الإدارية العليا تضع ضوابط استعمال الفيسبوك للموظف العام
حسمت المحكمة الإدارية العليا إحدى قضايا الشأن العام التي تتعلق باستخدام الموظف العام لـ"الفيسبوك"، كأحد وسائل التواصل الاجتماعى، ووضعت الضوابط الموضوعية لاستخدام الموظف العام حق وسائل التواصل الاجتماعى، إذ قضت المحكمة برئاسة المستشار عادل بريك، نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية المستشارين سيد سلطان، والدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي، وأسامة حسنين، وأحمد ماهر، نواب رئيس مجلس الدولة، بفصل محام بالبنك المركزي المصري قام بنشر ادعاءات كاذبة عن العاملين بالإدارة القانونية بالبنك المركزي المصري، على صفحته بموقع "الفيسبوك" مشهرا بهم، وضمن ذلك ألفاظا خارجة وأفعالا فاحشة وعبارات نابية ماسة بالعرض والشرف والسمعة.
وأكدت المحكمة في حكمها، أن استعمال الموظف العام لمواقع التواصل الاجتماعي: "فيسبوك وتوتير وإنستجرام"، وغيرها من الحقوق المباحة للجميع كنافذة لحرية التعبير، بما لا يمس الأمن القومي أو النظام العام أو الأداب العامة، أو سمعة المواطنين، أو خرق خصوصيتهم.
كما أكدت المحكمة على أن شبكة الإنترنت جزءًا من الحياة اليومية في العالم، وهو ما جعل الناس يعتقدون أنها فضاء مباحا ومنطقة فوق القانون، وأن بعض مواقع التواصل الاجتماعي تحولت من فضاءات للتعارف وتبادل المعارف إلى منابر للدعوة لبعض الأفعال الماسة بالأمن القومي، واستقرار الدول أو بالحريات الشخصية وبشرف الأشخاص.
وكشفت المحكمة عن فلسفة القانون المصري بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات التي تقوم على عقاب المجرم المعلوماتي وليس رقابيا على رقاب الناس، وانتهت إلى أن الطاعن أساء لسمعة زملائه واشرأبت نفسه سوءًا، وحدقت بأبصارها نحو الرذيلة تتبع عورات الأخرين على مواقع التواصل الاجتماعي، وأنه أساء لسمعة البنك المركزي المصري ذاته الذي يرسم السياسة النقدية ويحدد موقع مصر في ساحة المال على الاقتصاد العالمى.
جاء ذلك كأول تطبيق لقانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات لحماية حرمة الحياة الخاصة للمواطنين، وكل اعتداء على المبادئ أو القيم الأسرية في المجتمع المصري.
وقالت المحكمة، أن شبكة الإنترنت وتنوعات مجالاتها أصبحت جزءًا من الحياة اليومية في العالم لاعتبارها من أكثر الوسائل المستعملة للتعارف بين الناس، وهو ما جعل الناس يعتقدون أنها فضاءً مباحا ومنطقة فوق القانون، خاصة مع ظهور مواقع التواصل الاجتماعي التي فتحت أبواب الحوار على مصراعيها بين مختلف الشعوب، حيث وجدت الحرية وجد التعدي على الحرية، فالواقع الإلكتروني والعالم الافتراضي أفرز العديد من التجاوزات عن طريق الاستخدام غير المشروع لمواقع التواصل الاجتماعي، فتحول بعضها من فضاءات للتعارف والتقارب وتبادل المعارف والأفكار والرأي، إلى منابر للدعوة لبعض الأفعال الماسة بالأمن القومي واستقرار الدول أو بالحريات الشخصية وبشرف الأشخاص واعتبارهم أو بالنظام العام أو الاَداب العامة.
وأضافت أن استعمال الموظف العام لمواقع التواصل الاجتماعي في العالم الافتراضي أيا كانت "فيسبوك وتوتير وإنستجرام"، وغيرها هو من الحقوق المباحة للجميع لما لها من سهولة التواصل بين الناس، ومساعدتهم علي تبادل المعارف والأفكار والآراء، والتعليم والتثقيف وربط العلاقات، وفتح نافذة لحرية التعبير، إلا أنه يتعين أن يكون استعمالها مشروعًا بأن يقف عند حدود الحفاظ على الأمن القومي والنظام العام والأداب العامة، وعدم المساس بسمعة المواطنين أو خرق خصوصيتهم بما يسئ إليهم في ارتكاب أفعال السب والقذف والتشهير والابتزاز والإساءة، وإذا كان ذلك الأمر واجبا على المواطنين كافة فإنه أوجب على الموظف العام خاصة عن أعمال وظيفته والمعلومات التي تتعلق بما هو سري بطبيعتها، فإذا ما تجازوها يستحق أشد العقاب مغلظًا.
وذكرت المحكمة أن المشرع المصرى - بالقانون رقم 175 لسنة 2018، بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات - وضع مصر على خريطة العالم الرقمي، وجاءت نصوصه كاشفة عن أنه قانون عقابي للمجرم المعلوماتي وليس رقابيا فهو احترازي لا اختراقي، يمنح المواطنين الحرية في الفضاء الإلكترونى أيا كانت وسائله سواء: "الفيسبوك أو تويتر أو انستجرام أو غيرها"، طالما كانت تلك الحرية تمارس في إطار القانون دون المساس بالأمن القومى للبلاد أو بسمعة المواطنين أو خرق حياتهم الخاصة بما يسئ إليهم، وحفاظا على سمعة المواطنين، فإن المشرع انتهج في هذا القانون تجريم هذه الأفعال التى تقع بهذه الوسائل وقرر لها عقابا صارما لاَثارها المدمرة على الوطن في مساسها بالأمن القومي له والنظام العام والأداب به، وعلى المواطن بمساسها بشرفه وعرضه واعتباره بين أهله وذويه، فنص في المادة 25 من القانون على تحديد الجرائم المتعلقة بالاعتداء على حرمة الحياة الخاصة والمحتوى المعلوماتي غير المشروع وأبان عن أنها كل اعتداء على أي من المبادئ أو القيم الأسرية في المجتمع المصري أو انتهك حرمة الحياه الخاصة، أو أرسل بكثافة العديد من الرسائل الإلكترونية لشخص معين دون موافقته، أو منح بيانات شخصية إلى نظام أو موقع إلكتروني لترويج السلع أو الخدمات دون موافقته، أو نشر عن طريق الشبكة المعلوماتية أو بإحدى وسائل تقنية المعلومات معلومات أو أخبارا أو صورا وما في حكمها، تنتهك خصوصية أي شخص دون رضاه، سواء كانت المعلومات المنشورة صحيحة أو غير صحيحة.
وأوضحت المحكمة أن الثابت من الأوراق والتحقيقات أن الطاعن قام بنشر ادعاءات كاذبة عن زملائه في العمل وباقي العاملين بالإدارة القانونية بالبنك المركزي المصري على صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك والتشهير بهم وتضمينها أفعالا فاحشة وألفاظا خارجة وعبارات نابيه ماسة بالعرض والشرف والسمعة بغير دليل من شأنها لو صحت لأوجبت احتقارهم ومساءلتهم، وبمواجهته بما هو منسوب إليه اعتراف صراحة بأنه قام بتوجيه إنذار إلي محافظ البنك المركزي بحجة الوقوف علي صحة الواقعة من عدمها، وأنه بالفعل قام بنشر الموضوع محل التحقيق علي صفحته بموقع التواصل الاجتماعي "الفيسبوك" في محاولة منه للتحقيق في الواقعة، وقد تضمن هذا الإنذار عبارات سب وقذف وأهانه موظف عام في حقه.