باحثة تكشف سر حماية المصري القديم لمقابره وتحنيط جثث الموتى
قالت الدكتورة فاطمة طارق، باحثة في علم الآثار المصرية القديمة، إن المصري القديم اعتقد بالبعث والخلود حيث آمنوا أن الموت ليس إلا رحلة عبور إلى الحياة الأبدية، فكان البحث عن سر الخلود همّ المصريين، ليس فقط خلود الـ(با) وهي الروح بل أيضا خلود الـ(كا) وهي تعني الجسد، لذا اهتموا اهتمامًا كبيرًا بفنون التحنيط.
وأشارت "طارق" إلى أن الأسطورة الشهيرة بين "ست" معبود الشر، وأخاه "أوزيريس" معبود الخير، ألهمت قدماء المصريين في معتقداتهم حول البعث والخلود في الحياة الثانية، فحاولوا حفظ جثمان الميت من التحلل ليكون أهلًا لاستعادة الروح مرة أخرى في العالم الآخر، حيث أن "ست" حسب الأسطورة قطع جثة أوزيريس ورماها في نهر النيل، وجاءت إيزيس زوجته فجمعت أشلاء زوجها، وأعادت إليها الحياة.
وتابعت الباحثة: اهتمت الحضارة المصرية القديمة "بالموت" كما لم تهتم به أي حضارة أخرى، وأصبح للشعائر الجنائزية في حياة المصـري القديم شأنًا خطيرًا، ولم يكن الاهتمام بالموت لذاتـه بل باعتباره مقدمة عالم الحياة الأبدية، حيث اعتقد المصري القديم أن روح المتوفى تصعد إلى السماء، وصوروها على شكل طائر، وجسده إذا ظل سليمًا بعد الدفن عادت إليه الروح، فالموت في نظرهم لم يكن نهاية، وبعده يحيا الإنسان حياة جديدة.
وتابعت أنه كي يتحقق البعث والخلود للمتوفى، يجب توافر بعض الضمانات، منها تشييـد مقبرته وتأمينهـا مـن المخاطـر التي تهـدد الموميـاء، والحفاظ على مكوناته وهي الجسد والروح والقـرين والقلب والأسـم والظل والنورانية، ويكشف هذا سر اهتمام المصري القديم بالمقابر وحمايتها.
ولفتت إلى أن المصري القديم المقبرة زود بكل ما يلزم الحياة الأبدية من مناظر ونصوص وتعاويذ (نصوص الأهرام – التوابيت – كتاب الموتى – الإمى دوات) التي تتولى حماية المتوفي وإرشاده في العالم الآخر، وتصوير الطقوس الدينية من عبادات ومشاركة فى الأعياد والنشاط الدنيوي مثل أمور الزراعة أو الصيد أو حرفة، وأيضًا تزويد المقبرة بوسائل ومناظر إمداد المتوفى بمقومات الحياة من طعام وشراب وأثاث جنائزي.
وتابعت: صور المصري القديم كل تلك الانشطة داخل مقبرتة وكأنه يقدم سجلًا لحياته الأولى، ليبعث ويحيا من جديد معاودًا نفس نشاطة السابق، مضيفة: ومن النصوص والتعاويذ السحرية التي تساعد في حماية المتوفى من أعدائه لها صيغ موجهة إلى الأحياء لتحذيرهم من الاعتداء على حرمة المقبرة، موضحة أنه على مدخل حجرة الدفن الخاصة بمقبرة الملك "توت عنخ أمون" نجد عبارة: "الموت سوف يمس بجناحيه من يقلق الملك الذي يرقد في هذا المكان".
وقالت الباحثة: تظهر أهمية تشييد المقبـرة وحمايتها مـن خلال نصائح الوزيـر "بتاح حتب" لابنـه قائلًا "لا تغادر منزلك إلى الخارج قبل أن تعرف مسبقًا مكان رقدتك الأخيرة.