مفاوضات السلام السودانية.. حمدوك يسعى لتحقيق السلام مع الفصائل المسلحة
يفصلنا أيام قليلة عن إنطلاق الجولة الثالثة من مفاوضات السلام السودانية في عاصمة جنوب السودان جوبا بين الحكومة السودانية الإنتقالية برئاسة حمدوك وبين الفصائل المسلحة، والتي من المقرر أن تحل وضع الحرب في أقاليم السودان الملتهبة مثل دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق، وتوقف حمامات الدم التي نزفت في تلك المناطق إلى أن رحل نظام البشير.
مفاوضات السلام
"ملف السلام من اولويات مطالب الثورة السودانية" بتلك الكلمات وصف حذيفة محيي الدين رئيس حركة كفاح السودانية، والأمين العام السابق لحركة العدل والمساواة الجديدة مسار السلام الحالي بين الحكومة السودانية والفصائل المسلحة، مبينًا أن كل الشعب السوداني يتوق لحسم هذه القضية، التي راح ضحيتها ما يقارب الـ 500 ألف مواطن سوداني في دارفور وجنوب كردفان والنيل الازرق، وتشرد ما يقارب الـ 3 مليون مواطن في عدد من انحاء الأقليم.
بينما قال محمود إبراهيم رئيس مكتب القاهرة للحركة الشعبية قطاع الشمال جناح مالك عقار، إن أهم نقطة هي مسائل الحرب والسلام اذا ما حسمت سيكون الثورة ما اكتملت، لأن الصراع في السودان يحتاج لمعالجة متكاملة، مبينًا أن تلك القضية هي ما أنهكت السودان واستنزفت النظام السابق حتى تأتي الثورة وتستكمل الباقي.
جولات مكوكية
قال عاصم بحر أبيض، رئيس حركة نضال السودانية، إن عملية السلام في السودان هو ملف شائك فيه الكثير من التعقيدات في عملية السلام خاصة في الأقاليم الملتهبة كدارفور، والدليل على ذلك هو زيارة رئيس الجبهة الثورية جبريل إبراهيم إلى تشاد، والتي تتزامن مع زيارة حميدتي لنفس المنطقة، وذلك بسبب الوضع في دارفور المتاخمة لتلك الدولة، ولا تزال القتلى هناك ولا تزال معاناة المدنيين مستمرة في تلك المنطقة، والتي سبقتها جولات مكوكية قام بها أعضاء الحرية والتغيير للقاهرة ولكن لم يلمس لها نتائج على أرض الواقع.
وأكد بحر أبيض لـ "الفجر"، على أنه رغم الجهود المبذولة فلم تترجم نتائج على أرض الواقع، هناك إخفاقات مشتركة وهناك أحد مكونات الحرية والتغيير وهو الحزب الشيوعي يتحدث عن تلك الإخفاقات، كما شهدت الأيام القليلة الماضية حضور ممثلي الجبهة الثورية في داخل السودان، لن يتم الكلام على أرض الواقع ما لم تنجز نتائج على الأرض ومنها إعادة النازحين واللاجئين ودفع التعويضات لهم.
كواليس الجولة القادمة
بينما أشار إبراهيم لـ "الفجر"، إلى أن الجولة الثالثة من السلام في السودان، والتي ستعقد في العاصمة الجنوب سودانية جوبا ستشمل ملفات أوسع في عملية السلام، وينتظر أن تحل فيها جميع المسائل العالقة بين الحكومة والحركات المسلحة.
وأضاف رئيس مكتب القاهرة للحركة الشعبية قطاع الشمال جناح مالك عقار، أن قضية الترتيبات الأمنية هي من أوائل القضايا التي ستحلها المفاوضات القادمة بين الطرفين وعملية دمج الحركات داخل جسم الجيش السوداني، مبينًا أن الجولات الماضية كلها كانت جولات ناجحة وأسفرت عن تقدم ملحوظ في كافة القضايا، وذلك لأن الخلافات ليست عميقة، فالفصائل نفسها جزء من الحرية والغيير عدا فصيلين عبد الواحد وعبد العزيز الحلو، المكون نداء السودان جزء من مكون الحرية والتغيير.
وأوضح إبراهيم، أن مسألة محاكمة المتورطين في عمليات الإبادة والجرائم في دارفور ومناطق الهامش تم تخصيص لجان لها بحسب الوثيقة الدستورية التي وقع الجميع عليها، مطالبًا بتقديم المطلوبين لمحكمة الجنايات الدولية للعدالة الدولية ممن ارتكبوا جرائم في هامش السودان، فيجب عدم الإفلات من العقوبة وتحقيق شفاف.
