والد مصطفي عبيد: استشهاد ابني شرف.. والإخوان فئران (حوار)
سطر رجال الشرطة تاريخ كبير من الإنجازات والتضحيات بأنفسهم من أجل الحفاظ على أمن واستقرار مصر، واليوم نشهد احتفالية عيد الشرطة الـ68، تخليدًا لواقعة الإسماعيلية عام 1952، والتى استشهد فيها 50 من رجال الشرطة على أيدي الاحتلال الانجليزي.
وتستعرض بوابة الفجر الإلكترونية، أحد الأمثلة المشرفة لشهيد الوطن والعمل من أجل مصر، وهو الابن البار للشرطة الشهيد الرائد مصطفى عبيد، خبير المفرقعات بمديرية أمن القاهرة، ابن قرية جزيرة الأحرار بمحافظة القليوبية، ابن اللواء عبيد الأزهري، وحفيد أحد أهم رجال القوات المسلحة.
في يوم 5 يناير 2019، كلف عبيد، بمهمة تفكيك المفرقعات بمحيط كنيسة أبوسيفين بعزبة الهجانة بمدينة نصر، ليتقدم زملائه ويحاول تفكيك ما في الحقيبة من مفرقعات، والتي بلغ عددها ثلاث عبوات ناسفة، ونجح الشهيد في تفكيك عبوتين، ولكن لم يسعفه الوقت لتفكيك الثالثة، فقد حان وقت انفجارها، فما كان منه إلا أن يفادي الجميع ويحميهم ويلقى بنفسه عليها لتجنيب الآخرين الإصابة، ليكتب اسمه بحروف من نور في سجل الشهداء كأول شهيد في عام 2019.
بطل لم يخش الموت
وقال اللواء أركان حرب "معاش" عبيد الأزهري: "مصطفى اختيار الالتحاق بالكلية الشرطة برغبته منه، ولم أضغط عليه نهائيًا، والدليل أن شقيقه الأكبر خريج كلية الحقوق ولم يلتحق بأي كلية عسكرية سواء حربية أو شرطة واختار الحياه المدنية، ولكن رغبة مصطفى كانت نابعة من حكاياتي لهم عن تاريخ جدهم وتميزه في القوات المسلحة، وحصوله على نوط الجمهورية من الطبقة الأولى، وكان يعتز كثيرًا بجده، وعند التحاقه بكلية الشرطة حدثني عن رغبته في العمل بقطاع مميز".
وأضاف: "اختار مصطفى أن يكون خبيرًا في مجال المفرقعات عقب عمله في قسم منشية ناصر لمدة ثلاث سنوات، ومن ثم انتقل للحماية المدنية ومنها انتقل للمفرقعات، وفضل أن يختار تخصص التعامل المباشر مع المفرقعات، فكان من أحد أهم الضباط المتميزين في محافظة القاهرة وجميع القيادات تعلم ذلك وتعرفه بالاسم".
"ابني لم يخش الموت".. هكذا عبر اللواء عبيد، عن تقدم نجله للتعامل مع العبوات الناسفة يوم استشهاده مضيفًا: "ابني لم يخش الموت ولديه جراءة غير عادية، ولكن جراءة بحذر ولم يكن متهور، فدائمًا يقول: أنا بعمل اللي عليا والباقي على ربنا".
شاب طموح ومؤهل
وأوضح والد الشهيد، أن نجله كان دائما يسعى لتطوير ذاته وهو ما جعله مؤهلًا بشكل كبير، فقد حصل علي دورة فرقة المفرقعات لمدة ٦ أشهر بالقوات المسلحة عقب إتمامه فرقة الحماية المدنية، بالإضافة إلى دورات متعددة بالجامعة الأمريكية وحصوله على شهادة "الأوشة"، كما حصل على درجة الماجستير في الجريمة الالكترونية وسجل الدكتوراه، ولكن لم يمهله القدر ليكملها، وحصل على دورات متعددة في كندا وأمريكا.
بقالي يومين مشفتكش وعاوز أقعد معاك"
وعن آخر حديث دار بين الأب والشهيد، قال: "مصطفى كلمني قبل الاستشهاد بيومين، وكان نبطشي لمدة ٤٨ ساعة، كلمني قالي: بابا أنت في البيت، قولتله أه قالي أنا جاي، خلصت شغل وعاوز أشوفك، وكنت في انتظاره".
