"محمد إبراهيم".. حكاية طبيب نفسي بدرجة فنان
قبل عدة أيام، أعلنت جامعة القاهرة جوائز مهرجان المسرح للعروض القصيرة، قد فاز محمد إبراهيم طبيب امتياز بكلية طب قصر العيني بثلاث جوائز عن مسرحيته "ديفيد هيلفجوت"، وفاز بالمركز الأول عن الإعداد الموسيقي، وفاز بجائزة المركز الأول للإعداد المسرحي، وحصل على جائزة المركز الأول كأفضل مخرج.
بدأت رحلة "إبراهيم" مع الفن في المرحلة الإعدادية بدعم من والدته، أتقن العزف علي الكمان وتوزيع الموسيقي "أمي شجعتني أعزف علي بيانو والأروج، ومن وقتها أهلي بيشجعوني"، ظهرت مواهب محمد إبراهيم عقب التحاقه بكلية طب قصر العيني جامعة القاهرة، ودخول مسرح الكلية "التحقت بمسرح الكلية في سنة رابعة واتعلمت التمثيل وأخدت ورش في التمثيل، تابعت المسرح التجريبي والمهرجان القومي ومهرجان الفنون المسرحي".
يري "إبراهيم" مسرح كلية طب يقدم الفن بشكل مختلف "مسرح كلية طب مختلف، المسرح عندنا ماشي أجيال، جيل بيعلم جيل، الخبرات بتنقل بين الجديد والقديم"، يرفض إبراهيم فكرة طالب الطب الدحيح "فكرة أن الطبيب معندهوش مشاعر ودحيح بس غلط، الأطباء من أكثر من الفئات التي تعاني في المجتمع وتواجه الألم، بالعكس الأطباء أكثر أشخاص بيحاولوا يدققوا في التفاصيل، والفن أداة لمواجهة المعاناة وتفريغ طاقة".
هذا العام، فازت مسرحية "ديفيد هيلفجوت" التي أخرجها بأكبر عدد من الجوائز "سبع جوائز": "جائزة أفضل ممثل دور أول وجائزة أفضل ممثل دور ثاني وجائزة ترشيح أفضل ممثلة دور ثاني و جائزة لجنة التحكيم الخاصة بالإضافة إلي ثلاث جوائز حصل عليها إبراهيم عن المسرحية، حيث جمعت بين الفن والطب النفسي، وتحكي قصة المسرحية عن عازف موسيقي استرالي مضطرب نفسيا، هاجرت أسرته إلي استراليا بعد الحرب العالمية الثانية، يواجه ديفيد قسوة والده بيتر".
بدأت رحلة مسرحية "ديفيد هيلفجوت" علي مدار ثلاث أشهر من العمل الشاق للبحث عن القصة ثم إعداد النص واختيار الممثلين والبروفات والإعداد النفسي للشخصيات و التأليف الموسيقي "فكرت في البداية في تقديم قصة بيتهوفن أو موتسارت لتقديم عمل فني مسرحي موسيقي، لكن هذه الشخصيات قتلت بحثًا، اخترت ديفيد لأنه شخصية مجهولة".
يحكي "إبراهيم" عن تفاصيل المسرحية "قصة حقيقية مقتبسة عن فيلم التألّق إنتاج عام 1996 في استراليا من إخراج المخرج سكوتت هيكس، ولعب دور بطولته الممثل جوفروي راش الذي فاز بجائزة أوسكار، وتعتبر حياة ديفيد حياة موسيقار مأساوية بسبب طفولته الصعبة مع أبوه، وبقائه لمدة عشرين عام في مصحة الأمراض العقلية وفي غرفته الصغيرة بالمصحّة ظلّ ديفيد يعزف البيانو المتخيّل في عقله على الأرض حتى نزفت أصابعه، وقد ترك لعشاق الموسيقى تراثا موسيقيا ثمينا".
واجه إبراهيم مجموعة من صعوبات في تقديم هذه المسرحية "مرحلة إعداد النص كانت من أصعب مراحل، كتبت أدوار جديدة وكبرت من الأدوار الهامشية"، كانت هناك صعوبات في تحويل عمل فني ناجح إلي نص مسرحي، ثم تناقشت مع أبطال العمل عن الحوار والجمل في المسرحية، فضلت الاستعانة بممثل واحد تقديم شخصية ديفيد علي عكس الفيلم الذي قدم ثلاث أشخاص " ديفيد الطفل - ديفيد الشاب - ديفيد العجوز، كل كلمة في المسرحية اتكتبت للسبب معين".
لم تكن كتابة النص الصعوبة الوحيدة التي واجهت المخرج، هناك مشكلة أخرى وهي صعوبة تقديم شخصية مريض ومضطرب نفسيًا "أثناء بروفات المسرحية، قريت ودورت علي دراسات علمية عن المرض النفسي، بحثت عن حالات مرضية شبيه لحالة ديفيد عشان أطبق عليها في المستشفي، جمعت تصور نفسي للشخصية وتحدثت مع البطل، ثم جمعت العلم والفن والدراما"، ثم ظهرت صعوبة أخرى في اختيار الشخصيات للعمل " مرحلة تسكين الشخصيات كانت صعبة لانه كل الأشخاص عايزة دور البطولة، وأنا أبحث عن شخصيات معينة وبدأت في عمليات التوفيق والتبديل لاختيار ممثل له حس موسيقي، محمود شرف بطل العرض يجيد العزف، هو ممثل شاطر وخد مركز أول "
لعل علي رأس صعوبات التي واجهت إبراهيم هي التوفيق بين ساعات العمل بالمستشفي و بروفات العرض المسرحي، بالإضافة إلي مشكلة توفيق بين المحاضرات والبروفات لأعضاء فريق المسرح الذي يديره " التغلب علي مشكلة ضغط المحاضرات والامتحانات كانت توفيق من الله، صحيح الفن بياخد وقت في الإعداد والتمثيل، أما فريق المسرحية كانوا متفهمين وكانوا بيجوا البروفات رغم ضيق الوقت والامتحانات، الإدارة المسرح ساعدتنا كثيرا في التوفيق بين الامتحانات والبروفات ".
يملك الأطباء حسب رؤية إبراهيم قدرة العقل النقدي و تحليل التفاصيل بجانب روح الفن والموهبة التي كان يملكها فريق إبراهيم " نملك روح والفن والعلم لذلك المسرحية وصلت للناس، أحلم بالجمع بين الفن والطب النفسي لتقديم الشخصيات الفنية بشكل علمي صحيح"، قد قرر إبراهيم دراسة الطب النفسي بعد مرحلة الامتياز "طموحاتي بسيطة، أعمل اللي بحبه في الفن أو الموسيقي أو الطب وأعمل ما أؤمن به في الفن".
نجح إبراهيم في الحصول علي عدة جوائز منها مركز أول في عرض مهرجان الفنون والحصول علي المركز الثالث في عرض مسرحي للكلية العام الماضي وشهادة تقدير من الجامعة ، كما شارك إبراهيم في تقديم عروض مسرحية علي مسرح الدولة الهناجر.