احمد يونس يكتب : أصحاب المؤخرات المتنطعة
هل هناك فى العالم بأكمله من اكتشف مصلاً أو دواءً أو تطعيماً يقوى جهاز المناعة ضد الإخوان؟ أين هو حتى لا نصاب بهذا الوباء فى المستقبل مرة أخرى.
كلما ظهر أن الاختيار الوحيد أمامنا، داخلياً وخارجياً هو إما أن نتصرف كالرجال أو لا، فإن اختيار المتنطعين على عرش مصر قبل 30 يونيو 2013 هو دائماً: لا، هكذا بكل إباء وشمم، ثبات على المبدأ أثار إعجاب العدو قبل الصديق، تمسك بالموقف، أذهل حتى المتخصصين فى سيكولوجية القتلة ومصاصى الدماء، إصرار غير عادى، قلما يجود الزمان بمثله على الاستماتة دفاعاً عن المكانة الفريدة التى انتزعوها بكل استحقاق فى قاع بالوعة التاريخ، فلقد تمكنوا من ابتداع منظومة أخلاقية خاصة، تجب كل ما عرفه الإنسان على مدى تاريخه الطويل، منظومة أخلاقية، تعتبر أن الدفاع عن الكرامة ترف، وأن العزة تضيع المصالح، وأن إلقاء الناس من على الأسطح فضلاً عن التمثيل بجثامينهم مجرد دعابة لطيفة، وأن التمسك بسيادة الوطن ضد المسلحين من الخارج ليس إلا نوعاً من المزايدة، منظومة أخلاقية تؤمن بأن النزاهة تكمن فى تزوير الانتخابات، وأن الكذب ليس حراماً مادام على من هم خارج الجماعة، وأن السحل والتعذيب يدلان على حسن التنشئة، وأن القتل هو سيد الأخلاق، بالإضافة إلى أن الاستيلاء على المال العام والضرب بالقانون عرض الحائط وتمريغ الوجه تحت أقدام رعاة البقر أو الصهاينة هى الفضائل الأساسية التى يجب أن يتحلى بها كل من يجاهدون من أجل مشروع النهضة، منظومة أخلاقية ترى أن كسب رضا إسرائيل ذكاء، وأن الخطوة الأولى والأخيرة نحو تحرير القدس هى الهتاف: على القدس رايحين شهداء بالملايين ثم يتوجهون إلى استاد القاهرة.
الوطنية عند الإخوان أو مستخرجات الإخوان على وزن مستخرجات الألبان تكمن فى إهداء مفاتيح المدن والقرى وبيوت الآمنين وحضانات الأطفال إلى السى آى إيه، مادامت تدفع، هو الموقف الذى يليق بالجماعة، وأن دعوة العدو إلى حجرات نومنا لا يدل إلا على كرم الضيافة، أما الدليل على التمتع بالنظرة المتعقلة إلى الواقع فهو الدخول معه فى مفاوضات هادئة لابد أن تكلل آخر الأمر باتفاق دائم على اقتسام الزوجات، يحصل هو بموجبه على حزام أمنى يمتد من الرأس إلى الساقين، تاركاً لنا حذاء السهرة الجديد، نحن نحتكر لأنفسنا التقبيل، على حين يتولى هو الباقى.
لا أدرى لماذا؟ بينما أنا أستعرض العناصر الأساسية فى منظومة هؤلاء الأخلاقية الخاصة يخطر على بالى دائماً: اسم مهنة.
وعلى رأس المثل: ابن الحرام ما خلاش لابن الحلال حاجة، المثل معناه أن أولاد الحرام استطاعوا التسلل إلى أغلب المواقع العامة على حساب أولاد الحلال، لكن السؤال يبقى: من ذا الذى يلقح عليه البسطاء فى مصر، عندما يتكلمون عن ابن الحرام؟ من هذا الذى يشاورون عليه هو بالتحديد؟
ابن الحرام، بالمفهوم الذى يتفق عليه المصريون منذ فجر التاريخ، ليس هو الشخص الذى شاء قدره أن يولد خارج نطاق الزواج الموثق، الشعب المصرى عجوز يرفض الاحتفال بعيد ميلاده الكذا ألف، بينما أحفاده فى أمس الحاجة إلى هذه الشموع، ليستعينوا بها على دكتاتورية الظلام التى أخذت تبيض وتفقس حتى فى مآقى العين، إلى أن أضاءت 30 يونيو، كل الأضواء فجأة، الشعب المصرى عجوز ينحاز إلى المضطهدين لا يمكن أن يقهر بريئاً بجريرة غيره، ابن الحرام، بالمفهوم الذى يتفق عليه المصريون منذ فجر التاريخ هو من يخون بلاده، أو يبعث بالعصبجية المدججين بالسلاح ليضربوا أو يسحلوا المواطنين العزل فى الشوارع، أولاد الحرام هم من يستعلون على أداء تحية العلم، بينما هم يرفعون رايات القاعدة أو الذين يريحون مؤخراتهم المتنطعة على المقاعد لكى لا يقفوا أثناء عزف السلام الوطنى، ابن الحرام هو من يتحرش ببنات مصر أو سيداتها، بينما هن مصممات على المشاركة فى التظاهر، وهن بذلك يثبتن أنهن أرجل منه مائة مرة، ابن الحرام هو من يخاف من حرية التعبير ويرتعد أمام الكفر والثقافة والإبداع، إنه من يمص دم الفقراء، ليحوله إلى محال بقالة أو شركات تستولى على الأراضى بمساعدة الأهل والعشيرة، ابن الحرام هو من يضع تحت مخدة أبناء شعبه فى ليالى الأعياد علباً ممتلئة بالهدايا، كالسحل أو التعذيب حتى الموت فى سلخانات الأمن المركزى بالجبل الأخضر، ابن الحرام هو من يعتبر الناس جميعاً لا شىء، يكفى - لكى يصبح الشخص جديراً باللقب- أن يرتكب واحدة فقط من هذه الجرائم، واحدة فقط تكفى.
هذا - باختصار شديد- هو ابن الحرام، بالمفهوم الذى يتفق عليه المصريون منذ فجر التاريخ، فهل يختلف على ذلك أحد؟ الإجابة: نعم.. تسألنى: من هو؟ أقول لك: ابن الحرام.