فازت جامعة القاهرة بالميدالية البرونزية في المسابقة الدولية بمجال الهندسة الوراثية والأحياء التركيبية، بعد تقدم فريق مكون من طلاب كليتي علوم وهندسة، وعقدت تلك المسابقة العالمية في الفترة من 31 أكتوبر وحتى 4 نوفمبر في ولاية بوسطن بأمريكا، وهي مسابقة تعتمد على الأحياء التركيبية (synthetic biology)، وهو مجال يدمج بين علم الأحياء بفروعه المختلفة وبين الهندسة وعلوم الحاسب.
عمل فريق جامعة القاهرة على إيجاد حل لمشكلة نقص المياه بأفكار غير تقليدية؛ حيث طوّر الفريق طريقة لتحلية المياه باستخدام كائنات دقيقة آمنة، لتكون بديلًا لوسائل التحلية المكلفة التي تستهلك طاقة بشكل كبير وضارة بالبيئة، كما عمل على طريقة باستخدام بروتين يقوم بتجميع الأملاح من المياه.
تم التجهيز للمسابقة خلال أشهر الصيف، وتوثيق كل خطوات المشروع على موقع المسابقة، وبعد ذلك سافر الفريق لبوسطن للعرض والتقييم النهائي بعد تقديم دعم كامل من الجامعة معنويًا وماديًا.
المنح والجوائز
والمميز في فريق جامعة القاهرة أنهم قبل البداية الفعلية للمسابقة، فازوا بتحدي أحد رعاة المسابقة للحصول على روبوت مخصص للمساعدة في مهام المعمل (Lab robot)، وعلى مدار تاريخ المسابقة فريق جامعة القاهرة هو أول فريق مصري يفوز بهذا الروبوت، كما فاز الفريق برعاية إحدى الشركات، للحصول على منتجات للمعامل بقيمة $2000 لاستخدامها خلال المشروع.
ويُعد فريق الجامعة واحد من 10 فرق فقط فازت بهذه الرعاية (من بين 153 فريق قدّم لها هذا العام)، وفاز الفريق أيضًا برعاية إحدى الشركات، وحصل على منتجات تبلع قيمتها $2500.
كما حصل الفريق على رعاية إحدى الشركات بتوفير السوفت وير (البرنامج) Geneious Prime الخاص بهم، والذي يستخدم لتصميم تجارب الأحياء الجزيئية- للفريق بشكل مجاني، وحصل أيضًا على رخص لبرنامجي Genious prime وSnapGene بعدد أفراد الفريق.
الفريق المكون من جامعة القاهرة بمسابقة الهندسة الوراثية:
فاروق عادل فاروق عبده (23 سنة - خريج)
منة الله محمود محمد (22 سنة - خريجة)
مريم محمود سامح عز العرب (23 سنة - خريجة)
يوسف محمود شعبان (22 سنة - خريج)
طارق جلال معوض (22 سنة - خريج)
لينا محمد حمزة (22 سنة - خريجة)
تسنيم محمد مصطفى (21 سنة - الفرقة الرابعة)
عائشة هشام السواح (21 سنة - الفرقة الرابعة)
مريم محمد محمود (كلية الهندسة - 21 سنة - الفرقة الثالثة)
أسماء محمد ريحان (كلية الهندسة - 21 سنة - الفرقة الثالثة)
فكرة مشروع الهندسة الوراثية
قال يوسف محمود أحد الطلاب الفائزين، إنه منذ نحو عامين، كانت مشاركتهم في المسابقة مجرد فكرة، ولكن بفضل مساهمة الجامعة ومؤسسة مصر الخير وأكاديمية البحث العلمي والشركات المختلفة التي دعمتهم، استطاعوا تحويل الحلم إلى حقيقة.
وأضاف محمود، أن المشروع كان يهدف لتوفير مصدر جديد للمياه العذبة، وكانت المياه المالحة هي الأفضل في ذلك، ولكن الأفكار الشائعة لعمل ذلك مكلفة وباهظة وضارة بالبيئة، وبالإضافة لذلك تستهلك كميات هائلة من الطاقة، لذلك لجأنا للعمل على حل عن طريق الهندسة الوراثية؛ بحيث يكون أقل تكلفة وصديق للبيئة والكائنات البحرية، أي لا تضر البيئة، وكان هذا الحل هو صناعة بروتين قادر على جمع الملح الموجود بالمياه، وقمنا بتصنيعه بدون استخدام أي كائن حي دقيق، لضمان الحصول علي مياه صالحة وأمنه للاستخدام.
وفيما يخص الفكرة الثانية، قالت الطالبة مريم عزالعرب، إن الفكرة الثانية كانت عن طريق عزل كائن دقيق من البحر شبيه بالخميرة وهو (debaryomyces hansenii)، وهذا الكائن قادر على تحمل الملوحة العالية، وعن طريق تعديل وراثي للكائن الدقيق لجعله قادر علي تحمل ملوحة أكثر من تلك التي يتحملها، وبجعله قادر على الاحتفاظ بالأملاح، فأصبح من الممكن استخدامه لتجميع الأملاح وتحويل المياه من مالحة لمياه عذبة أو أقل ملوحة.
وأضافت: "من المهم فصل هذا الكائن عن المياه، فقمنا بتصميم وطباعة ثلاثية الأبعاد لجهاز خاص، بفصل الكائن الدقيق من المياه بدون أضرار، وأن تكون المياه صحية وأمنه للاستخدام".
