المغرب يرسم حدوده البحرية.. هل يُشعل الصراع مع إسبانيا؟
لم يترك وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة أذنه للتهديدات الإقليمية، عندما عرض مشروعين أمام أعضاء لجنة الخارجية والدفاع الوطني بمجلس النواب المغربي، لتحديد حدود المياة الإقليمية لبلاده على مسافة 200 ميل بحري بعرض السواحل المغربية، وهي الخطوة التي قوبلت برفض إسباني عبر عنه لحزب الاشتراكي الحاكم في إسبانيا، ورئيس حكومة جزر الكناري الإسبانية ذاتية الحكم، أنخيل توريس، وذلك لأن القرار المغربي يشمل مياة سبتة ومليلة المحتلتين وجزر الكناري، كما يشمل سواحل الصحراء الغربية تلك القضية التي لا تزال تنتظر الإستفتاء من أجل تقرير المصير، مما يفتح باب الصراع السياسي بين الرباط ومدريد وجبهة البوليساريو الصحراوية من جديد.
موقف سيادي مغربي
"مسألة ترسيم الحدود البحرية تبقى بالنسبة للمغرب، حكومة وبرلمانا، قرارا وموقفا سياديا خاصا بالدولة المغربية" بتلك الكلمات وصف نبيل الأندلوسي نائب رئيس لجنة الخارجية والأمن والدفاع عن المناطق المحتلة بمجلس المستشارين المغربي، ورئيس لجنة الشؤون التشريعية وحقوق الإنسان بالبرلمان العربي، قرار بلاده بمد الحدود البحرية إلى منطقة الصحراء، مبينًا أن المغرب، من خلال المواثيق والقوانين الدولية له الحق في ذلك.
وأكد الأندلوسي في تصريحات إلى "الفجر"، أن الأمر هنا لا يتعلق بالأطراف الأخرى مادام أن المغرب يمارس حقه كما حددته القوانين الدولية دون مساس بحق أي دولة من دول الجوار، مشيرًا إلى أن هذا لا يعني هذا عدم تفعيل القنوات الدبلوماسية خاصة مع إسبانيا وموريتانيا لتوضيح ملابسات وحيثيات وسياقات القرار، لكن الحوار والتواصل لا يمكن أن يكون إلا في إطار القانون الدولي ووفق الشرعية الدولية المنظمة لآليات ترسيم الحدود بين الدول المعترف بها من قبل الأمم المتحدة والمنتظم الدولي.
وأضاف ورئيس لجنة الشؤون التشريعية وحقوق الإنسان بالبرلمان العربي، أن المشروعين اللذين تم تأجيل المصادقة عليهما من طرف البرلمان المغربي يتعلقان بحدود المياه الإقليمية، وتحديد المنطقة الاقتصادية الخالصة على مسافة 200 ميل بحري، وذلك تحقيقا وتفعيلا للسيادة الكاملة للدولة المغربية على المجال البحري، وهذا الإجراء بعد مصادقة البرلمان، سيكون تكريسا قانونيا لواقع موجود على أرض الواقع، وتأكيد من المغرب على أن قضية وحدة المغرب الترابية وسيادة على المجال البحري، محسومة بالقانون والواقع معًا.
المغرب بين نارين
"المغرب في مسألة الحدود بين نارين" بتلك الكلمات وصف أدريس السدراوي، رئيس الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان القرار المغربي بمد الحدود البحرية لمنطقة الصحراء، مبينًا أن النارين هما نار الانفصاليين المدعومين من الجزائر ماديا وعسكريا ودبلوماسيا، والنار الأخرى تتمثل في ابتزاز المستعمر الإسباني الذي يبتز المغرب بمسألة الصحراء المغربية ويلعب بهذه الورقة لتكريس احتلاله على التراب المتمثل في سبتة ومليلية وباقي الجزر والآن في المياه والحدود البحرية التي تؤكد كل المعطيات الجغرافية والتاريخية والمنطقية بأحقية المغرب لها
وأكد السدراوي لـ"الفجر"، أنه للمغرب الحق في اللجوء للأمم المتحدة وكذا لآليات التقاضي الدولية لكنه سيفتح جبهات جديدة هو في غنى عنها وليس لديه الإمكانيات الدبلوماسية لفتح جبهة أخرى خصوصا أمام تصدع الجبهة والتضامن العربي والجامعة العربية لكن التلويح بذاك يجعل اسبانيا تراجع حساباتها لأنها ليست بذات حق.
