تبارَى صهيل عبيد، مع أبناء جِلدته الفلسطينيين، كعادتهم كل مساء، على الصمود والبقاء على قيد الحياة داخل الجزيرة التي تأوي خمسين فردًا باللعبة الشهيرة "Free Fire"، شاهرين أسلحتهم وموارد النجاة ليتدربوا على مُقَاومة المُحتل الإسرائيلي بأرض الواقع، متتوقين لرُؤية أَحدهما "والله لو يتركونا عليهم لنلعب بهم لعب.. ونقلب السكملة فوق روسهم"، هبَّت رياح النصر، وتعالت أصوات جميع اللاعبين العرب مُحدثين صخبًا يفسد مخطط الكيان الصهيوني.
ظل الشاب الفلسطيني، يجتر أمجاد أجداده طيلة ساعات اللعبة، في مُواجهة جنود المُحتل، حتى أَسقط فلسطينيًا من مدينة الخليل، ظنه بالبداية بأنه يهودي، كونه يتحدث اللغة العبرية، وعند الهجوم عليه برفقة صديقه الجزائري، ظل يردد الشاب "أنا عربي والله.. لاتصفوني"، وإكتتف البندقية مواصلاً القنص الهجوم على بقية اللاعبين "باللعبة اسرئيليين مخفين في توب عربي.. وحظه وهناه من يطلعله يهودي.. والله نصفيه على الاخر ما حدا يجي يسعفه ونخرجه من اللعبة "، تشتد أصوات الرشاشات، جمح البعض، وظل صاحب الـ (28 ربيعًا) يقاوم "لحظة كل فلسطيني يتمناها.. ونشتري سلاح ونطخ ونقتحم ونطلع باعتبار اللعبة معسكر نجهز انفسنا من خلاله.. إيمتى يا الله.. بالله لو حصل ما حدا يكدر علينا".
بينما هيمن نور عطية، وقتل العديد من خصومه والاحتماء من المنطقة الخطرة داخل اللعبة- التي تم إصدارها في الرابع من ديسمبر 2017، وتمكنت من توليد 90 مليون دولار في الربع الأول من عام 2019-، متسربلاً بمجد الفلسطينيين "إحنا سفاحين اللعبة يوزرنا عالي ولدينا لياقة عسكرية من الواقع اللي بنعيشوا"، متذكرًا موقفًا باغته عندما شرع في اللعبة في الثامنة مساءً، بعدما يأتي من عمله في الزراعة في إحدى الحقول اليونانية، يصف خلاله خبث المُحتل حتى بالألعاب الإلكترونية، جعله يقاوم الهمَّ بالضَّحك، عقب ما حاولت يهودية تشارك معهم اللعب دون أن تتحدث لعدة أيام، حتى بدأت تغني باللغة العربية "حكيت معي على أنها جزائرية ولكن كشفتها ووبختها.. فقالتلي بالكدب بنحب الفلسطينين وهادا خوف علشان تضل باللعبة.. هدول فيش عندهم مبدأ.. بس يحسوا حالهم في الامان يضروك".
لبِث صاحب الـ (28 ربيعًا) في مكانه، عدة ساعات متصلة، حتى بارزه خصْمه بالكلام أيضًا بعدما نال مراده "هدي فرصة لأخوية العراقي"، فأرَدى صديقه، وقتل عشرة أفراد، مصرًا على مواجهة آخر شخص معه في الجزيرة، وتاقَ منه البعض، إلا أن الشاب الفلسطيني ظل يدعمه "العرب هون يد واحدة.. وكتير منهم يحبون اللعبة الحلوة بعيد عن السياسة"، يقاطعه صديقه "نعم وهسا أفرجيج إننا تحت راية واحده"، بَسطت تعابيره، وقوى على ذلك بإنشغاله باحتساء الشاي وتركه يخوض معركته بهدوء، بينما يُجابهه في خصم المعارك حسين العابدي، الذي اعتاد على اللعب معه يوميًا "هلا بالحبايب"، ورَشحه للعمل، حتى برع الأخير-الذي كان يُتقن اللهجة العراقية ويظنه الجميع بأنه عراقي، لكن كشف أمره صوت التلفاز والبرامج المصرية اليومية "المصريين دايما دمهم خفيف.. ويحلوا أي حاجة"-.
اشتدَّ القتال مع مرور الوقت وبدأت منطقة اللعب في الانكماش، بينما كانت تتسلل إيمان أحمد، وتختبيء "سويت نفسي نوب"، مما اضطر اللاعبين على اقتراب الأوساط والمزيد من التفاعل، حتى فازت الفتاة العشرينية في نهاية الجولة؛ لإحترافها التكتيكات القتالية "اللي داق الحرب متلنا صعب يهزم"، لاسيما مع الأحداث المتتالية في سوريا، مُستدلة بأخر الأنباء، وحال أفراد عائلتها بالمهجر "لا مأوى لهم"، هذا ما يجعلها تلزِم اللعبة وتبدأ من جديد، محاولة الإطمئنان عليهم وعلى أبناء وطنها من خلال تعرفها على بعض السوريين، خاصة أنها تمكث في مصر، منذ أربع سنوات "ما في غيرنا هون الأجنبي يدخل بس مرة بالأسبوع".
غضَب من أجلها أحد المشاركين، الذي وَاظب على اللعب، بعد الإنتهاء من دوامه، لكنه كان جديدًا في مجموعتها "يلا نلعب سوى وراح أكلب عاليها واطيها"، محاولاً تبسيط الأُمور عليها، وأقدمت بحماسٍ شديد على اللعبة، بل بشىء من الاحتيال "بمزح معك يا صديقي"، يقاطعهما صديقه ابن قطاع غزة الكائن ببلجيكا، متبادلين تعلم اللغة الرسمية للبلد، إضافة للتطرق إلى أحوال المعيشة بها "نهون على حالنا ونتعرف على زلمة أبضاي.. ولو لعبنا حلو وفوزنا بنضيف فلسطينين من غزة كبشة ومن عرب الداخل 48 ونتعرف أكتر على بعض.. حتى ما يقولوا علينا جيل خربان.. وأهو كل واحد بتباهي بشعر بنت خالتو"، وعلى غير انتظار فازت الطالبة في كلية العلوم للمرة الثانية على التوالي "غفلتينا وصرتي لوحدك بالجزيرة.. مبروك عليكي الفوز.. وعلينا تجمعنا الخير".