منال لاشين تكتب: القوة الغاشمة لأصحاب المليارات
2153 من أصحاب المليارات يملكون 60% من ثروة كل سكان الأرض أغنى الأغنياء يمثلون 1% من سكان العالم ويملكون ضعف ثروات 6.9 مليار مواطن
لو ادخرت 10 آلاف دولار يوميا منذ بناء الأهرامات فسوف تحصل على 20% فقط من ثروة أغنى 5 مليارديرات فى العالم
منذ فترة حاول رئيس الوزراء البريطانى السابق تونى بلير التصدى لجشع الشركات الكبرى عابرة القارات والمحيطات والمصالح والدول والقوانين.. وكانت المحاولة البائسة بمناسبة خلاف ضريبى نشأ بين الحكومة البريطانية وشركات عملاقة مثل جوجل وفودافون.
واتهم رئيس الحكومة الشركات صراحة بأنها تستخدم القانون للتهرب من دفع الضرائب، فرد عليه رئيس إحدى الشركات قائلا: ولكن هذه هى الرأسمالية يا سيدى، وربما تلخص القصة السابقة على نحو كبير قصة منسية ويتعمد أصحاب الفضائيات والصحف والشركات تجاهلها.. وهى قصة عدالة الأرباح، وهى قضية ظن الجميع أنها انتهت بسقوط الاتحاد السوفيتى وانهيار الشيوعية وتراجع أسهم الاشتراكية فى جميع أنحاء العالم، ولكن من وقت لآخر وفى بعض قلب أمريكا ذاتها تظهر حركات معارضة تفضح الوضع الاستعبادى لأصحاب الشركات العملاقة من أصحاب المليارات من الدولارات، مثل حركة وول ستريت فى أمريكا ومنظمات خيرية حول العالم تصرخ بضرورة وقف نزيف ثروات العالم على حفنة قليلة جدا من سكان العالم.
1- عدالة الأرباح
كلنا هذا الموظف الذى يشكو من غياب عدالة الرواتب، ولكن هناك مؤسسة عالمية تهتم بنوع آخر وأخطر من العدالة.. وهو عدالة أو بالأحرى غياب عدالة الأرباح، منظمة أوكسفام تحاول ترويض وحش الثراء الفاحش الفاجر على مستوى العالم.. التقرير الأخير للمنظمة يصف بالأرقام القوى الغاشمة لأصحاب المليارات، وهذه الأرقام بالفعل صادمة وتكشف عن الخلل الذى خلقته فوضى الاقتصاد الحر عبر العالم، عدد المليارديرات 2153 وثرواتهم تفوق ثروة 60% من عدد سكان العالم، وبينما يمثل أغنى أغنياء العالم 1% فقط من عدد السكان، فإن ثرواتهم تمثل ضعف ثروة 6.9 مليار شخص.
وعلى الرغم من خطورة الأرقام، فهناك مزيد من الأمثلة المستفزة على الفجوة الرهيبة بين الغنى العادى والغنى الفاجر، بحسب التقرير لو ادخرت يوميا 10 آلاف دولار وأكرر يوميا منذ بناء الأهرامات، فلم تصل إلى 20% فقط من متوسط ثروة أغنى (5) مليارديرات.
وبحسب التقرير أيضا فقد تضاعف عدد أعضاء نادى المليارات خلال العشر سنوات الماضية، فالاتجاه العالمى للأسف هو تركز الثروات فى مقابل زيادة مطردة فى الفقر والفقراء.
وبالنسبة لمصر تضم قائمة أصحاب المليارديرات خمسة من المصريين بمجموع ثروات نحو 18 مليار دولار، ويغلب على أنشطتهم الخدمات مثل الاتصالات والترفيه والعقارات وتمثل الصناعة جزءاً بسيطًا من نشاطهم الاقتصادى وبعضهم بدأ رحلة الثروة من خلال تجارة السجائر أو الترفيه، ومعظمهم يملكون أسهما أو حصصا فى شركات عالمية عابرة للنفوذ وليس القارات فقط، ويتعاملون من خلال بورصات عالمية تمكنهم من التهرب من دفع الضرائب فى مصر، ونفس النمط اتبعه الكثير من أصحاب المليارات من الجنيهات فى مصر، بحسب تقرير الثروة فى إفريقيا، فهناك (55) مصريا يملكون أكثر من 1.5 مليار جنيه، وتبلغ إجمالى الثروات الخاصة فى مصر 303 مليارات دولار، وفوق الـ55 مليارديرا محليا، هناك خمسة من أصحاب المليار دولار فأكثر، وذلك بعد أن فقد سميح ساويرس مركزه فى القائمة الدولية، أما تحت الـ55 مليارديرا محليا فهناك أكثر من 800 مصرى يملكون أكثر من 160 مليون جنيه.
2- الضرائب أولا
ومن البديهى بعد صدمة الأرقام والثروات واستمرار اتساع الفجوة بين الأثرياء والطبقة المتوسطة فضلا عن الفقراء، من البديهى أن تركز المنظمة على ضرورة زيادة الضرائب على الأغنياء وأصحاب المليارديرات لصالح الفقراء والطبقة المتوسطة والمجتمع، ويمكن أن تلعب الضرائب أثرا فوريا فى ظل ثبات السياسات أو بالأحرى النظام الظالم الرأسمالى، وبحسب تقرير المنظمة فرض ضريبة مقدارها (نص فى المائة) فقط على ثروة أغنى 1% من أغنياء العالم يوفر خلال العشر سنوات القادمة تمويل 117 مليون فرصة عمل فى التعليم والصحة، وكان عدد من دول العالم قد أقر فرض ضريبة على الثروة الشخصية وبنسب مرتفعة مثل فرنسا، ولكن الضرائب وحدها لم تصل بالعالم إلى عدالة كل من الأرباح والدخل معا، فمعظم تقارير الثروة تشير إلى أن تفشى الاحتكار فى الاقتصاد على المستويين العالمى والمحلى، وذلك الاحتكار يؤدى بالضرورة إلى مزيد من تركز الثروات فى أيدى أقل، وهكذا لم تنكسر هذه الحلقة الجهنمية إلا باقتصاد يفسح المجال لأكبر عدد ممكن من المواطنين فى مشروعات ناشئة وصغيرة، ونظام أجور أكثر عدلا يسمح بتقليل الفجوة بين الأغنياء والطبقة المتوسطة، فلا معنى لاستمرار الأجور الحالية لكل من الموظفين والعمال لأن جهودهم تلد مليارات من الدولارات أو الجنيهات، ولذلك آن الأوان لأجور أكثر عدلا وهذا الهدف لم ولن يتحدد إلا بأرباح أكثر عدلا.