عزف "الرانجو".. محاولات عجوز لعودة الزار: "لا أجد وريثي"

تقارير وحوارات

بوابة الفجر


بشعر أبيض وبشرة سمراء وعيون مليئة بالإرهاق والعناء نتيجة السهر، يقبع العم حسن برجمون (72 عام)، على كرسي متهالك، اعتاد الجلوس عليه منذ زمن بعيد، بين ذراعيه أوتار لآلة موسيقية تُدعى "الرانجو"، يصدر منها أصوات عذبة.

منذ ستون عام، قرر العم حسن برجمون، المحافظة على موهبته، بالعزف على آلة "الرانجو"، التي كانت تستخدم في ذلك الوقت داخل "الزار" (مجموعة من الطقوس الشعبية، لها رقصات خاصة، وعبارات خاصة، تصاحبها دقات معينة صاخبة على الدفوف وإطلاق البخور. تعمل على طرد العفاريت التي تتقمص بعض الناس، ولذلك فالزار يقوم عند معتقديه بوظيفة علاجية)، ويقول في حديثه لـ"الفجر": "كان موجود في بيتنا آلة السمسمية بالإضافة إلى الطنبورة وذلك قبل أن نترك السودان متجهين إلى بورسعيد، حيث كان في سن 12 عام يعزف على السمسمية والطنبورة والرانجو".





يداعب بأصابعه أوتار الآلة الموسيقية، راويًا مراحل حياته الأولى "عندما وصلت إلى القاهرة بدأت في العمل لأيام قليلة، ثم التحقت بالعمل داخل هيئة البريد -إحدى المؤسسات التابعة للحكومة المصرية-، وخلال هذه الفترة تعرفت على جماعة موسيقية تُدعى "سمر"، وكان في حفل زفاف بمنطقة عين شمس -التي تبعد عن القاهرة ب50 كيلومتر-، وبعدها اندمجت في العمل بالأفراح الشعبية".

عشق الرانجو، فعشقته الآلة الموسيقية "منذ صغري وأنا أعزف عليها، ولكن بعد فترة من العمل بالأفراح تعرفت على الريس زكريا إبراهيم مؤسس فرقة الطنبورة والباحث الموسيقي، وأبلغته أنني استطيع العزف على الآلة، وكان ذلك في عام 1966، وعلى الفور طلب تشكيل فرقة. ولكن كانت الصعوبة في الحصول على الألة "سافرت إلى الإسكندرية للتوصل مع أخر آلة كانت لعازف، وهو إبراهيم الحوشي، وينقصها بعض الأدوات "طلب مني الريس زكريا استكمال تجهيزها، وكان ردي هو أن هذه الأدوات غير موجودة إلا في السودان وسافرت لشرائها".





وبعد استكمال الألة وتجهيزها للعمل، بدأ العم برجمون، في أولى الحفلات "بدار الأوبرا المصرية، وبعد شهور قليلة سافرنا إلى الخارج". ولقت هذه الآلة روجًا في الخارج "سبب الصدى إن الألة تنصع من خشب معين وعزفها إيقاعي ويدوية على عكس الألة المستخدة وهي إلكترونية"، وتم تطويرها حاليًا على هيئة آلة الأكسلفون والأمرمبافون".

وراودته فكرة تأسيس مدرسة لتعلم هذا الفن للحفاظ على التراث، يقول العم حسن، إن "الريس زكريا حاول يستقطب شباب للتعلم ولكنه فشل، ولم يبقى أمامنا سوى تصوير دروس لشرحها وتحميلها على موقع الفيديو الشهير "اليوتيوب".

عايش العم حسن، الكثير من الملحنين، حتى أصبح واحدًا من أشهرهم، " عايشت الكثير من ملحني آلة الرانجو، وكان من أشهرهم مصطفى كندويل، ومحمد ألماظ، ورمضان سعيد الإسماعيلية، دمردامش سعيد من بورسعيد والقاهرة أربعة هم عبد السلام الصغير ومحمد فرج ومحمد خليل ابن معهم في الفرقة وعباس أسطورة وحسين البربري".

لم تتوقف شهرة العم حسن، داخل المحافظات المصرية، إذ قامت الفرقة، بجولات عالمية، في نيوزيلندا وأستراليا والسويد وبريطانيا والدنمارك، كما عرضت "الرانجو" في مسارح مصرية كثيرة، أهمها المسرح المكشوف في الأوبرا، وبيت الهراوي ومسرح الضمة وجيزويت الإسكندرية وساقية الصاوي ولوباشا في شرم الشيخ.





أما عن الأغاني التي يستخدمها خلال الحفلات، يقول: "هي آلة إقاعية وأغانيها كلام غير مفهوم، حاولنا ناخذ بعض الحاجات السهلة عشان الناس تفهمها ودا كان الاتفاق مع الريس زكريا أن يكون الأصل فقط".

ويؤكد أن للفرقة ألبوم عالمي بعنوان "عروس الزار" أنتج في 2010 بالتعاون بين المنتج الإنكليزي مايكل وايت وود، صاحب شركة 30IPS، و"مركز المصطبة للموسيقى الشعبية المصرية".

ورغم شغفه بـ"الرانجو" وتفريغ حياته من أجلها، إلا أنه لم يحصل على عائد كبير منها "لم نحصل منها على عائد خاصة أن الأجيال الحالية يهتمون بمثل الـ"دي جي"، أما السودانيين هم أكثر الشعوب اهتماما بها ودا اللي بيخلي أوروبا وأطفال الآفارقة هم المهتمون بها".