مزج إسلامي فريد.. حكاية مسجد"علي تمراز" بأقدم أحياء الإسكندرية (صور)
جامع"تمراز" يأتي ثالث أشهر مسجد داخل منطقة الجمرك أقدم أحياء محافظة الإسكندرية، عقب أشهر مسجدين في الحي ذاته"المرسي أبو العباس"، و"البوصيري"، فموقع جامع "تمراز" بالقرب من منطقة مجمع المساجد، وتوسطه منطقة قهوة فاروق الشهيرة، تجعله يكتسب شهرة وخصوصية لدى أهالي الحي، فأشواق المصلين لا تنتهي والأقدام لا تتوقف عن الذهاب إليه، ورغم تراثية واجهته، وتواجد مقام داخل المسجد، لكن قصته غير معروفة لأهالي الحي.
البداية
لوحة المسجد التأسيسية الموضوعة فوق مدخل المقام تجعل معظم أهالي الحي يعرفون جيدًا أن بنائه كان في عام 1940، في عهد الملك فاروق، وأن المقام المتواجد داخل المسجد لشخص اسمه "علي تمراز"، وأنها هي بداية معرفة قصة المسجد.
المسجد
وقال الدكتور إسلام عاصم، مدير جمعية التراث والفنون التقليدية، في تصريحات إلى "الفجر" إن المسجد بناه المعماري الإيطالي الشهير "ماريو روسي"، عندما كانت مصر تستعين بالمعماريين الأوروبيين، وهو ذاته الذي قام ببناء أشهر مسجدين في المحافظة الساحلية المرسي أبو العباس، والقائد إبراهيم، لافتًا إلى أن الأسلوب المعماري لـ"روسي" في قيامه بمزج جميع الطرز الإسلامية في بناء الجوامع، هي ما تكسب الجوامع التي بناها القيمة والشهرة.
وأضاف "عاصم" أنه عند بناء المسجد تم استخدام عواميد الجرانيت التي كانت تحضر من إيطاليا، كما تم استخدامها في بناء مسجد "أبو العباس"، ولكنه ميز الجامع بوضع زخارف إسلامية على الجرانيت، ولم يتكرر هذا الشغل مرة أخرى في الإسكندرية أو القاهرة.
متحف معماري
وتابع "عاصم"، أن المعماري بنى داخل الجامع أجمل المحاريب النادرة التي بها زخارف إسلامية مزدانة باللون الأخضر، كما نوع من الزخارف داخل المسجد بين النحاسية، الرخام، الخشب، والفسيفساء، واستخدم الخطوط الكوفية والثلثية، ليحول الجامع إلى متحف للعمارة الإسلامية في مكان واحد، ووضع لمساته الفنية في تعانق الأعمدة، وبناء قباب صغيرة للجامع من الداخل، ولكنها لا تظهر في الخارج، كقباب مرتفعة، كما توجد في المسجد حتى وقت قريب نجفة كبيرة بمستويات متعددة تشبه نجفة مسجد محمد علي في القاهرة، ولكنها سقطت، وكانت جزءًا مهمًا من طراز المسجد.
الحكاية القديمة
وعن قصة بناء المسجد في عهد الملك فاروق، قال "عاصم" إن تلك منطقة الجمرك قديمًا في العصور الإسلامية، كانت مقابر، وتُسمى منطقة "باب البحر"، ودُفن بها جميع الأولياء وأشهرهم المرسي أبو العباس، والبوصيري، وعبدالرحمن بن هرمز، وقبل بناء الجامع كان هناك منزلًا يملكه حسن باشا الإسكندراني، أحد كبار رجال الجيش في عهد محمد علي، ويقع أمام أرض الجامع، وعندما تقاعد "الاسكندراني" قاموا بتقسيم الأرض، ويقال أنه كان هناك مقام صغير لـ"علي تمراز"، ووقع تخطيط بناء الجامع فوق هذا المقام، كما تم بناء الجوامع فوق مقامات الأولياء المشهوريين، وأصحاب الكرامات داخل منطقة الجمرك كلها.
من علي تمراز؟
ورغم بناء الجامع على اسم صاحب المقام، واستمرار تواجد المقام بقبته الخضراء، إلا أنه وفق حديث "عاصم" لم يصل المؤرخون إلى معرفة من يكون تحديدًا "علي تمراز" وقصته في الإسكندرية، حتى يكون له مقام قبل بناء الجامع، وهناك مراجع تقول أنه عاش في عصر المماليك، مضيفا أنه بالبحث عن اسم "تمراز"، فهناك "تمراز" آخر في القاهرة وله جامع باسم "تمراز الأحمدي"، وبالرغم من انتشار اسم عائلة "تمراز" في فلسطين وسوريا، فإنه لم يتم تحديد هوية الشخصية.