مبنى يهدد سور مجرى العيون.. ومصدر يكشف مفاجأة (مستند)
يعد سور مجرى العيون أو "هرم العمارة المائية في مصر"، أحد أكبر المشروعات الطموحة للدولة المصرية، والمقرر افتتاحه خلال الفترة المقبلة، حيث تحول مصر هذه المنطقة إلى نقطة جذب سياحي من الدرجة الأولى، توازي منطقة شارع المعز لدين الله الفاطمي على أقل تقدير.
اتبعت الدولة عددًا من الخطوات أعلنتها بوضوح وشفافية، قائمة في الأساس على إزالة العشوائيات المحيطة بالسور، خاصة ناحية المدابغ، والمنطقة المسماه بالسكر والليمون، والتي تم نقل سكانها إلى حي الأسمرات، وتعويضهم عن مساكنهم، وبالفعل شارفت أعمال الإزالة على الانتهاء، والتي تتم بالتعاون بين الأجهزة المعنية في الدولة.
مفاجأة.. المبنى صادر له قرار إزالة
وقالت مصادر في تصريحات إلى "الفجر"، إن المبنى الموجود والملاصق للجزء الرئيسي من الأثر "المعروف بالسبع سواقي" أو "المأخذ"، والذي يتسبب في تشويهه بالكامل، صدر له قرار إزالة منذ عام 1995م ولم يتم التنفيذ حتى الآن، أي أن القرار صادر منذ ما يقرب من 25 عامًا. وأوضح المصدر، أن القرار صدر في البداية بتعويض مبدأي لأصحاب المبنى، بمبلغ 4 ملايين جنيه، ورفضوا التنفيذ وعارضوا القرار، حتى صدرت عدة أحكام بالإزالة دون تعويض، ثم تعطل التنفيذ مع أحداث يناير 2011م.
وكشف المصدر عن طبيعة هذا المبنى، موضحًا أنه يحتل المكان الذي كانت الساقية السابعة موجودة به، والتي تزود سور مجرى العيون بالمياه ليوصلها للقلعة، أي أن أسفله أثر.
وعن طبيعة المبنى، قال المصدر إنه عبارة عن مقر لجمعية صناع الأثاث، والتي تنقسم إلى جزأين أرضي وهو معرضًا لعرض الأثاث المنزلي، وعلوي وهو ورش التصنيع، ثم سطح المبنى، والمستخدم فيما يشبه المخزن، حيث نجد فوقه بقايا أو أخشاب وما شابه ذلك.
المبنى ملاصق للآثار
وكشفت الصور التي التقطتها كاميرا "الفجر"، أن المبنى لا يفصله عن الجزء الرئيسي من الأثر "المأخذ" سوى 50 سم، وأن جزءًا منه ملتفًا حول المبنى، ويظهر من الناحية الأخرى، كما أنه مرتفع عن المبنى الأثري، ما يمثل تشويهًا لهذا الأثر المهم، وخطورةً من جانب آخر، حيث أن وقوع مشكلة له سوف تمتد بالضرورة للسور وزواره. وحصلت "الفجر" على مستندٍ يثبت أن المبنى صدرت في حقه قرارات إزالة نهائية، وواجبة التنفيذ، ولكن لم يتم تنفيذها حتى الآن.
وقالت مصادر داخل وزارة السياحة والآثار، إن عشرات المكاتبات تم توجيهها إلى المحافظة والحي للإسراع بإزالة هذا المبنى، واتخاذ ما يلزم لحماية الأثر ولكن لا استجابة حتى هذه اللحظة.
أما المشروع المزمع تنفيذه في هذه المنطقة، فهو مشروع سياحي من الدرجة الأولى، وسيتم فتح السور للزيارة، بعد اكتمال ترميمه، وتحويل كل المنطقة المحيطة به لمنطقة "بازارات" وحدائق ومتنزهات تليق بعظمة هذا الأثر، كما أن السور سيكون أحد نقاط متابعة موكب نقل المومياوات الملكية من المتحف المصري في التحرير إلى المتحف القومي للحضارة.
ويعرف سور مجرى العيون باسم قناطر المياه، وقام بإنشاء هذه القناطر السلطان الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب (صلاح الدين الأيوبى) مؤسس الدولة الأيوبية في مصر الذي تولى الحكم من 565 هـ / 1169 م إلى 589 هـ / 1193م، وجددها السلطان الناصر محمد بن قلاوون تجديدًا كاملًا سنة 712 هـ / 1312 م، وأقام لها السلطان الغوري مأخذًا للمياه به 6 سواقي، بالقرب من مسجد السيدة عائشة، ولم يبق من القناطر العتيقة التي أنشأها صلاح الدين شئيًا غير بقايا قليلة في بداية المجرى من ناحية القلعة مواجهة لمسجد السيدة عائشة.
أما القناطر الحالية فقد أعاد السلطان الناصر محمد بن قلاوون بناءها كاملة على مرحلتين، وأنشأ أربع سواق على النيل بفم الخليج لرفع الماء من خليج صغير عند حائط الرصد الذي يعرف اليوم باسم "إسطبل عنتر"، تجاه مسجد أثر النبي، وهو المبنى الذي حوله محمد علي باشا أثناء حكمة إلى جبخانه للسلاح.
وتتكون عمارة هذه القناطر من سور ضخم يمتد من فم الخليج حتى ميدان السيدة عائشة، بعدما كان قديمًا حتى القلعة، وقد بنى هذا السور من الحجر النحيت.
آلية عمل السور
وتتضمن آلية عمل السور تضمن أمرين، الأول هو إيصال المياه بسهولة وسرعة للقلعة، والثاني، هو حماية المياه من اعتداء أي جيش يهاجم القلعة، حيث يبدأ السور يبدأ من عند النيل بمأخذ مرتفع للغاية، وبه سواقي ترفع مياه النيل لأعلى المأخذ حيث تصب في حوض يسمى حوض الترصيد، والذي تتم عليه عمليات معالجة وتنقية، والحوض مكسي بالفخار، وعندما تزداد المياه في حوض الترصيد تجري في المجراه المخصصة لها فوق السور، والتي كانت أيضًا مكسية بالفخار الذي يساهم في التنقية وسرعة الجريان.
وتتحرك المياه فوق السور دون آلات دفع، ويكمن السر في هندسة البناء أن السور به انحناءات وانكسارات متتالية مع انخفاضه التدريجي تجعل المياه تندفع تلقائيًا في مجراه الملساء، حتى تصب في أحواض خاصة داخل القلعة، كما يستطيع السور توفير المياه للمحاصرين في القلعة.