واشنطن تقصف الحشد الشعبي.. هل يدفع العرب فاتورة الحرب؟
فاجأت الإدارة الأمريكية الجميع بهجوم مباغت على القواعد التابعة لميليشيات الحشد الشعبي في كل من سوريا والعراق، ولا تزال حصيلة قتلاه ومصابيه آخذة في الإرتفاع، لترسم مواجهة بين الولايات المتحدة وإيران على أراضي عربية، فمن سينتصر في تلك المواجهة وهل ستدفع فواتيرها من جيوب عربية وعلى حساب أرضهم ودمائهم.
إيران
"الولايات المتحدة لن تتورط في حرب جديدة بالعراق"، هكذا وصف محمد الحزباوي، رئيس حركة 15 نيسان لتحرير الأحواز الهجمات الأمريكية الأخيرة على مناطق الحشد الشعبي، مبينًا أن ما يحدث هو مسرحية تقوم بها واشنطن لكي تضغط على الدول العربية مثل السعودية ودول الخليج لجلب الأموال وعقد صفقات الأسلحة فأمريكا تلعب من تحت الطاولة مع إيران.
وأكد الحزباوي في تصريحات إلى "الفجر"، أن إيران تحرك الحشد الشعبي لضرب قواعد امريكية في الشرق الأوسط وخصوصا في العراق للهروب من اقتصادها المتدمر والمظاهرات الشعبية المستعرة في ايران، لان حاليا طهران بمأزق حاد بسبب العقوبات الأمريكية ومن هذا المنطلق، إيران تضغط بمليشياتها وعناصرها في الدول العربية للضغط على أمريكا لرفع عقوباته الاقتصادية.
وأضاف رئيس حركة 15 نيسان لتحرير الأحواز، أن الغرب هو من أنشأ دولة إيران نفسها على أراضي شعوب أخرى حتى تكون حاجز ضد التمدد السوفيتي ومنع السوفيت من الوصول للمياة الدافئة، وحتى بعد سقوط دولة الشاة، تتحدث مذكرات بعض أقطاب النظام مثل مذكرات جعفر زادة أن أمريكا وبريطانيا هما من اوصلا الخميني لحكم إيران، ولكن عندما طمح في أن يصبح قوة إقليمية حدث صراع بين الطرفين.
وأكد الحزباوي، أن الحشد الشعبي في أضعف حالاته حاليًا لأن الشعب العراقي ثائر ولا يريده في العراق، كما أن العقوبات شلت الاقتصاد الإيراني كامل وتهدد بسقوط النظام، مشيرًا إلى أن إيران لا تستطيع أن تصدر النفط إلا عبر الحكومة العراقية، ولذلك اذا سقط الحشد ستسقط إيران، ولكن الولايات المتحدة لا تريد ذلك في الوقت الحالي، لأنها لم تجد بديل في الشرق الأوسط يلعب الدور الإيراني وتبتز به دول الخليج.
العراق
"إنطلاق الصراع المسلح الفعلي بين الولايات المتحدة وإيران ولكن على الأراضي العراقية"، بهذه الكلمات وصف غانم العابد الإعلامي والباحث في الشأن العراقي، مبينًا أنها انطلقت في وجود حكومة عراقية ضعيفة لم تستطيع ضبط الحركات المسلحة ولم
تتمكن هي أو مجلس النواب من تنفيذ القرار الذي أعلنوا عنه منذ أكثر من سنة ونصف بقانون إخراج القوات الأمريكية من العراق.
واكد العابد في تصريحات إلى "الفجر"، أن تداعيات الوضع خطير جدًا خاصة بالمحافظات الشمالية والغربية والتي تحتوي على معظم القوات الأمريكية، وسيكون الرد الإيراني هناك، مشيرًا إلى أن هذه المناطق تخلصت من داعش ولكن لا يزال بها حرية عمليات للتنظيم خاصة في الأسبوعين الماضيين، وقد تستغل جهات مسلحة أخرى الوضع لتحدث كارثة جديدة مثل ما حدث 2014 وسيطرة لتنظيم داعش على أجزاء واسعة من العراق.
وأضاف الإعلامي والباحث في الشأن العراقي، أن الولايات المتحدة تتحكم في المجال الجوي العراقي وتعرف اماكن المقرات ومخازن الأسلحة، وهذا الرد كان متوقع، ومنذ سنتين يتحدث الإعلام الإسرائيلي والأمريكي بأن إيران تنقل صواريخ حديثة إلى العراق ليست لإستهداف الأمريكيين فقط، وإنما المصالح الأمريكية بالخليج، وهذا ما حذر منه مستشار الأمن القومي الأمريكي مايك بومبيو أثناء زيارته المفاجئة للقوات الأمريكية بالعراق.
