"كورونا".. كيف حمت كوريا الشمالية نفسها من الفيروس حتى الآن؟
بدأ فيروس "كورونا" في الانتشار بالصين وقارات العالم كله، ولكن من الغريب أن أقرب دولة إلى بكين "نجت"، من إعصار الفيروس المميت الجديد.
هذا ولم تعلن كوريا الشمالية حتى اليوم الجمعة، عن وجود أي إصابة بفيروس كورونا، علمًا بأنه لا يمكن التثبت بشكل قاطع من المعلومات الواردة من بيونج يانج بسبب الرقابة الصارمة على المعلومات، ويبدو أن هناك عدة أسباب دفعت نحو عدم وجود مصتابين حتى الآن في الدولة الشيوعية المنعزلة.
وصرح نائب وزير الصحة العامة في كوريا الشمالية، يوم أمس الخميس، بأن "البلاد ستبقي على إغلاق الحدود حتى إيجاد علاج للفيروس"، حسبما أفادت تقارير إعلامية.
ويظهر هذا التصريح بجانب مجموعة من الإجراءات الصارمة، التي اتخذتها مدينة بيونج يانج منذ بداية انتشار الفيروس منذ حوالي شهرين.
وأطلقت بيونج يانج "حملة لمكافحة الفيروس"، تتمثل في زيارات إلى المنازل للتحقق من صحة السكان أو إرسال شاحنات في جولات للتذكير عبر مكبرات للصوت بإرشادات النظافة، ودعوة المواطنين لـ"الطاعة المطلقة" لإرشادات السلطات الصحية.
كما مددت السلطات في كوريا الشمالية إجازة الشتاء بالنسبة إلى الأطفال في المدارس، ومنذ ايام فرضت السلطات حظرًا مؤقتًا على تشغيل المرافق العامة في البلاد.
ومن بين الإجراءات المشددة أيضًا، وضع الأشخاص الأجانب الذين يريدون زيارتها في الحجر الصحي لمدة 30 يومًا، بخلاف بقية الدول التي تعتمد 14 يومًا فقط، وفقًا لمعلومات من موقع "نورث كوريا نيوز" المتخصص في شأن الدولة الشيوعية.
هذا وليست كوريا الشمالية في الأساس دولة سياحية، ولا تجذب الآخرين لزيارتها بسبب نظامها السياسي، وحدودها الجنوبية مغلقة رسميًا منذ عقود، وبعد ظهور "كورونا" أغلقت كوريا الشمالية حدودها مع الصين وروسيا.
وقال محللون ودبلوماسيون: إن "خطوة غلق الحدود أفضل وسيلة لحماية كوريا الشمالية من وباء الفيروس، نظرا لضعف نظامها الصحي"، حسب ما نقلت وكالة "فرانس برس".
ولا يوجد الكثير من الأجانب داخل كوريا الشمالية، وفرضت المزيد من القيود على البعثات الدبلوماسية الموجودة في بيونج يانج، إذ منع أفرادها من التواصل مع المواطنين الكوريين الشماليين أو مغادرة مجمعاتهم، وكل شيء يدار بالمكالمات الهاتفية.
وقال السفير الروسي لدى بيونغ يانغ إليكسندر ماتسيغورا: إنه "لا يسمح لموظفي السفارة بالمغادرة إلا من أجل إلقاء القمامة، ويسارع الخبراء الكوريون إلى تظهير مركبة السفارة التي نقلت القمامة"، بحسب وكالة "تاس".
ولم يكن بوسع مواطني كوريا الشمالية السفر بحرية حتى داخل بلادهم، من قبل ظهور كورونا، ناهيك عن السفر إلى الخارج، لأن السلطات تسيطر على حركة الأشخاص بأشكال مختلفة عبر تصريحات السفر وتسجيل الإقامة.
كما يجب على أولئك الراغبين في زيارة العاصمة بيونج يانج من خارجها الحصول على موافقة خاصة، طبقًا لموقع "كي. بي. أس" الكوري الجنوبي.
ويعيش معظم سكان كوريا الشمالية في مدنهم أو المناطق المجاورة طوال حياتهم، باستثناء بعض المناسبات الخاصة مثل الذهاب إلى مؤسسات التعليم العالي، والخدمة في الجيش والزواج.
وقال الباحث المتخصص في شؤون كوريا الشمالية لدى مجلس العلاقات الخارجية في أمريكا سكوت سنايدر: إن "بيونج يانج تعتبر فيروس كورونا مسألة بقاء"، مضيفاً أن "كوريا الشمالية تحركت سريعًا وأغلقت الحدود تفاديا لتفشي الفيروس"، حسب ما نشر في مقال في مجلة "فوربس" الأمريكية.
واعتبر سنايدر: أن كورونا في حال انتشاره إلى كوريا الشمالية، سيعد تهديدا وجوديا للدولة التي تشهد ترديا في نظام الصحة العامة، بسبب العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها.