معبد "بس" إله الموسيقى والمرح والاستشفاء وحامي النساء.. من أسرار آثار الواحات
تُعد الواحات البحرية أحد أجمل المناطق في مصر، والتي تزخر بالكثير من المناظر والمناطق الطبيعية، كما تضم عدد من الأثار التي تحكي تاريخ مصر عبر العصور.
وقالت الدكتورة فاطمة عبد الرسول مفتشة حفائر بالواحات البحرية، إن أحد أبرز آثار منطقة الواحات هو معبد الإله بس والذي يُعد أحد المعابد المصرية القديمة في الواحات البحرية، وتم الكشف عنه عام 1988م أثناء حفائر المجلس الأعلى للآثار، ويقع في منطقة القصر عاصمة الواحات البحرية قديمًا، وهو مشيد من الطوب اللبن وأساساته من الحجر الجيري.
وأضافت أن سبب استخدام الطوب اللبن في بناء المعبد هو أن مادته مناسبة لطقس الواحات الحار فمن المعروف أن هذه المادة تمتص درجات الحرارة، وقد استخدمت هذة المادة في تشييد كثير من منشآت الواحات وظل مستخدمًا حتى العصر الحديث.
وأشارت عبد الرسول أن المعبد تخطيطة هو نفس تخطيط المعابد المصرية في الفترة اليونانية والرومانية مثل دندرة، وإدفو، وكوم أمبو، ويتقدمه طريق يؤدي إلى مدخله وكان يوجد على جانبي الطريق تماثيل أبو الهول حيث عُثر على بعض بقايا تلك التماثيل.
وفي نهاية طريق تماثيل أبو الهول يوجد المدخل الرئيسي المؤدي إلى داخل المعبد والذي يؤدي إلى صالة مكشوفة مستطيلة الشكل عُثر بها على تمثال ضخم قد يكون الأكبر للمعبود بس حتى الآن في مصر.
وأضافت أن الصالة الأمامية للمعبد هي المخصصة للعامة أو لجموع المتعبدين الذين يحضرون للصلاة ومشاهدة تمثال المعبود بس، وحضور الاحتفالات المختلفة في المعبد، وتقديم القرابين طالبًا لرضى المعبود؛ حيث عُثر أمام التمثال على أواني نحاسية ربما استخدمت كتقديمات أو من أجل البخور.
ويلي صالة الجمهور حجرتين ثم صالات خاصة ثم قدس الأقداس الواقع في النهاية الجنوبية من المعبد، وحدثت تعديلات عليه في في نهاية العصر الروماني فتم إغلاق الحجرتين الواقعتين خلف الصالة العامة المكشوفة وتقسيمهما إلى ثلاثة صفوف متوازية من الحجرات، كل صف به ثلاث حجرات أخرى، كما عثر بجوار المعبد على بئر للمياة ربما يكون بئر للتطهير.
وأكدت عبد الرسول أن بس تمتع بشعبية هائلة خاصة وسط جموع الشعب؛ حيث كان معبود الموسيقى والرقص والمرح والنبيذ الذي يجلب النشوة والمتعة؛ لذا أعتقد أنه يمثل معبود الخمر والنبيذ المصنوع من العنب والبلح بالواحات البحرية، وبذلك أصبح بس أساس الحياة الرئيسي في الواحات البحرية.
ومما يؤكد لنا أهمية المعبود بس في الواحات البحرية هو ظهورة وتصويرة في أكثر من موقع على سبيل المثال ظهر في المقصورة الثالثة من مقاصير "عين المفتلة" وظهر أيضًا على جدران مدفن "أبو منجل"، على الجانب الشمالي للفناء الخاص للمدفن.
وأشارت عبد الرسول إلى أن دور بس تخطى دور معبود المرح والسرور وأصبح حاميًا للنساء أثناء الوضع وحارسًا أمينًا للمنزل من الأرواح الشريرة؛ لذلك نجدة مصورًا كثيرًا على مقابض المرايا ومساند الرأس، وأصبح بس معبودًا للانتقام والحرب في العصر اليوناني والروماني صور أحيانًا حاملًا اثنين من السكاكيين في يديه، أو كمحارب يظهر مرتديًا صدرية مدرعة ويمسك في يدية سيف ودرع، لذا فقد لعب بس دورًا جوهريًا في مجتمع الواحات البحرية ولا أدل على ذلك من تكريس معبد كامل له فيها إضافه لتمثالة الضخم يعد هو الوحيد في مصر.
واعتقد المصري القديم أن بس معبودًا شافيًا، وذلك إلى جانب اعتبارة معبودًا للمرح والسرور والنبيذ وحامي للنساء، فقد اعتبر المصري القديم بس حاميًا ضد الحيوانات والكائنات المؤذية والسامة مثل الأسود والتماسيح والعقارب والثعابين، لذلك في لوحات حورس السحرية والشافية التي تصوره منتصرًا على الحيوانات والكائنات المؤذية نجد دائما قناع بس مصور أعلى اللوحة فوق رأس حورس.
وأصبح "بس" ضمن المعبودات الشافية الذي يفد إليه المرضى آملين العلاج، وهذا الاستشفاء كان يتم في معبد الواحات البحرية في رحاب المعبود بس بعد ممارسة طقوس التطهر بالماء الموجود بالبئر الذي عثر عليه بجوار المعبد، حيث يقوم المريض بصب الماء في حضور المعبود.