وأوضح العابد، أن إيران المستفيد الأكبر من هذه الفوضى هي طهران، فإيران مثل ما تدير صراعها مع إسرائيل عبر حزب الله ومع السعودية عبر الحوثيين، تريد أن تدير صراعها مع الولايات المتحدة عبر العراق، كما أن نظام الملالي يعتبر العراق الرئة التي تتنفس منه، وهو خسر الشارع الشيعي في العراق في الأونة الأخيرة، ويحتاج لترميم أوضاعه، ولذلك يستغل الوضع الجديد لإشغال الأمريكان في المحافظات الغربية والشمالية لتوفيق أوضاعه بالمحافظات الجنوبية، وتخويف المتظاهرين ومطالبتهم بإنهاء احتجاجاتهم لمواجهة الخطر الأمريكي.
وتابع الإعلامي والباحث في الشأن العراقي، أن موضوع تشكيل حكومة عراقية مسألة حياة أو موت لإيران لأنها إذا تشكلت من غير الموالين لها تستند للشارع وتنهي التغلغل الإيراني في العراق، موضحًا أنه لابد من تشكيل حكومة عراقية بأسرع وقت، وضبط الفصائل المسلحة وألا تكون قرارها أقوى من قرار الحكومة
سوريا
"مواجهة امريكية ايرانية من نوع آخر على الأراضي السورية والعراقية" بتلك الكلمات وصف فراس الخالدي، عضو هيئة التفاوض السورية، وعضو منصة القاهرة للمعارضة السورية، الهجمات الأمريكية على ميليشيات الحشد الشعبي العراقية المرتبطة بإيران، مبينًا أنها تهدف إلى شيئين أساسيين الأول هو أن الإدارة الأمريكية لن تصمت تجاه حادث عرضي او غير عرضي يستهدف الجنود الأمريكيين أو المتعاقدين معهم، حيث جاءت الهجمات نتيجة استهداف ميليشيات عراقية لمتعاقد أمريكي قبل أيام ومقتله.
وأكد الخالدي في تصريحات إلى "الفجر"، أن ترامب قبل التجديد له أو نهاية ولايته يضع سيناريو المواجهة مع إيران وهو الحرب في العراق وسوريا، مشيرًا إلى أن الصدام بين واشنطن وطهران آخذ في اتساع رقعة المواجهات وخرج عن القواعد الكلاسيكية التي حكمته في الأعوام الماضية وقد يكون الانفجار له وشيك.
وأضاف عضو هيئة التفاوض السورية، أن قصف الأمس دخلت سوريا جزء منه، فالقصف شمل مدينة القائم العراقية والبوكمال السورية المتاخمة للحدود العراقية، كما أدى لتصريح من ديميتري ميسكوف الناطق باسم الكرملين بأن روسيا لها موقف مما حدث في أرض سوريا والعراق، مما يعني أن أمريكا لن تتردد في مواجهة ميليشيات إيران في العراق وسوريا.
وبين الخالدي، أن طهران تنزف دماء مرتزقتها في سوريا على يد إسرائيل وأمريكا ولا تستطيع الرد، حيث بلغت حصيلة قتلى ميليشيات إيران على يد إسرائيل وأمريكا أكثر من ١٠٠ قتيل في ٢٠١٩ وحده وهو رقم مهول مقارنة بما يخفيه النظام الإيراني من أرقام.
من جانبه، قال محمد أديب المتحدث باسم المكتب الإعلامي لحركة نور الدين زنكي، إحدى فصائل الجيش الحر، أن المليشيات الإيرانية وبشكل فعلي تمتلك طريق بري يمتد من إيران وصولًا للبحر المتوسط والجبهات المقابلة لإسرائيل، فطرق امدادها لسوريا مفتوحة بكل اريحية، وإيران تنقل العدة والعتاد والقوات البشرية بشكل مستمر
وأكد أديب في تصريحات إلى "الفجر"، أن الضربات الإسرائيلية التي حدثت في الفترات الماضية، كانت تتركز في محيط دمشق وجنوب سوريا بشكل لا يسمح لها بالتمركز بشكل مستقر في جنوب سوريا، مبينًا أن الضربات الامريكية مؤخرًا جائت في ذات السياق لكنها تتميز باستهداف طرق امداد الميليشيا وتعميق الإستهداف بحيث يشمل المليشيات بالعراق قبل دخولها لسوريا