لماذا الصراع الأمريكي الإيراني يسبب مشكلة كبيرة للهند؟
قُتل اللواء قاسم سليماني القائد الأعلى لقوة القدس الإيرانية، في غارة جوية أمريكية على مطار بغداد في الساعات الأولى من 3 يناير 2020، وكان الجنرال "سليماني"، أقوى قائد عسكري إيراني ومهندس توسيع نفوذ طهران في العراق، ولبنان، وسوريا، واليمن.
ولقد اتخذت الحكومة العراقية هذا التصرف الأمريكي باعتباره انتهاكًا لسيادتها، وأقرت جلسة خاصة للبرلمان العراقي في 5 يناير 2020 قرارًا غير ملزم يدعو القوات الأمريكية إلى الرحيل وفي الوقت نفسه تضع حدًا للاتفاقية الموقعة بين الولايات المتحدة. وفقًا لـ"ديسان هيرالد".
ووصلت العلاقات الأمريكية الإيرانية الآن إلى أدنى مستوياتها منذ أزمة الرهائن الإيرانية في نوفمبر عام 1979، هناك تصريحات متضاربة صدرت عن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وبينما كان يبرر القتل بالقول إن ذلك قد تم من أجل "وقف الحرب، وليس بدء الحرب".
وكانت استجابة نيودلهي للتطورات هي التأكيد على ضبط النفس من جميع الجوانب، وأجرى وزير الخارجية د. جيشانكار محادثة هاتفية مع جواد ظريف من إيران، ومايك بومبو، وكذلك مع وزيري خارجية عمان والإمارات العربية المتحدة في 5 يناير.
فلدى الهند الحق في القلق، تعتبر حصص نيودلهي عالية جدًا في المنطقة نظرًا لإمدادات الطاقة وعلاقاتها الاقتصادية والتجارية وتحويلاتها، وأخيرًا رفاهية وأمن 9 ملايين هندي يعيشون في منطقة الخليج، ففي حالة نشوب حرب وعدم استقرار في المنطقة، فإن إخلاء الهنود سيكون أمرًا صعبًا.
سيكون ارتفاع أسعار النفط والتكلفة الاقتصادية للحرب في المنطقة عاليًا للغاية بالنسبة لنيودلهي. وتستوفي الهند 83 في المائة من احتياجاتها من الخام من خلال الواردات، وتمثل منطقة الخليج الفارسي وحدها 70 في المائة من واردات الهند من النفط الخام.
والأهم من ذلك أن ثلثي النفط الهندي ونصف إمدادات الغاز الطبيعي المسال تمر عبر مضيق هرمز، أي تعطل في حركة الناقلات بسبب النزاع في منطقة غرب آسيا سيؤدي إلى ارتفاع في أسعار النفط العالمية مما يؤثر على الهند أيضًا.
وتعتبر إيران أيضًا بوابة الهند إلى أوراسيا، وشريكًا مهمًا في الحفاظ على السلام والاستقرار في أفغانستان، وتجلى التعاون الثلاثي بين الهند، وإيران، وأفغانستان، في شكل اتفاق حول تطوير ميناء تشابهار لتسهيل الاتصال بين الهند وأوراسيا.
ومن حيث التكلفة الاقتصادية للهند، يمكن أن يكون لتجارتها مع إيران في الأرز البسمتي، وفي الشاي مع دول غرب آسيا، تأثير سلبي في حالة حدوث نزاع، طلبت رابطة مصدري الأرز في الهند (AIREA) بالفعل من المصدرين عدم القيام بأي شحنة من الأرز حتى يتحسن الوضع.
على المستوى السياسي والاستراتيجي، لا تستطيع نيودلهي التغاضي عن الموقف المهيمن لإيران في المنطقة، ومن وجهة نظر الهند، من المهم التأكد من احتفاظها الإقليمي بالتعاون الوثيق مع اللاعبين الإقليميين المهيمنين مثل روسيا، والصين في هذه اللحظة الحرجة.
في ظل هذه الظروف، لا يوجد خيار سوى أن تتخذ الهند مبادرة دبلوماسية أكثر نشاطًا لتهدئة الأزمة في منطقة الخليج الفارسي، وأن الهند تربطها علاقات وثيقة مع إيران ودول الخليج من جهة وعلاقتها مع الأثقال الإقليمية، الصين وروسيا، والشريك الوثيق، الولايات المتحدة الأمريكية.