحت مظلة التحول الرقمى.
من المسلم به أن عمليات التحول الرقمى تتطلب نفقات وشبكات وتجهيزات كثيرة بجانب إعداد وتأهيل العاملين وقيادات إدارية واعية تجيد المتابعة الميدانية.
وطالما تركنا عمليات إعداد برامج التحول الرقمى للوزارات والمؤسسات والجهات الخدمية دون معايير وضوابط محددة، سيبقى الحال كما هو عليه الآن فى كثير من الجهات التى شملها هذا التطوير لا يعدو إلا تغييرًا فى الشكل فقط.
فمازال يطلب من المواطن تصوير إيصال السداد الإلكترونى فى بعض الجهات على الرغم من وجود شبكة بين أجهزة الحاسب بمنفذين متلاصقين داخل موقع واحد ليخرج فى رحلة البحث عن مكان للتصوير.
وفى إحدى المحاكم يتم تقديم طلب لمعرفة القرار فى دعوى خاصة من الجدول فى الدور السابع ليتم تقدير الرسوم وقدرها جنيهان، وتنزل للدور الأرضى لتأخذ دورك فى الطابور لتحصل على إيصال السداد لتعيد رحلة الصعود للدور السابع دون مصعد.
لذلك من المهم إنشاء شركة متخصصة فى تحليل وتصميم البرامج لها صلاحية تقييم كفاءة برامج التحول الرقمى، والترخيص بتشغيلها، على أن تتبع هذه الشركة إحدى الجهات السيادية أو الرقابية لضمان حماية وتأمين المعلومات والتأكد من جدية وموضوعية التحول الإلكترونى، وللحديث بقية.