د. بهاء حلمي يكتب: من دفتر أحوال 28 يناير 2011
كان يوم 28 يناير 2011 المعروف بجمعة الغضب يوما كاشفا وفارقا فى تاريخ مصر.
يوم كاشف عن حجم العنف والقتل والحرق والتدمير وسرقة الأسلحة من أقسام ومركبات الشرطة التى تم إحراقها فى المواقع المختلفة ونهب كثير من المولات والمحلات وسرقة محتوياتها.
ويوم مفاجئ فى دقة تنفيذ مخطط اقتحام السجون وإخراج عناصر الإخوان المسلمين والمتطرفين والمحكوم عليهم بمشاركة ودعم حماس وتنظيم الحمدين القطرى وغيرهم.
وتحققت أهداف الجماعة الإرهابية بعد أحداث هذا اليوم فى فرض حالة من الخوف لدى المواطنين والفوضى بالشارع المصرى وظهور اللجان الشعبية، مما مهد الساحة وأفسح الطريق أمام التنظيم الإرهابى للسطو على الحكم.
وأصبح يوما فارقا وراسخا فى ذاكرة المصريين بعد أن عاشوا حكم الإخوان، وشاهدوا آفاق الانهيار والفشل وفتح الحدود والتفريط فى حقوق المصريين، ونشر روح الانقسام والتمييز والإقصاء الأمر الذى كان صادما للشباب الذين شاركوا فى 25 يناير للمطالبة بعدم التوريث والتغيير بروح وطنية حماسية وحسن نية، وصادما لجموع الشعب الذى ثار لكرامته ووطنه فى ثورة يونيو 2013 رافعا شعار الشعب والجيش والشرطة يد واحدة.
البعض يتساءل ما دلالات هذه المؤامرة، الإجابة واضحة وجلية بالتقارير والوثائق ودفاتر أحوال عمليات الشرطة المحرزة ضمن مستندات قضايا محاكمات القيادات الأمنية عن أحداث هذا اليوم، وقضاء العدالة فى المحاكمات التى تمت.
فتقرير تقصى الحقائق الذى نشر بالصحف المصرية والأجنبية فى إبريل 2011م، استعراض تطور الاحداث وفقا لتسلسلها الزمنى خلال الفترة من 25 يناير إلى فبراير 2011 متضما أن جمعة الغضب احتشد المتظاهرون فى إصرار على تغيير النظام، قابله عنف غير مسبوق من الشرطة، فسقط المئات من الشهداء، وأصيب الآلاف، وانسحبت الشرطة عصر ذلك اليوم أمام الإصرار الشعبى، مما تسبب فى عمليات حرق ونهب وتخريب للممتلكات، وظهر الانفلات الأمنى بصورة أوضح وعلى مدار واسع. «التقرير متاح على المواقع الإلكترونية».
وبلورت لجنة تقصى الحقائق الممارسات غير المشروعة للشرطة فى أحداث قتل المصابين، وانسحاب الشرطة والانفلات الأمنى وما ترتب عليه من اقتحام وحرق ونهب بعض السجون والأقسام والنيابات والمحاكم وغيرها وسرقة الآثار مع تقديم التقرير للنائب العام وقتئذ.
على الجانب الآخر تبين أن دفاتر العمليات وأوامر العمليات ضمن مستندات محاكمات القيادات الأمنية بالمحافظات المختلفة تتضمن إثبات بالبند والساعة لكل الإخطارات الواردة لغرف عمليات الشرطة بدءاً من الساعة 11 صباحا يوم 28 يناير 2011 بوجود تجمعات أمام المساجد المختلفة (محددة) وتولى أعضاء الجماعة قيادة التحركات بمشاركة حركتى كفاية و6 إبريل، وإخطارات أخرى من خدمات السجون تطلب التعزيز لوجود اقتحامات لبعض السجون بمعدات ثقيلة وعناصر بعضهم يتكلمون بلهجة غير مصرية، واستشهاد عدد من قيادات وحراسات الشرطة.
وقد واكب ذلك إخطارات من خدمات الشرطة بالشوارع والأقسام والمرور وغيرها بالتعدى على أفراد الشرطة بإطلاق النار مع إشعال النار فى المنشآت والمركبات وذلك بنطاق محافظات القاهرة والجيزة والسويس والإسماعيلية والشرقية وأسوان والدقهلية والغربية وبنى سويف وبورسعيد وقنا ودمياط والقليوبية، ولم يثبت عنف بالأربع عشرة محافظة الأخرى وفقا للثابت.
يتبين مما سبق أن تقرير تقصى الحقائق المشار إليه حدد جرائم الشرطة فى فعلين متناقضين هما: عنف الشرطة ضد المتظاهرين مما تسبب فى قتل المئات وإصابة الآلاف، والثانى هو انسحاب الشرطة مما أدى إلى انفلات أمنى أدى إلى اقتحام ونهب السجون والأقسام والنيابات وغيرها. أى أن التقرير خلص إلى وجوب دفع الشرطة الفاتورة لكل جرائم التنظيم الإرهابى انتقاما وبأى وسيلة.
وهنا يثار التساؤل كيف تقتل الشرطة المتظاهرين دفاعا عن منشآتها فى الوقت الذى تتهم بتركها المواقع مما تسبب فيما حدث بها. وهل يعقل أن تقرير تقصى الحقائق يغفل الحقائق والوقائع التى تمت على الأرض والثابتة بدفاتر عمليات الشرطة فى ذلك اليوم.
فكانت الإجابة من العدالة التى لم تكتف بالقضاء بالبراءة فى قضايا محاكمات القيادات الأمنية بل قالت المحكمة فى قضية «اقتحام السجون»: إن الإخوان مصدر كل بلية.. ويد المنية سبقتنا لـ«مرسى» وعقابه عند ربه، وأن الجماعة اختارت الوقوف مع الأعداء فى خندق التآمر على الوطن والمواطنين. وهذا الحكم يوثق المؤامرة وفقا للواقع والثابت بدفاتر الأحوال فتحية للشرطة المصرية فى عيدها.