عدم الإفلات من العقوبة وتحقيق شفاف، والولايات يعينوا والمجلس العسكري أن يكونوا ولاة عسكريين، الولاة الستة العسكريين هو بمثابة إعلان حرب.
مطالب الحركات المسلحة
بينما لخص منصور أرباب رئيس حركة العدل والمساواة الجديدة، مطالب الحركات المسلحة في الإتفاق علي هياكل حكم وفق برنامج وأهداف محددة، تشارك فيها كل القوى الثورية بما في ذلك الحركات التحررية المسلحة وتكون هي الجهة الضامنة لتنفيذ هذا البرنامج، وأن تكون مهام المرحلة الإنتقالية عدد من القضايا الهامة مثل تصفية مؤسسات وآثار دولة الحزب الواحد ووضع أسس لدولة المواطنة.
وأكد أرباب لـ "الفجر"، على أن من الملفات التي ستساعد في حل قضايا السلام هي محاسبة سدنة نظام الإنقاذ وإسترجاع أموال الشعب السوداني المنهوبة ومحاسبة، الذين إقترفوا جرائم حرب والجرائم ضد الإنسانية في حق الشعب السوداني.
وأضاف رئيس حركة العدل والمساواة الجديدة، أنه يجب مخاطبة جذور أسباب النزاعات المسلحة ومعالجة إفرازاتها من نزوح وتشرد وإعادة إعمار مادمرته الحروب، وتعويض المتضررين منها، حتي يعودوا الي بناء حياتهم ويساهموا بصورة إيجابية في بناء السودان ويشمل ذلك تطبيق برنامج العدالة، وإرساء قواعد السلام وإعادة النازحين واللاجئين إلي مناطقهم الأصلية والعمل علي إعادة إعمارها.
معوقات الإتفاق
وأكد البلول، على أنه يعاني الشعب السوداني في دارفور وخاصة النساء والاطفال في معسكرات النزوح، لذلك صارت القضية هي من اولويات الفترة الانتقالية، والتي تحظي باهتمام الحكومة والشعب السوداني، مبينًا أن هنالك تعقيدات زاد من ازمتها الصراعات الدولية خاصة صراع المحاور، والمؤسف أن هذا الصراع اخر كثيرا جلوس الاطراف المتفاوضة.
وبين رئيس حركة كفاح السودانية، أن ملف دارفور كان مقره في الدوحة وقطر اخذت تفويض دولي وأقليمي؛ لرعاية المنبر ونتيجة لصراع المحاور تم سحب الملف من دولة قطر ومازالت الاطراف في انتظار واعتراف دولي جديد للمنبر البديل في جوبا، وهو سبب التاخير في عملية بدء التفاوض، ونأمل أن لا يطول الانتظار.
وأبدى البلول، تفاؤله بأن قضية الحرب والسلام أصبحت قاب قوسين أو أدني لطيها نهائيا، وذلك لجدية الاطراف وخاصة الحركات المسلحة، التي أرسلت وفودها الآن في الخرطوم للتبشير بالسلام، والسلام الآن آصبح واقعاً وتبقت المسائل الفنية فقط.
رافضوا المفاوضات
بينما يغيب عن الإتفاق قوى مسلحة هامة، منها جيش تحرير السودان جبهة عبد الواحد محمد النور، وهي التي تسيطر على جبل مرة مقر الحركات المسلحة في دارفور، وتعتبر من أبرز الحركات الدارفورية وأكثرها عدة وعتادًا، والحركة الشعبية قطاع الشمال جبهة عبد العزيز الحلو، والتي تسيطر على كاودا وجبال النوبة بولاية جنوب كردفان.
وأكد محمود محمد الناير، على أن هناك عدة متطلبات للحركة للدخول في مفاوضات للسلام ومنها العمل علي تحويل الإتفاق الثنائي بين الحرية والتغيير والمجلس العسكري إلي إتفاق شامل، يشارك فيه كل السودانيين لا سيما مكونات الثورة، وصولاً إلي تشكيل حكومة مدنية بتوافق الجميع بدلاً عن السير في عملية فرض الأمر الواقع وسيطرة أقلية علي السلطة.
وأضاف الناير لـ "الفجر"، إن خلق مجتمع علمي وديمقراطي يتطلب الخروج عن وصاية النخب المركزية، التي ظلت تتوارث منظومة من علاقات المصالح، توظفها من أجل تقنين الإحتكارية والإصطفائية والإقصاء، والتى كانت نتيجتها إنفصال جنوب السودان وإشتعال الحروب وعدم الإستقرار السياسي.
