هل السنة الإفطار على وتر من التمر و الرطب؟
عن أنس رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر على رطبات قبل أن يصلي فإن لم تكن رطبات فعلى تمرات فإن لم تكن حسا حسوات من ماء .( السلسلة الصحيحة
و لم يعين في هذا الحديث عدد الرطبات أو التمرات و هل كن وترا أم لا. لكن ورد تحديد ذلك في بعض الأحاديث الضعيفة التي لا تثبت ،مثل:
(كان يعجبه أن يفطر على الرطب ما دام الرطب وعلى التمر إذا لم يكن رطب ويختم بهن ويجعلهن وترا ثلاثا أو خمسا أوسبعا) . ( ضعيف جدا؛ السلسلة الضعيفة
(كان يحب أن يفطر على ثلاث تمرات ، أو شيء لم تصبه النار) . ( ضعيف جدا؛ السلسلة الضعيفة
سئل العلامة العثيمين-رحمه الله- في برنامج نور على الدرب
يقول السائل سمعت أن الصائم عند إفطاره يجب أن يفطر على عدد فردي من التمر أي خمس أو سبع تمرات وهكذا فهل هذا واجب؟
فأجاب رحمه الله تعالى:
ليس بواجب بل ولا سنة أن يفطر الإنسان على وتر ثلاث أو خمس أو سبع أو تسع إلا يوم العيد عيد الفطر فقد ثبت (أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان لا يغدو للصلاة يوم عيد الفطر حتى يأكل تمرات ويأكلهن وتراً) وما سوى ذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يتقصد أن يكون أكله التمر وتراً.
وقال رحمه الله في مجموع فتاويه ورسائله في صلاة العيد:
...
وفي عيد الفطر سنة أيضاً وهي أن الإنسان قبل أن يأتي إلى المسجد يأكل تمرات وتراً ـ يعني ثلاث ـ ولا يأكل واحدة، لأن أنس بن مالك رضي الله عنه يقول: كان النبي صلى الله عليه وسلم «يأكل تمرات» والتمرات جمع وأقلها ثلاث. ولاسيما إذا كانت وتراً فلا بد من الثلاث.
إذن أقلها ثلاث، وإن زاد فخمس، أو سبع، أو تسع، أو إحدى عشر، أو إحدى وعشرون.
والمهم أن نقطعها على وتر.
وهل كلما أكل الإنسان تمراً في غير هذه المناسبة يقطعها على وتر؟ نقول: لا.
وهل الإنسان يقطع كل شيء على وتر؟
فإذا أكل نقول له: اقطع ثلاث لقمات، فهذا غير مشروع.
وعندما يحب أن يزيد من الطيب فيقول أوتر ولكن هذا لا أصل له.
فأنا لا أعلم أن الإنسان مطلوب منه أن يوتر في مثل هذه الأمور، فأما قول الرسول صلى الله عليه وسلم «إن الله وتر يحب الوتر»، فليس هذا على عمومه، لكنه عز وجل وتر يحكم شرعاً أو قدراً بوتر، فمثلاً الصلاة وتر في الليل نختمه بوتر التطوع، وفي النهار نختمه بوتر المغرب، وأيام الأسبوع وتر، السموات وتر، والأرض وتر، فيخلق الله عز وجل ما يشاء على وتر، ويحكم بما يشاء على وتر، وليس المراد بالحديث أن كل وتر فإنه محبوب إلى الله عز وجل.
وإلا لقلنا احسب خطواتك من بيتك إلى المسجد لتقطعها على وتر، احسب التمر الذي تأكله على وتر، احسب الشاي الذي تشربه لتقطعه على وتر، وكل شيء احسبه على وتر.
فهذا لا أعلم أنه مشروع.
فأكل تمرات وتراً من السنن التي تفعل في عيد الفطر خاصة أن لا تأتي المسجد حتى تأكل تمرات وتراً.
فبعض الناس ولاسيما العامة ينقلون التمر ليأكلوه في مصلى العيد، ولا يأكلونه حتى تطلع الشمس فيقيدون هذا الأكل بزمان، ومكان.
فالزمن بعد طلوع الشمس، والمكان مصلى العيد.
وقد قلنا: إن كل إنسان يخصص عبادة بزمان ومكان لم يرد به الشرع، فإنها بدعة غير موافقة للشرع.
والله الموفق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
فالأمر واسع فلا يتقصد أحدنا أن يفطر على وتر من التمر أو الرطب لعدم ورود نص ثابت صريح في ذلك إلا في عيد الفطر ،والله أعلم.
(1) قال العلامة الألباني -رحمه الله-
ثبت في حديث أنس-رضي الله عنه- أن النبي عليه الصلاة و السلام: كان إذا غربت الشمس أفطر على تمرات و جعلها وترا فإن لم يجد فعلى جرعات من ماء
لكن هذه الزيادة التي ذكرها العلامة الألباني-رحمه الله- لم تثبت في الحديث و قد خرجه في الإرواء و لم يذكرها هناك فلعل الشيخ رحمه الله روى الحديث بالمعنى فذكر هذه الزيادة سهوا. وسئل الشيخ علي رضا-حفظه الله- في منتديات البيضاء العلمية عن هذه الزيادة التي ذكرها العلامة الألباني-رحمه الله- في الشريط فقال: لا يثبت هذا من حديث أنس كما بينه هو رحمه الله تعالى في ( الإرواء )
الحكمة من الفطر على التمر والماء ،كلام جميل لابن القيم
قال ابن القيم -رحمه الله- في زاد الميعاد
... وكان يُعجِّلُ الفطر، ويحضُّ عليه، ويتسحَّرُ، ويحُثُّ على السَّحور ويؤخِّرُه، ويُرغِّبُ فى تأخيره.
وكان يحضُّ على الفطر بالتمر، فإن لم يجد، فعلى الماء، هذا من كمال شفقته على أُمته ونُصحِهم، فإن إعطاء الطبيعة الشئ الحلو مع خُلُوِّ المعدَة، أدعى إلى قبوله، وانتفاع القُوى به، ولا سيما القوةَ الباصرةَ، فإنها تقوى به، وحلاوةُ المدينة التمرُ، ومرباهم عليه، وهو عندهم قوتٌ، وأُدْمٌ، ورُطَبُه فاكهة.
وأما الماء، فإن الكَبِدَ يحصُل لها بالصَّوْم نوعُ يبس. فإذا رطبت بالماء كمل انتفاعُها بالغذاء بعده، ولهذا كان الأولى بالظمآن الجائع، أن يبدأ قبل الأكل بشرب قليل من الماء، ثم يأكُلَ بعده، هذا مع ما فى التمر والماء من الخاصية التى لها تأثير فى صلاح القلب لا يعلمُها إلا أَطِبَّاءُ القلوب.