وعن قبولهم بالمسابقة العالمية، قالت الطالبة عائشة هشام السواح: "بعد قبولنا في المسابقة العالمية وتمثيلنا لكليتنا والجامعة ومصر، كان أمر مبهر وشيق للغاية وشعرت بالفرحة والخوف، وكان خوفنا بعد تمثيلنا لمصر مع 347 فريق من الدول المختلفة بجميع أنحاء العالم، ومع ذلك استطعنا تحقيق فوز وإنجاز لكليتنا وجامعتنا ومصر وحصلنا علي ميدالية برونزية".
وأضافت: "الفكرة نالت إعجاب عدد كبير من الحكام، وحصلت على إشادة من عدد كبير من المؤسسين من المسابقة، وبالأخص بأننا أول مرة نتقدم لمشاركة عالمية في وسط هذا الكم من الدول والفرق المتقدم بأفكار مبهرة للغاية".
الدعم المعنوي من الجامعة
قال الطالب فاروق عادل فاروق عبده 23 سنة، إن الجامعة تقدمت بدعم معنوي لهم؛ من خلال توفير المعمل بشكل مستمر، وتمكينهم من خلال العمل على الجزء العملي، مؤكدًا أنه تكفل أيضًا بالجزء الخاص بدفع المبالغ المالية المُستحقة للتسجيل في المسابقة.
وأضاف أن ذلك بالإضافة إلى مساعدة الأساتذة في المشروع، مع وجود حماس كبير من جميع الأطراف، وتشجيع من جميع الأساتذة والمسؤولين قبل سفرهم، مما تسبب في رفع روحهم المعنوية، وتمكينهم من زيادة ساعات العمل، بعد تقديم هذا الدعم من الكلية داخل المعمل وخارجه.
وعن إحساسهم بعد الفوز، أشار "فاروق" إلى فرحتهم الكبيرة بعد حصولهم على الميدالية البرونزية، وأن اسم جامعة القاهرة كان برفقة عدد كبير من الجامعات المتنوعة.
وقال الطالب طارق جلال معوض أبوالعلا، إن الجامعة تقدمت بدعم معنوي رغم أنهم واجهوا العديد من المشاكل، لكن كان هدفهم هو تحقيق نجاح مبهر للكلية.
وأوضحت الدكتورة خديجة جعفر المشرف على الفريق، أستاذ علم الغدد الصماء بكلية العلوم جامعة القاهرة، سبب دعمها للفريق، مؤكدة إيمانها بأن دور الأستاذ أشمل من أن يعطي محاضرات فقط، ولكن دور الأستاذ يمتد إلى أن يؤهل الطلبة إلى الحياة العملية، وذلك باستخدام العلم وتطبيقه بطريقة عملية تضيف إلى قدرات الطالب وتنفع المجتمع.
وقالت: "بالإضافة إلى أهمية دخول الطلبة في المنافسات العالمية، حيث أنها تعطي الطالب/ الطالبة الثقة بالنفس، ويستطيع أن يقيس قدراته بالنسبة للآخرين، بالإضافة إلى زيادة معلوماته وقدراته واكتسابه مهارة المنافسة، تساعده على اجتياز تحديات الحياة".
وأكدت الدكتورة ميمونة كرد المشرف على الفريق، والأستاذ بقسم النبات والميكروبيولجي بكلية العلوم جامعة القاهرة، ضرورة أن تدعم الفريق وتتواصل مع إدارة الكلية والجامعة، نظرًا أن لدينا شباب لديه فكر ويعمل على مشروع حيوي يحل مشاكل كثيرة، بيئية واقتصادية وغيرها، فكان لابد من الوقوف بجانبهم، بالإضافة لكونهم نواة لجيل مستقبل جيد.
رئيس جامعة القاهرة يشيد بالفريق
وكان الدكتور محمد عثمان الخشت رئيس جامعة القاهرة، أشاد بمشروع الطلاب الفائز في المسابقة، في إيجاد حل لمشكلة نقص المياه بأفكار غير تقليدية، وهنأ رئيس الجامعة، الطلاب بفوزهم في المسابقة العالمية للهندسة الوراثية وتحقيق الميدالية البرونزية
وذكر الدكتور الخشت، أنه وافق على دعم فريق طلاب كلية العلوم بـ 350 ألف جنيه مصري للسفر والاشتراك في المسابقة وعرض مشروعهم، بعدما تأكد من جدية الابتكار ومدى قدر الفريق العلمية.
وقال "الخشت" إن الجامعة تشجع طلابها على المشاركة بالمسابقات الدولية وتحرص على إتاحة الفرصة أمامهم للإبداع والابتكار والتواصل مع أقرانهم من جميع أنحاء العالم، مؤكدًا دعمه للمشروعات الطلابية التي تهدف لإيجاد حلول مبتكرة للقضايا القومية لتنفيذ استراتيجية التنمية المستدامة، وتوفير الدعم المادي والمعنوي لهم.
من جانبه، أوضح الدكتور عبدالحميد المناوي عميد كلية العلوم، إن المسابقة العالمية للهندسة الوراثية IGEM تعتبر من أكبر المسابقات على مستوى العالم في مجال الهندسة الوراثية والأحياء التركيبية، مشيرًا إلى أن فريق كلية العلوم مكون من 10 طلاب من أقسام الأحياء والتقنية الحيوية والهندسة وعلوم الحاسب.