مصطفى عمار يكتب: الرئيس مبارك.. سلاما على روحك
مات الرئيس السابق حسنى مبارك فى نفس الشهر الذى رحل فيه عن حكم مصر، 9 سنوات كاملة ما بين التخلى عن الحكم والرحيل، سنوات من الخوف والقلق والترقب والفوضى وصولاً إلى الاستقرار والأمان، أغلب من كره فترة حكمه ولعنوها وطالبوا برحيله، راجعوا مواقفهم، عرفوا أنهم أخطأوا فى حقه، بالطبع كان لديه أخطاء، فهو لم يكن معصوماً، لكن أخطاءه وإن كثرت لم تكن كافية لأن نحكم عليه بإلصاق لقب المخلوع به، مبارك رحل عن الحكم وقرر أن يبقى فى مصر مهما كانت العواقب، قال فى خطابه الشهير، «أريد أن أحيا وأموت على أرض هذا الوطن» ومنحه القدر ما تمنى، لم يمت غريباً فى وطن غير وطنه، ولم يمت هارباً ومختبئاً فى دولة غير مصر، عاش سنوات عمره مخلصاً لشرف بدلته العسكرية، ووطنه، لم نسمع فى كل التهم المنسوبة إليه أنه تآمر مع دولة أخرى على مصر، ولم يسلم دولة أخرى مستندات ووثائق تمس الأمن القومى المصرى، لم يقل يوماً «فلتذهب مصر فى ستين داهية»، احترم تاريخه وقانون وطنه، مثل أمام القضاء، وتمت محاكته وبرأه القضاء من جميع التهم المنسوبة إليه، التزم الصمت وفضل مصلحة وطنه على مصلحته الشخصية، وطوال التسع سنوات لم يخرج بتصريح واحد يحدث بلبلة أو يأخذ عليه، فهو كما عرفناه ملتزم بكونه ابنا من أبناء المؤسسة العسكرية وأحد رموز حرب أكتوبر المجيدة، أكتب هذه الشهادة اليوم بعد رحيله، لأننى كنت يوماً واحداً من المخدوعين بوهم مبارك الفاسد، كتبت مقالات عديدة عقب قيام ثورة يناير، وبعدها أطالب فيها برحيله ومحاكمته، وبمرور السنوات أيقنت أن مبارك كان وطنيًا ومخلصًا أكثر ألف مرة ممن أزاحوه وساهموا فى رحيله عن الحكم، أدركت أننى أخطأت فى تقييمه وفى اختصار سنوات حكمه فى السنوات الأخيرة لها ، لم أدرك أن قراره بترك الحكم والانصياع لأحكام القضاء والصمت عن الحديث فى قضايا تخص الأمن القومى، أشياء لا يقدم على فعلها سوى الرجال المخلصين لوطنهم وشرفهم، فرحت بعد أن اتخذت الدولة المصرية موقفاً راقياً بعد رحيله، وبعد أن نعت مؤسسات الدولة رحيله، دمعت عيناى عندما سمعت بيان القوات المسلحة وهو ينعى واحداً من أبنائه المخلصين، الذين شاركوا فى حرب أكتوبر المجيدة، سعدت بقرار الدولة بإقامة جنازة عسكرية تليق به وبتاريخه العسكرى، وبإعلان الحداد ثلاثة أيام على رحيله، إن لم نحزن لرحيل المخلصين والشرفاء ونقدرهم، فعلى من سنحزن ونعلن الحداد، على الخونة وبائعى الأوطان لصالح جماعتهم، شتان الفارق بين من يحترم تراب وطنه ويقدسه، وبين من يحترم تراب مرشده ويقدسه، لهذا نحزن على الرئيس السابق، ونرثيه فى كتابتنا، ولا نخجل من أن نراجع مواقفنا تجاهه، ونعلن خطأنا، هكذا نتعلم بمرور السنوات، أن الشرفاء يدفعون ثمن تزييف الحقيقة واللعب بالعقول، وكما قال الرئيس السابق مبارك فى خطاب تنحيه عن الحكم، «سأترك الحكم للتاريخ، ليحكم بما لنا وما علينا» قال اليوم التاريخ كلمته بعد رحيله، بينما ألقى التاريخ من خانوا مصر وتآمروا عليها فى أقرب صفيحة قمامة، سلاماً على روح مبارك الطيبة.