وقال المتحدث باسم جيش تحرير السودان جبهة عبد الواحد محمد النور، إن تصحيح مسار الثورة السودانية يقتضي التوصل إلي حكومة بتوافق كل مكونات الثورة وحل حزب المؤتمر الوطنى وشركائه، وتنفيذ كافة القرارات الدولية بحق حكومة البشير، والتعاون التام مع المحكمة الجنائية الدولية، ويمكن للحكومة الفرنسية أن تلعب دوراً مهماً في حل الأزمة السودانية، ودعم إستكمال أهداف الثورة لما لها من نفوذ علي المستويين الأوربي والدولي.
ولفت الناير، إلى ضرورة الإنتباه إلي وضع تصور للمؤتمر الدستوري، الذي سوف يناقش كبريات القضايا مثل العلمانية والفيدرالية وعلاقة الدين بالدولة والوحدة الطوعية للأقاليم السودانية وإعادة هيكلة مؤسسات الدولة السودانية على أسس قومية وموضوعية، بعيداً عن التحيزات والمعيارية والإستقطاب الأيديولوجي.
وتطرق المتحدث باسم جيش تحرير السودان جبهة عبد الواحد محمد النور، إلى قضايا العامش السوداني والمتمثلة في التمثيل العادل والمنصف للهامش السوداني لا سيما في مناطق المظالم التأريخية دارفور، كردفان، النيل الأزرق وشرق السودان في أروقة السلطة المختلفة، هو الضامن الحيوي والحقيقي لإستدامة السلام، ورفض التمثيل بالوكالة الذي درجت عليه النخب المركزية، محذرًا من الإستقطاب والإستفزاز الذي تمارسه بعض النخب المركزية ذات الطبيعة الإقصائية في تعاملها العنصري مع قضايا ومكونات الهامش السوداني ستكون له تداعيات سالبة على الوحدة والسلام والإستقرار.
وطالب الناير، عبد الله حمدوك خروجه من عباءة ووصاية بعض قوي الحرية والتغيير وأجندتها الإقصائية الضيقة، وموجهات بعض منسوبي الحزب الشيوعي، وجماعة المصالح بمنظمات المجتمع المدني.
"تحالف العزة والكرامة" أخر عنقود الحركات المسلحة
تلتئم جراح الماضي ومخلفات نظام البشير من حروب وصراعات، إلا أن هذا لم يمنع بعد قيام الفترة الإنتقالية وقيام حكومة حمدوك في السودان من تشكيل حركات مسلحة جديدة، كان آخرها ما يسمى بـ "تحالف العزة والكرامة الوطنية"، لينضم لقائمة تلك الحركات ويرفع قائمة مطالب تنضم لسابقيه.
وقال الرائد رضوان أبو قرون، رئيس التحالف الجديد، إن حركته جائت لترسم مستقبل مشرق للسودان والحفاظ على وحدته، وإدراك لطبيعة السودان بلد شاسع يسع الجميع ومتعدد الثقافات والحضارات والديانات والأعراف الاجتماعية، مينًا أنه ولقد أدت سياسات الأحزاب السياسية والجبهة الإسلامية أو حكومة الإنقاذ فشلها في إدارات هذا البلاد منذ الاستقلال، وأدت إلى نشوب حروب أهلية طاحنة قتلت وشردت ألاف الملايين من المواطنين وهدرت كل الموارد وتعطلت عجلة التنمية الاقتصادية.
وأكد أبو قرون لـ"الفجر"، على أن مطالب حركته إعادة كل المليشيات المسلحة ضمن منظومة القوات المسلحة، وحل حزب المؤتمر الوطني ومصادرة جميع ممتلكاته الثابتة والمتنقلة، وإعادة كافة الأموال المنهوبة من قبل كوادر النظام السابق مع وضع لجنة لمتابعة ذلك، أمة العدل بإجراء محاكمات حقيقة وعادلة وليس صوريا لكل رموز النظام السابق وكل من أحرم في حق الوطن والمواطن.
واستكمل رئيس تحالف العزة والكرامة الوطنية، أن القوات المسلحة السودانية هى قوات ذات طبيعة عسكرية ومن مهامها حماية الحدود والأمن القومي للسودان ليس من مهامها التدخل في الشأن السياسي، ومطالبًا تديير كافة قوانين الجمارك وإرجاعها إلي وضعها الطبيعي، وتخفيض رسوم الصادر والوارد إلى أقل من 50%.