مصطفى ثابت يكتب.. هاني يونس المتحدث الإعلامي النموذج
أن تتجاوز حدود المهمة التي تُكلف بها مهما بلغت صعوبتها، لتصبح قادرًا على إيجاد حلول، قد تصل إلى حد صناعة المعجزات، لحل العُقد وتخطي العراقيل، مهما بلغت صعوبة الأمر في المجمل، ليست هناك رفاهية الاختيار، فما بالك لو كنت موظفًا حكوميًا بل مسؤولًا تتحدث بلسان حكومة لا ينام رئيس دولتها، تُقاتل شبح البيروقراطية القاتل، ترد على تساؤلات، توضح مغالطات، تكشف شائعات، لا يكف هاتفك عن الرنين، ولا تختطف من ساعات الليل إلا القليل، ما عليك إلا الاستماع والإجابة حين تمسك هاتفك؛ إن سنح لك وقت فراغك بذلك، تنهال عليك رسائل مواقع التواصل الاجتماعي من المواطنين، والمسؤولين، فماذا أنت بفاعل؟
أربك معادلات الطبيعة الوظيفية، وقلبها رأسًا على عقب، الشاب الأربعيني البشوش، هاني يونس، الذي نجح باكتساح في صياغة مهام المتحدث الإعلامي صاحب الطراز الفريد، فلم تكبله الحدود والمهام الوظيفية، ولكنه وهب نفسه مجيبًا لكل سائل، ودليلًا لكل تائه، لا يذكر اسمه في صالات تحرير كبرى الصحف، والقنوات الفضائية، إلا وتجد ثناءً كبيرًا، حتى أصبحت معلوماته على المشاع بين عامة الشعب، الذي وضعه على رأس هرم المسؤولية، فكيف حافظ يونس على هيبة الحكومة وكرامة المواطن وانتظام المعلومات في آن واحد؟
قالوا قديمًا إن لم تجد من يذمك فاعلم أنك لست بناجح، ولكن المستشار الإعلامي باسم مجلس الوزراء، والمتحدث الرسمي باسم وزارة الإسكان، غيّر موازين المثل المعتاد، خلال توليه المهمتين، فأجمع على حبه وأثنى على جهوده ونشاطه، كل الفئات، والطبقات، حتى أصبح اسمه "براند" حين يذكره أحدهم يُثني عليه الجميع، حتى ولو اختلفوا في أفكارهم وتوجهاتهم، ليؤكد أنه واقفًا على مستوى واحد من كل المتعاملين معه، لا يحابي ولا يجامل، لا يتراخى ولا يتكاسل، بل يقدم العون للبسطاء الذين يقولون عنه "مستشار الحكومة"، ولا يبخل بمعلومة عن الرأي العام، الذي يواجه حربًا شعواءً من الشائعات والأكاذيب التي تروج لها قوى الشر عبر الشاشات المأجورة نهارًا جهارًا، هو الجندي المقاتل الممسك بقلمه محافظًا على الاستقرار المعلوماتي، وهو الصامت الذي لا يُحدث ضجيجًا، ولا يتفوه إلا بما يفيد من حوله.
لم اكتفِ بالسماع عن هاني يونس، كونه صاحب السجل الأبيض الذي لم يتربح مليمًا طيلة حياته، ولم يرد متعشمًا، ولم يبخل، حيث كان لقائي الأول معه في ندوة منذ أشهر قليلة بموقع الفجر الإلكتروني، فوجدت شابًا نموذجًا في كل شيء، لبقًا ودبلوماسيًا رائعًا، يجيد الجمع بين الحكمة والتريث، لديه من مهارات الاتصال والتواصل ما يؤهله أن يكون المتحدث المثالي في كافة المؤسسات الحكومية.
هاني يونس تحمل عبء فترة انتقالية في منتهى الصعوبة، وعبر عن وجهة نظر الحكومة بشكل أكثر من رائع في أصعب فترات الدولة المصرية، ولم يكتفِ بذلك، بل تحمل عبء التواصل نيابة عن بعض المتحدثين في العديد من الوزارات، الذين لم يتحملوا مهام مناصبهم في التواصل مع الصحفيين والإعلاميين، حتى أصبح مجبرًا أمام الشاشات والصحف في حسم الأمور الجدلية، وكشف أدق تفاصيل المشروعات القومية.
يحسب لـ هاني يونس نجاحه في تحويل الدور الإعلامي لمجلس الوزراء، إلى مركز مؤسسي متكامل، يرد أولا بأول على كافة التساؤلات ويوضح حقيقة الشائعات بشكل لحظي، وأصبح لدى الزملاء قاعدة معلوماتية لحظية لكافة أخبار وفعاليات الحكومة دون عناء.
لا يمكن في أي توقيت أن ترسل لـه استفسارًا أو طلبًا لمساعدة أي مواطن إلا ويتفاعل معه بشكل لحظي، حتى تبادل حسابه عبر فيسبوك مئات المواطنين البسطاء، ظنًا أنه مسؤولا بالصحة، فيسألونه عن غرف العناية المركزة، وآخرون يسألون عن الكهرباء، وأخرون عن تحديث منظومة التموين، وغيرها، ليس هذا فقط، ولكن تجده نشيطًا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، يبحث كافة الشكاوى ويجيب ويتواصل مع معظم المتابعين من المواطنين.
يعد نموذجًا لنجاح الشباب في المهام الصعبة والثقيلة، أتمنى أن يتعلم كافة متحدثي المؤسسات في مصر من الرائع هاني يونس، لأن المؤسسات المصرية وخصوصا الحكومية منها تحتاج لمثله لتحسين الصورة، ونقل كافة المعلومات، والتواصل مع وسائل الإعلام، تحية إجلال وتقدير للرائع هاني يونس ونداء للمتحدثين كافةً: "اجعلوه نموذجًا لكم يحتذى به".