تعرف على المشهد الحقيقي لإعدام السلطان طومان باي
قد ينطلق خيال الدراما قليلًا، فنجد بعض الاختلافات في المشاهد التاريخية عن الذي نقلته لنا كتب المؤرخين، وخلال التقرير التالي نستعرض المشاهد الحقيقية لإعدام السلطان الأشرف طومان باي آخر سلاطين المماليك على يد العثمانيين.
إلقاء القبض عليه
قال سامح الزهار باحث أثري، إن الجند لما ألقوا القبض على السلطان طومان باي، ووصلوا به إلى معسكر الغازي "ابن عثمان" دار بينهما حوار، كان لطومان باي الغلبة فيه، وحتى أعجب به سليم الأول وقال: "والله مثل هذا الرجل لا يقتل ولكن أخروه في الترسيم حتى ننظر في أمره" وفكر سليم في أن يأخذه معه إلى اسطانبول، ولكن الخائنين "خاير بك" و"جان بردي الغزالي" خشيا على أنفسهما من بقاء طومان باي حيا، فألحا على السلطان سليم بقتله حتى اقتنع بقولهم.
وأضاف الزهار أن طومان باى تم تسليمه إلى علي باشا دلقدار أوغلو ليعدمه على باب زويلة، وكان المماليك قد أعدموا شهسوار بك، والد علي باشا دلقدار أوغلو قبل 40 سنة (1472م) على نفس هذا الباب لصداقته مع العثمانيين، وذلك حتى لا يرق قلب شانقه وينفذ مهمته بمنتهى القوة وكأنه يأخذ ثأر أبيه.
وتابع: في يوم الاثنين 23 أبريل 1517م أمر سليم بأن يمروا بطومان باي شوارع القاهرة، فمروا به حتى بولاق وشقوا به القاهرة إلى أن وصلوا إلى باب زويلة (الباب الدامي)، فرأي الحبال مُعلقة فعلم أنه مشنوق لا محالة، فتشهد وقرأ الفاتحة ثلاثا، وشُنق أمام الناس، وضج الناس عليه بالبكاء والعويل، وبقي معلقا ثلاثة أيام.
احتفال تشييع
وقال الزهار إنه فى 26 أبريل، أُقيم لطومان باى احتفال تشييع جثمان لا مثيل له، شهد به المؤرخين له أنه لو مات وهو على العرش لما أقيم له مثل هذا الاحتفال، ورغم أن السلاطين العثمانيين يحملون في بعض الأحيان توابيت آبائهم ولا يدخلون تحت أى تابوت آخر يحملونه، إلا أن السلطان سليم الأول حمل تابوت طومان باي، حضر مراسم تشييع الجثمان الرسمي كافة الرجال العثمانيون والمماليك معًا، ووزع السلطان سليم الأول على الفقراء تطييبا لروح السلطان طومان باي رحمه الله، النقود الذهبية لمدة 3 أيام.
هنا، يصف ابن إياس المشهد وصفًا دراميًا إذ يقول: (عند باب زويلة توقف ركب السلطان الأسير طومان باي، كان في حراسة 400 جندي من الانكشارية، وكان مكبلًا فوق فرسه، وكان الناس في القاهرة قد خرجوا ليلقوا نظرة الوداع على سلطان مصر، وتطلع طومان باي إلى قبو البوابة فرأى حبلًا يتدلى، فأدرك أن نهايته قد حانت، فترجل وتقدم نحو الباب بخطى ثابتة ثم توقف وتلفت إلى الناس الذين احتشدوا من حول باب زويلة، وتطلع إليهم طويلًا، وطلب من الجميع أن يقرؤوا له الفاتحة ثلاث مرات، ثم التفت إلى الجلاد، وطلب منه أن يقوم بمهمته، فلما شُنق وطلعت روحه صرخت عليه الناس صرخة عظيمة، وكثر عليه الحزن والأسف، فإنه كان شابا حسن الشكل كريم الأخلاق، سنه نحو أربع وأربعون سنة، وكان شجعًا بطلًا تصدى لقتال ابن عثمان، وفتك في عسكرهم وقتل منهم ما لا يحصى، وكسرهم ثلاث مرات وهو في نفر قليل من عساكره).
غروب دولة المماليك
وختم سامح الزهار الباحث الأثري كلماته قائلًا: باستشهاد طومان باي غربت شمس دولة المماليك، وخيم الحزن على البلاد والعباد، وتحولت مصر من دولة كبيرة ذات سيادة كاملة تحكم الشرق، إلى ولاية تابعة للخلافة العثمانية.