وأضاف رئيس الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان، أن إسبانيا تستفيد من عدم مد الحدود خصوصا لتفوقها العسكري البحري مقارنة بالمغرب رغم فشلها في ضبط تدفق موجات المهاجرين السريين وبعض مافيات المخدرات، إلا أن استمرار اسبانيا في الابتزاز قد يجعلها الخاسر الأكبر اذا انتفض المغرب وطالب باسترجاع كافة أراضيه المسلوبة.
وبين السدراوي، أنه إذا مد المغرب حدوده إلى الصحراء سيكون موقفه أقوى في اتفاق الصيد البحري مع الاتحاد الأوروبي وكذلك الاستفادة من الثروات البحرية المهدرة.
الرد الرسمي
"الرد كان رسمي" بتلك الكلمات وصف الكاتب والإعلامي الصحراوي وعضو جبهة البوليساريو أمحمد سيد أحمد، موقف الحركة من الطلب المغربي من مد الحدود البحرية إلى منطقة الصحراء، مبينًا أن المنسق مع البعثة الأممية من أجل تنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية "المينورسو" امحمد خداد ان المغرب لا يمكنه تغيير النزاع بالصحراء الغربية والحكومة الصحراوية أعلنت أنها مستعدة للتفاوض مع كل جيرانها بطريقة عادلة وشفافة حول حدودها البحرية من أجل التوصل إلى نتيجة مقبولة من طرف الجميع وتكون في صالح كل دول وشعوب المنطقة، بينما دولة الصحراء قد أقرت في عام 2009 قانونا يؤكد سيادة الدولة الصحراوية على منطقتها البحرية ومياهها الإقليمية على طول 12 ميل بحري ومنطقة اقتصادية حصرية تبلغ 200 ميل بحري.
وأكد سيد أحمد، أن المغرب لا يمكن أن يرسم حدود برية ومائية في إقليم محتل، ولكن الإجراء المغربي هو نوع من الاستفزازات للفت إنتباه الشعب المغربي عن قضاياه الداخلية.
وبين الكاتب الصحراوي، أن الرد جاء سريعًا من وزارة الدفاع الإسبانية بإرسال سرب طائرات إف 18لجزر الكناري الإسبانية والتي ضم المغرب مياهها الإقليمية في الحدود التي يريد مدها، والأحزاب الإسبانية اليسارية ردت سريعًان مشيرًا إلى أن المغرب يمكنه أن يقول كيفما يشاء ولكن الحدود مرسومة ضمن خرائط الأمم المتحدة في الدول ويوجد على الأرض بعثة الأمم المتحدة وجبهة البوليساريو أهل الأرض والحق.
استفزاز الاتحاد الأوروبي
وأردف سيد أحمد، أن المغرب يحاول إستفزاز الاتحاد الأوروبي بهذا القرار إضافة لعدد من الملفات مثل الهجرة السرية إلى سبتة ومليلة والمقايضة على ممر الجرجرانت.
وأشار الكاتب الصحراوي، إلى أن الإجراء المغربي جاء ردًا على المؤتمر الـ15 لجبهة البوليساريو في منطقة تفاريت المحررة مع تمثيل من 30 دولة وبعثة المينوروسو في مؤتمر شعبي عام، والمغرب راسل الأمم المتحدة بمذكرة احتجاج ولكن لم ترد الأمم المتحدة عليها، حيث تسميها الرباط بالأراضي العازلة ولكن الحقيقية أن المناطق العازلة تكمن في 3كم شرق وغرب الجدار بحسب اتفاق 1991، ولكن الجسم المحرر يمثل 20% من أراضي الصحراء وتتمركز فيه 6 نواحي عسكرية، بها وحدات الجيش الصحراوي، وتوجد مقرات للأمم المتحدة.