مرممة آثار تكشف أسرار جديدة عن بخور "كيفي" الفرعوني
على منضدة صغير في معرض فناني الآثار بالمتحف الإسلامي، عرضت داليا نبوي أخصائي ترميم أول بالمتحف القبطي، عملها الفني المتميز وهو عبارة عن بخور مصري قديم، أو بخور كيفي kyphi او kep-t.
وفي تصريحات خاصة إلى "الفجر"، قالت نبوي إن بخور كيفي تعود جذوره إلى الحضارة المصرية القديمة وأقدم نص ذكر كيفي كان من متون الأهرام في الدولة القديمة، حيث كان "كيفي" من ضمن الكماليات التي يحرص على وجودها الملك في العالم الآخر.
وأضافت: "كيفي" واحد من أشهر البخور المقدسة المستخدمة داخل المعبد فهو لا يعد بخورًا عاديًا بل تتعدى وظيفته كبخور إلى استخدامات مختلفة ومتعددة حيث جاء ذكره كوصفة علاجية من خلال بردية ايبرس وهاريس كمعقم ومطهر ومنقي للملابس والنفس.
وقالت نبوي إن بلوتارخ نقل لنا عن مانيتون 125 – 50 ق.م إلى كيفية إعداد بخور الكيفي، حيث قال إن إعدادها يتطلب غناء وترتيلات سحرية، فهي لها تأثير يعمل علي تغيير المزاج الشخصي، وفرض شعور مصطنع من الراحة والسهولة، فالهواء ينقل رائحة امتزاج الكيفي بلطف وهدوء يؤدي إلى النوم والراحة والهدوء فيعطي إحساس بما يشبه تناول الشراب مخدر من النبيذ.
وأضافت نبوي أن أحد أقدم العادات لدى قدماء المصريين هي تعقيم المعبد، حيث يقوم الكهنة بتبخيره باللبان الدكر صباحًا ثم المر في الظهيرة وجعل كيفي في المساء لجلب الاسترخاء والراحه والهدوء، وهنا نقف مع لفظة "كيفي" والتي جاء منها لفظ الكيف والمذاج.
وأشارت إلى أن كيفي جاء كوصفه طبية في كتاب ديسكوريدس "Materia Medica" لعلاج الربو وذكرها جالينوس لعلاج أمراض الرئه ولدغات الثعابين، كما ذُكر هذا البخور أيضا في العديد من التعاويذ كطقس أساسي وأهمها تعويذة جمع الأعشاب حيث ذكرت مكوناته على حوائط معبدي إدفو وفيلة، وهي عبارة عن "مر، ولبان، ومستكه، وجاوي، وأصطرلك، وراتنج الصنوبر، وقرفة، ودار صيني، وهيل، وزعفران، وورد مجفف، وعشبة الليموني، وزبيب، وعسل، ونبيذ، وقصب الذريرة".
وأختمت نبوي كلماتها، قائلة: يبدو أن المصري القديم رغب في أن يكون كيفي علاج شامل لجميع المشاكل سواء تطهير وتعقيم الهواء أو علاج لعديد من الأمراض، مما جعلني أعيد صناعته بنفس المكونات وتكنيك الصناعة القديم وذلك لإعادة استخدامه كبديل آمن وفعال في مكافحه آفات وجراثيم الهواء وذلك بعد تجميع العديد من الدراسات الحديثة عن فعالية المواد المكونة له في مكافحة آفات الهواء بشكل آمن وبدون ضرر علي البيئة.