عبر طفل صغير.. جلسة تصوير تعيد الجوكر إلى شوارع مصر

تقارير وحوارات

بوابة الفجر


لم يمر فيلم "الجوكر المهرج" على المصور الشاب محمد هويدي مرور الكرام، إذ صمم على إعادة تجسيد تلك الشخصية المثيرة للجدل ووضعها أمام كاميرته من خلال أحد الأطفال الصغار، وذلك ضمن المشروع الذي يعمل عليه منذ فترة طويلة، عبر تمرير تلك الشخصيات المشهورة سواء كانوا ممثلين، أو أشخاص عاديين أصحاب مهن وحرف مختلفة لهؤلاء الأطفال، فيما ملكت الفكرة عقله منذ أن بدأ الفيلم في الظهور، وتتابعت خلفه ردود الأفعال، لكنه آثر الانتظار حتى تخفت حدة الانتقادات الموجهة له "كمان علشان ما حدش يقول إني عامله على حس الفيلم"، كما يروي هويدي لـ"الفجر".






مشاهدات عديدة للفيلم قام بها هويدي، جعلته يصل إلى الفكرة الرئيسية من وراء جلسة التصوير، حيث يعتقد أن الكثيرين على اختلاف أنماطهم يشبهوا الجوكر، فيرون الحياة بمنطق تراجيدي، ليتغير هذا المفهوم مع الوقت لتصبح الحياة في نظرهم أشبه بالكوميديا السوداء، لا يجب أن يعبأوا كثيرًا بأحداثها وعوارضها الاستثنائية، كذلك تمكن من تحديد الكادرات المناسبة لالتقاط الصور، بجانب دراسة شخصية الجوكر؛ مشيته حركات جسده تعبيرات وجهه، عاونه في ذلك مصممة ملابس ومكياج قامت بعمل الجوكر الشهير "كمان خليت الطفل يتفرج على الفيلم أكتر من مرة".






فيلم الجوكر، الذي جسده "خواكين فينيكس"، يحكي قصة رجل يعمل كمهرج، ويؤمن بأن لعمله هذا رسالة، وهي إسعاد الناس، ويقوم برعاية أمه المسنة العاجزة، لكنه منذ صغره تعرض للعنف الأسري ولقسوة العالم وسوء المعاملة وانعدام التعاطف والاحترام والطيبة وحسن النوايا، وفي المقابل اعتاد أن يسامح الناس ويتحمل بصمت كل إساءاتهم، الأمر الذي جلعه يخضع للعلاج النفسي، ووصف له الأطباء الحد الأقصى الممكن من أدوية الاكتئاب لكن بلا جدوى، وفي النهاية أوصله الضغط لمرحلة الانفجار الانتقامي العدمي ضد كل من ظلمه ماديًا أو معنويًا بمن فيهم أمه فقتلهم جميعًا، خاصة بعد أن أوقفت الحكومة الرعاية الصحية المجانية التي كانت توفر له العلاج النفسي.






تعمد هويدي أن يكون التصوير في مكان عام ومغلق على إضاءة خافتة، لذا ذهب رفقة الطفل في المساء إلى ميدان التحرير، ويقول إنه بمجرد أن قاموا بعمل مكياج الجوكر للطفل، استرعي المنظر كل المارة في الشارع، وأخذوا يحدقون فيهم باستغراب ممزوج بالبهجة، لذا كان الشاب يُرغم على تغيير مكان التصوير كل فترة، فمن التحرير دلف إلى كوبري قصر النيل "كان فيه أتوبيس واقف خدنا كام كادر فيه"، تم هذا الأمر للمصور في وقت وجيز. كان يتمنى أن يمتد به الوقت أطول مدة ممكنة، لكنه تراجع بسبب تجمعات الناس التي كانت تحاصره أينما ذهب.






خلال التصوير كان الطفل الصغير يتجاوب مع توجيهات هويدي، فتماهى مع الشخصية، في حركات الجوكر وتعبيرات وجهه كما أداها في الفيلم، والسبب يرجعه صاحب الـ25 عامًا إلى أن "الطفل عنده خلفية في التمثيل كويسة، وكان أدى قبل كدا دور صغير في مسلسل"، بالإضافة إلى ظهوره في أكثر من إعلان، الأمر الذي ذلل أمامه صعوبة تقمص الطفل للدور المنوط به.






لم تكن المرة الأولى لـ"هويدي" في تصوير الأطفال على تلك الحالة، سبق وأن جعل طفلًا يجسد شخصية حزلقوم بشكل فكاهي،  فنالت شهرة واسعة على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، لكن هذه المرة وجد صعوبة في تنفيذ الفكرة "لأن دي أول مرة أجسد شخصية من فيلم أجنبي"، كما أن الشخصية ذاتها مثيرة للجدل، نظرًا لتركيبتها المعقدة والانطباع العام عنها يتسم بالحزن، فكان عليه أن يكثف كل تلك السمات في مجموعة من الصور، وهو ما يراه صعبًا على عكس الفيديو، فمن كادر واحد ينقل المصور كل انطباعات وأحاسيس الممثل.




دخل هويدي، الطالب بكلية الهندسة، عالم التصوير قبل 4 سنوات، وسط رفض أسرته، إذ لا يوجد نقطة التقاء بين الموهبة وطبيعة دراسة الشاب، لكنه عزم على المضي في طريقه، وسعى طوال الوقت أن يطور من أدواته، حتى خطر له قبل عام أن يعمل مشروع كبير، يكسر به التصوير النمطي للأطفال الصغار، من خلال تقمصهم لشخصيات كبيرة، سواء كانوا مشهورين، أو يحملون مهنًا وحرف مختلفة، حيث يؤمن بأنهم الأجدر على تجسيدها، نظرًا لبرائتهم وتلقائيتهم في التمثيل.