على وشك الأندثار.. أطول وأقدم طريق مرصوف بالبازلت بالفيوم (صور)

محافظات

بوابة الفجر

تحظى محافظة الفيوم بالعديد من المناطق الاثرية والسياحية وهى أحدى محافظات مصر، وتمثل أكبر واحة طبيعية في مصر، وتقع في أقليم شمال الصعيد، الذي يضم ثلاث محافظات الفيوم، ببني سويف، المنيا، تحيط بها الصحراء من كل جانب وتشتهر الفيوم بوجود العديد من الأماكن الطبيعية أشهرها بحيرة قارون، ومحمية وادي الريان، ومحمية وادي الحيتان، بجانب مناخها المعتدل وتمتلك مجموعة متنوعة من الآثار الفرعونية والرومانية والقبطية والاسلامية.

واختلفت الأقاويل حول أصل اسم "الفيوم" فالمرجح أنها كانت قديمًا تدعى"" Chdat أو "Chedit" ومعناه الجزيرة، لأنها كانت وقت تكوينها واقعة في بحيرة موريس" بحيرة قارون " حاليًا "، وكان اسمها الديني "Per Sebek" ومعناه دار التمساح، لأنه كان معبود أهل الفيوم قديمًا،ولهذا أسماها الرومان " Crocodilopolis " بمعنى مدينة التمساح.

وفي أوائل حكم البطالمة سماها بطليموس الثانيفيلادف " Arsinoe " نسبة إلى زوجته أرسينويه، كما سمى الإقليم أيضًا بهذا الاسم، ثم سماها القبط "Piom" ومعناها قاعدة بلاد البحيرة، لأن كلمة "Piom" التي عرفت فيما بعد باسم "Phiom" تتكون من كلمتين وهما"Pi" وتدل على المكان والتعريف، وكلمة "Im" ومعناها اليم أو البحيرة أو البحر، ومن "Phiom" أخذ العرب كلمة "فيوم"، وأضافوا إليها أداة التعريف، فأصبح "الفيوم" هو اسمها العربي، وهناك رأي آخر يقول أن اسمها جاء في النصوص المتأخرة من العهد الفرعوني"بيوم" بمعنى البحيرة أو الماء، ثم وردت في القبطية باسم "فيوم"، ومع انتشار العربية أضيف إليها أداة التعريف فأصبح "الفيوم" هو اسمها العرب، يطلق على المحافظة "مصر الصغرى" نظرًا لما تمثله من صورة جغرافية مصغرة للقطر المصري حيث يماثل بحر يوسف بالنسبة للفيوم نهر النيل بالنسبة لمصر وتماثل بحيرة قارون ساحلها الشمالي، كما يمثل البحر المتوسط بالنسبة لمصر، فيما تواردت بعض الأقاويل الضعيفة التي تنسب الأسم إلى عهد النبي يوسف لما أستغرقه بناء المدينة من وقت قدر بـ "ألف يوم".

وحظيت منطقة شمال بحيرة قارون، بمحافظة الفيوم، بوجود أقدم طريق ممهد في العالم من البازلت والأخشاب المتحجرة، والبالغ عمره 5 آلاف عام، وكان يستخدمه المصريون القدماء في نقل البازلت من محاجرها إلى مكان تجميع قريب من معبد قصر الصاغة،إلا أن خبراء يحذرون من اندثاره بسبب رحلات السفاري.

ويقول سيد الشورة، مدير عام آثار الفيوم لـ "الفجر"، إن الطريق الذي يقع بمنطقة جبل قطراني، شمال بحيرة قارون، يعد أقدم طريق مرصوف وممهد في العالم كله، ويبلغ عمره 5 آلاف عام، وهو طريق صمم لنقل البازلت من محاجر البازلت الواقعة شمال البحيرة إلى مكان التجميع بالقرب من معبد قصر الصاغة، وذلك لنقلها عبر البحيرة إلى هضبة الأهرام لبناء وتبليط أرضيات أهرام الدولة القديمة، وكان هذا الطريق ممهدًا لنقل بلوكات البازلت من هذه المنطقة الغنية بخام البازلت الذي يصنع منه الأواني والتماثيل الفرعونية القديمة، وكان يتم نقل قطع البازلت عبر الطريق حتى بحيرة موس الجافة الملاصقة لبحيرة قارون، ومنها عبر المراكب إلى منطقة الجيزة.

وأضاف الشورة، أن بجوار هرم خفرع تجد بلاطات البازلت المجلوب من محافظة الفيوم، ويعتبر الطريق من أقدم الطرق الممهدة والمرصوفة، وتم رصفه بالأخشاب المتحجرة والأحجار، وذلك لسهولة السير عليه، من أجل تجميع كسارات البازلت.

وأشار مدير آثار الفيوم، أن محاجر البازلت في ودان الفرس بجبل قطراني شمال بحيرة قارون، تشهد على نشاط ملوك الدولة القديمة الأسرة الرابعة، في إقليم الفيوم، وعلى أهميته بالنسبة لكيان الدولة المصرية في ذلك الوقت، فقاموا بقطع ونقل الأحجار على طريق معبد أعد خصيصا لتسهيل نقل كتل البازلت من المحاجر في أعلى جبل قطرانى، ولمسافة 10 كم حتى ميناء التحميل على السفن جنوب غرب معبد قصر الصاغة، حيث كانت مياه البحيرة بهذا الموضع.

وأكد مدير عام اثار الفيوم، كانت تحمل هذه الأحجار بعد ذلك على سفن، لتبحر في مياه البحيرة، ومنها إلى نهر النيل لتصل إلى منشأت ملوك الدولة القديمة (الأسرة الرابعة والخامسة) في الجيزة، وأستخدمت في عمل أرضيات المعابد الجنائزية التابعة للمجموعات الهرمية، وأن الطريق القديم يتفرع إلى العديد من الفروع داخل محاجر البازلت القديمة بشقيها المحاجرالشرقية والغربية، وأنشا الطريق من الأحجار المحيطة بموقعه، فالمناطق من الطريق التي تمر في منطقة محاجر البازلت، وتكون أجزاء منه مصنوعة من قطع البازلت، في المناطق التي يمر الطريق فيها بالغابة المتحجرة، فتكون كتل الأشجار المتحجرة، هي المكون الرئيسي للطريق، وهكذا حتى يصل إلى الميناء جنوب غرب معبد قصر الصاغة.

وقال سيد الشورة، مدير عام الآثار بالفيوم، إن هذا الطريق من أقدم الطرق المعبدة في العالم، وفي خريطة عام 1905 أشار العالم هوي إلى هذا الطريق، معتبرا إياه أقدم طريق معبد في العالم وهذا الطريق غير متصل والمتبقي منه 14 جزءا وذلك بفعل عوامل التعرية والنشاط البشري.

أضاف مدير عام الآثار بالفيوم، أن الطريق بنى لغرض خدمة المحاجر، وبالرغم من عدم توصلنا لكيفية نقل أحجار البازلت إلا أن تلك الكتل البازلتية تنقل على طول الطريق حتى يتم تحمليها على ظهر قوارب فى البحيرة القديمة إلى هضبة الجيزة، حيث مواقع بناء الأهرامات وكان يصل مستوى سطح البحيرة من 22 إلى 23 م فوق مستوى سطح البحر ويبلغ عرض الطريق حوالى 2.10 م وهو مشيد من كتل من الحجر الرملى والحجر الجيرى وكتل البازلت.