خلص خدمته وجاي في الطريق
عقب انتهاء المكالمة بين الوالد والشهيد، كان ينتظره والده بشوق بعد انتهاء مأموريته بسلام، ولكن القدر بدأ في إنهاء تلك اللحظات السعيدة، ليكتب الاستشهاد للرائد مصطفى، ولتخيم سماء الحزن على والدته وزوجته وابناءه.
متابعًا: "بعد مرور 45 دقيقة، كلمني زميله، قالي البقاء لله مصطفى انفجرت فيه عبوة ناسفه واستشهد، قولتله لا مصطفى جاي في الطريق خلص خدمته وراجع، وأخبرني أنهم قاموا بالاتصال به على الجهاز أثناء عودته ليخبروه بوجود عبوات أعلى أحد المساجد بمحيط كنيسة أبوسيفين".
سليم اتولد بعد وفاته بـ31 يومًا
حرم القدر الأبناء من العيش بحضن والدهم، وحرمه من رؤيتهم يكبرون أمام عينيه، فالشهيد له 3 أبناء فتاة تدعى "لارا" وتبلغ من العمر 8 سنوات الآن، وولدين أحدهم يدعى "سيف" ٤ سنوات الآن، وثالثهم "سليم"، طالما حلم والده برؤيته ولكن لم يمهل لذلك، فقد ولد عقب استشهاد والده بـ٣١ يومًا.
سيف بيسأل عليه كتير وبيقول هيرجع امته
تابع والد الشهيد مصطفة، أن أبنائه كثيرًا ما يتساؤلون عن موعد عودته قائلاً: "البنت فهمت، ولكن سيف حاسس إن والده مش موجود، ومع تكرار سؤاله قولنا هو عند ربنا، ولكنه يتصور أنه سيعود بعد فترة، مش مستوعب الفرق وإنه مات بحكم صغره".
أنت اللي هتربي الأولاد.. طلب الشهاده ونالها
لم يحدد الشهيد مصطفى وصيته، ولم يوص أهله بشئ معين عند استشهاده، سوى تربية والده لأبناءه، فقال والده: "كان دايمًا يردد ويقول ياريت ربنا يكتبله الشهادة عشان كان عنده ٢ من زمايلة شهداء، في نفس القسم، وكان بيقول يا بختهم، أما وصيته قالي مرة في يوم كنت تعبان فيه: لا لازم تفوق وصحتك تبقي كويسة علشان أنت اللي هتربي الأولاد، قولتله ولاد مين؟ قالي: الأطفال الصغيرة دي، قولتله انتوا تربوا ولادكم أنا أديت رسالتي، قال: لا أنت جدهم والأطفال دي مسئوليتك، وكان بيقول الكلام بتلقائية وربنا أراد إنه يستشهد".
الدولة تقدر دوره وتكرم زوجته ونجلته
كرم الرئيس عبدالفتاح السيسي، زوجة الشهيد ونجلته "لارا"، وتكرر التكريم مرة أخري في احتفالية عيد الشرطة، الخميس الماضي.
ياريت ولاده يلتحقوا بالجيش أو الشرطة وإحنا مبنخفش الموت
لم يتردد اللواء عبيدي، في الرد عند سؤاله عن رأيه في التحاق أبناء الشهيد لكلية الشرطة قائلاً: "ياريت شرطة أو جيش، اللي حصل لمصطفى كان قضاء وقدر وإحنا أسرة اتربينا على أن الأقدار والأعمار بيد لله، ومفيش حد هيموت قبل انتهاء عمره بلحظة، ونحن لا نحاول الابتعاد عن الموت بالعكس إحنا بنعمل اللي علينا واللي يرضينا ويسعدنا ويرضي ربنا، فالرب واحد والعمر واحد".
الإخوان دول حشرات ودود وفئران
وأضاف والد الشهيد، أنه لا انتصار يذكر للجماعات المتطرفة التي تظن بأنها فعلت شئ، فالاستشهاد شرف ولكن عملهم كله خسه ونداله، فأبناءنا في الجيش والشرطة يقاتلون أشخاص خسيسة، مضيفًا: "الإرهابيون بيطلعوا من الشقوق زي الحشرات، معندهمش جراءة المواجهة، فهم مثل الدود، فئران بيستخبوا في الجحور ميقدروش يظهروا، وعارفين كويس جدا في قراره نفسهم أنهم أعداء الحياة، ولا يوجد وجه مقارنة بين الإرهابي والشهيد، ولادنا الشهداء عملهم مشرف ونفخر بهم".