مصطفى عمار يكتب: مئوية معوض والمنشاوي
يأتى عام 2020 ليحمل لنا الذكرى المئوية لميلاد العديد من الشخصيات المصرية التى أثرت حياتنا ومنحتها بريقاً خاصاً وكانت سببًا رئيسيًا وهامًا فى تشكيل ثقافة ووعى أجيال عديدة من أبناء هذا الوطن.. ومن ضمن الأسماء التى تحل مئوية ميلادهم خلال العام الحالى.. الإعلامى والإذاعى الكبير «جلال معوض» وهو من مواليد 1 يناير 1920 ومعه أيضاً تحل ذكرى ميلاد صاحب الصوت العذب الشيخ «محمد صديق المنشاوى» وهو من مواليد 20 يناير 1920، والاسمان لا يختلف عليهما أحد، فكل منهما منح المصريين لحظات خاصة عديدة.. فالأستاذ جلال معوض رحمه الله، واحد من أهم الإذاعيين التى عرفتهم مصر، فقد التحق بالإذاعة المصرية فى نوفمبر 1950، وكان أحد مذيعيها البارزين وارتبط صوته بكثير من المناسبات الوطنية والقومية التى عاشها المصريون خلال هذه السنوات، وظل اسمه مرتبطًا لدى جمهور الإذاعة ببرنامجه الشهير «أضواء المدينة». بالإضافة لكونه واحدًا من أبرز مقدمى حفلات السيدة أم كلثوم. وكان يشتهر بوصفه الدقيق لأجواء الحفل وكلمات الأغانى مما يشعر المستمع وكأنه حاضر للحفل لا مستمع له، ولعل أشهر ما قيل عن صوته هو ما قالته عنه السيدة، عندما قالت إنه كان يبدأ الغناء قبلها.. وظل الأستاذ جلال معوض مخلصاً لعمله وللإذاعة المصرية حتى بلوغه سن التقاعد وظل صوته شاهدًا على فترة من أهم الفترات التى عاشها المصريون، فهل تحتفل الإذاعة المصرية بمئوية هذا الإذاعى الكبير الذى يستحق حفلاً يليق به فى ذكرى ميلاده. وبخلاف ذكرى مئوية الأستاذ جلال معوض تأتى ذكرى المئوية لميلاد الشيخ محمد صديق المنشاوى، وهو واحد ممن أسسوا لدولة التلاوة المصرية للقرآن الكريم، سواء المرتلة أو المجودة، ورغم رحيله المبكر فى الـ49 إلا أنه ترك بصمة كبيرة لدى المصريين بتلاوته وأسلوبه المميز بعد أن استطاع تسجيل القرآن الكريم كاملاً برواية حفص عن عاصم لإذاعة القرآن الكريم،
وللشيخ المنشاوى بصمة خاصة فى التلاوة فكان رحمه الله يتميز بصوت خاشع ذى مسحة من الحزن وهو ما جعل البعض يلقبه بـ«الصوت الباكى». وكان الشيخ قد بدأ رحلته مع تلاوة القرآن بتجواله مع أبيه وعمه بين السهرات المختلفة، حتى جاءت إليه الفرصة ليقرأ منفردًا فى إحدى ليالى عام 1952 فى محافظة سوهاج، وبعدها ذاع صيته وأصبح يطلب بالاسم، وتؤكد المعلومات المتاحة عنه بأنه سجل القرآن الكريم كاملاً فى ختمة مرتلة، كما سجل ختمة قرآنية مجودة بـالإذاعة المصرية، وله كذلك قراءة مشتركة برواية الدورى مع القارئين «كامل البهتيمى» و«فؤاد العروسى». وللشيخ أيضاً العديد من التسجيلات بالمسجد الأقصى ودول الكويت وسوريا وليبيا كما أنه تلا القرآن بالمسجد الحرام والمسجد النبوى بالمدينة المنورة، وحصل الشيخ «محمد صديق المنشاوى» على العديد من الأوسمة من دول مختلفة، كإندونيسيا وسوريا ولبنان وباكستان وكان أشهر ما قيل عنه هو ما قاله، الشيخ الراحل محمد متولى الشعراوى واصفاً له ولكبار المقرئين الذين ظهروا معه مثل الشيخ عبدالباسط عبدالصمد والشيخ محمود خليل الحصرى، حيث قال «إنهم يركبون مركبًا ويبحرون فى بحر القرآن الكريم، ولن يتوقف هذا المركب عن الإبحار حتى يرث الله الأرض ومن عليها، وهو ما يتحقق يومنا هذا بعد سنوات من رحيل الشيخ المنشاوى ورفقائه فى دولة التلاوة، لا يزال صوتهم يتردد بآيات الله حتى هذه اللحظة فى مختلف القنوات والإذاعات المصرية والعربية، ويحكى عن الشيخ المنشاوى حكاية تؤكد أنه رفض قراءة القرآن أمام الرئيس جمال عبدالناصر بعد أن وجه إليه أحد الوزراء الدعوة قائلاً له: سيكون لك الشرف الكبير بحضورك حفلاً يحضره الرئيس عبد الناصر، ففاجأه الشيخ محمد صديق بقوله: «ولماذا لا يكون هذا الشرف لعبد الناصر نفسه أن يستمع إلى القرآن بصوت محمد صديق المنشاوى وأعتذر عن حضور الاحتفالية وقال، «لقد أخطأ عبد الناصر حين أرسل إلى أسوأ رسله».