"المياه الجوفية" تهدد هرم هوراة الأثري.. نعرض المشكلة والحلول
يعتبر هرم هوارة، أحد
أهم الأهرامات في مصر، وضمن مكوناته "اللابيرنث" أو التيه الذي وصفه هيرودت، وباني
الهرم أحد ملوك مصر العظام وهو أمنمحات الثالث، ويعاني الهرم خطر السقوط والدمار، بسبب المياه الجوفية المتزايدة، وعبر التقرير التالي نرصد المشكلة والحل.
قال الدكتور أحمد بدران، أستاذ الآثار المصرية القديمة جامعة القاهرة، إن الملك أمنمحات الثالث شيد لنفسه هرمين أحدهما في هوارة على بعد 4 أميال، من مدينة الفيوم وذلك لشدة ارتباطه بذلك الإقليم، والثاني في دهشور.
وأضاف بدران، في تصريحات خاصة إلى الفجر، أن لهرم هوارة أهمية كبيرة، حيث تظهر من خلاله عبقرية المهندس المصري في إخفاء حجرة الدفن لحماية مومياء الملك من لصوص المقابر الملكية، حيث اتخذ من الحيل المعمارية والهندسية داخل الهرم ما يحول بينهم وبين مومياء الملك.
وقال أستاذ الآثار المصرية القديمة: صنع المعماري المصري القديم عدد من الحيل الهندسية منها مجموعة ممرات تنتهي إلى لا شئ، وممرات خداعية، وآبار وهمية، إلى درجة جعلت اللصوص يشعلون النيران في الهرم بعد أن أعياهم البحث في الوصول لحجرة الدفن.
وأشار إلى أن الملك أمنمحات طلب من مهندسيه جعل مدخل الهرم ناحية الجهة الجنوبية مخالفًا في ذلك منكان قبله من الملوك الذين جعلوا مداخل أهراماتهم ناحية الجهة الشمالية وذلك إمعانًا في التضليل، وقد شيد باطن الهرم من الطوب اللبن والكساء الخارجي من الحجر الجيري الأبيض ولكنه سرق وتم انتزاعه لندرته في هذه المنطقة.
وتابع: كان ارتفاع الهرم يصل إلى 58 متر وطول طلع القاعدة المربعة له 100 متر تقريبًا، وشيدت بزاوية ميل مقدارها 48.45 درجة، وكان للمعبد الجنائزي لهذا الهرم شهرة واسعة في الفترة التي تواجد فيها البطالمة والرومان في مصر وذلك لعظمته وتعدد حجراته ويسمى بالمتاهة وهو ما أطلق عليه الإغريق اللابيرينث، لتعدد حجراته وعظمته وكثرة أبهيته "جمع بهو".
وLabyrinthus نسبة لقصر اللابيرنث الذي أقامه الملك مينوس في كينوسس بجزيرة كريت، إلا أن التدمير الكامل في هذا المعبد حال دون العثور على تفاصيل تخطيطه.
وأشار بدران إلى أن هذا المعبد وصفه كلًا من هيرودت، وسترابون، وديودور الصقلي، وبلليني،والكلام لبدران، ويعد المعبد كما وصفه الكتاب الكلاسيكيون، شيئًا منقطع النظير بين عجائب الدنيا، بل أن هيرودوت ذكر بأن اللابيرينث يفوق الأهرامات في القوة، وبه اثنى عشر بهوًا مسقوفًا مداخلها متقابلة، ستة منها ناحية الشرق والأخرى ناحية الغرب، يحيط بها سور خارجي واحد هناك نوعان من القاعات بعضها تحت الأرض وبعضها فوق الأولى وعددها 3000 قاعة.
مشكلة المياه الجوفية
وعن المشكلة الأزلية التي يعاني منها الهرم لفترة ترجع إلى ما يقرب من 10 سنوات ويزيد، هي المياه الجوفية الزائدة، والتي ترتفع داخل الهرم حتى أنها تغطي المستوى الأسفل وصولًا إلى مدخله، مما يعني أنه في خطر شديد، والذي ربما يؤدي إلى سقوطه.
وعن سبب ارتفاع المياه الجوفية في هرم هوارة قال الدكتور أحمد بدران إنها بسبب أساليب الري بالغمر في الأراضي الزراعية المحيطة بالهرم، وكذلك بسبب مرور ترعة وهبي إلى جواره.
ووضع الأستاذ الدكتور أحمد بدران عدد من الحلول المقترحة لمشكلة المياه الجوفية لهرم هوارة أولهاتجفيف هذه المياه عن طريق خفض منسوبها في المنطقة المحيطة، بعمل مصرف لتصريف المياه بطريقة تدريجية، وبطرق علمية دقيقة كما حدث في كوم الشقافة ومبنى الأوزوريون في سوهاج، حيث قامت الوزارة وجهاز الخدمة الوطنية بعمل مبهر في هذين المكانين ونـأمل تكرار التجربة في هوارة بالفيوم
وأضاف: ثاني المقترحات كانت تحويل نظام الري في المنطقة من الري بالغمر إلى الري بالتنقيط، وتحويل مسار ترعة وهبي بعيدًا عن الهرم أو تكسيتها بالحجر وهو الحل الأصعب مع استخدام أسلوب التجوية في علاج المشكلاات التي يعاني منها هرم الملك امنمحات الثالث في هوارة
وشدد بدران على ضرورة رفع الوعي الأثري للأهالي والمواطنين المحيطين بالمكان وتحويل الهرم لمزار سياحي، وتحويل المنطقة بالكامل لمكان تراثي يتم فيه بيع الحرف التراثية لربط الناس بالأثر وهو المعروف بربط المجتمع بالآثار، بحيث تتحول لمصدر دخل فيحافظ المواطن عليها.
وفي نفس السياق، قال مينا ياسر أحد مواطني الفيوم، إن هرم هوارة هو كنز من كنوز محافظته، ويجب الحفاظ عليه وإنقاذه، كما يجب العمل على استثماره سياحيًا بعد الحفاظ عليه أثريًا.
أما "نادية رجب" من مواطني الفيوم، قالت إنه يجب حسم الأزمـة القائمة بـين الري وآثـارالفيـوم، كما أنه يجب على المحافظة الترويج سياحيًا للمنطقة، فلا يوجد كافيهات أو مواصلات حيث أصبح الهرم مهجورًا، من يريد زيارته عليه استقلال سيارة خاصة.
وعلمت "الفجر" من مصادر لها بوزارة السياحة والآثار، أن بعثة المعهد القومى للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية استأنفت أعمالها فى منطقة هرم هوارة بالفيوم ، لدراسة تخفيض المياه تحت السطحية الموجودة فيه والتي تحول دون الدخول إلى حجرة الدفن به.
وتمكنت "الفجر" من الحصول على عدد من الصور التي تم التقاطها إما بكاميرا "الفجر" أو بعدسات المواطنين لحاله الهرم عن قرب وهو الأمر الذي يظهر بجلاء الحالة التي عليها الهرم.