"مُطارد في بلجيكا".. قصة شاب فلسطيني منعه العدوان الإسرائيلي على غزة من العودة وتحقيق حلمه

تقارير وحوارات

بوابة الفجر


أعاد نبش جرح عبد الوهاب بحلم الاستقلال الفلسطيني مجددًا، بعدما رفضت السلطات الألمانية تجديد إقامته؛ لإكمال برنامج الماجستير، لعدم وجود رصيد كافي بحسابه البنكي، وأمهلته ثلاثة أشهر، لتقديم وثيقة تفيد بضمان تمويل دراسته في إحدى جامعات برلين لمدة عام، وجمَح مرادُه عقب إنتهاء المدة، لكنه أَبَى على ذلك، بالهجرة إلى بلجيكا، خوفًا من الترحيل إلى غزة، ليقطن في غرفة لا يخرج منها سوى ساعات معدودة بعد أن رفض طلب لجوئه "سجن هاد المكان أرحم من العودة لجحيم الاحتلال الإسرائيلي.. فقدر الفلسطيني يضل يبحث عن المجهول.. كأن وين ما يروح مكتوب على جبينه أنت مرفوض".
قصد صاحب (27 ربيعًا)، صديق عمره الذي يماثله في العمر - وابن قريته "زرنوقة" التي احتلتها إسرائيل في السابع والعشرين من مايو عام 1948 عنوةً من أصحاب الأرض-، في بلجيكا لقربها من ألمانيا، ولتفادي مخاطر الهجرة برًا وبحرًا وجوًا، لاسيما وأن صديقه أكد له أنها الأنسب من حيث معاملة اللاجئين، ليستقبله بعد أن تيهَت نفسه من حالة ترقب الرد على طلب لجوئه، عقب أخذ "بصمته"، التي رفضت "قالولي الك بصمة بألمانيا"، وهو وما يخالف إتفاق دبلن الذي يشترط بموافقة البلد الأولى على اللجوء أم العودة مرة أخرى لها "ولأني فلسطيني منتهك حقه في بلاده.. طلبتني ألمانيا بعدها بشهرين.. وطبعا لو رجعت  إلها هترحلني على غزة فخوفت.. وضليت قاعد مطارد حتى يمر ٦ شهور بقدم نفسي من جديد لعلى يقبلوني مرة أخرى".






سكت الحاصل على بكالوريس الرياضيات، من الحيرة واليأس طيلة 15 يومًا عاشها في بلجيكا ما بين النوم والألعاب الإلكترونية، لتتحول حياته من "من خريج جامعة طموح  إلى سواق فراشة"، منتظرًا ليكسر بصمته "وياعالم بقبلوني أم سأظل مشرد"، متسربلا بالصبر خاصة مع تزامن وجوده في بلجيكا مع الانتخابات البرلمانية البلجيكية ، التي انعكست عليه "كنت جي هون على أمل الإستقلال لاقيت العكس"، لجّة أَصواتَ أصدقائة معه معبرين عن مرارة اللجوء والعيش القهري في الخارج، ولكنه لم يتوانَ بذلك، مصرًا على تحقيق حلمه في حصوله على درجة الدكتوراه والعمل بوظيفة مستقرة في أي بلد أوروبية آخرى تحترم أدميته "بديش اشي تاني.. أحلام بسيطة عند العالم إلا الفلسطيني صعب يحلم بهاد".







رفَع الشاب الفلسطيني، صَوته بالدعاء إلى الله بأن لا يتعرض مجددًا للموقف الموظفة "الصهونية"-التي ذكرته بمُحتل بلاده-، وعملته بعنصرية كونة فلسطيني الجنسية، ورفضت التهاون معه، وتمديد إقامته ومنحته ورقة تسير للمعيشة والدراسة في ألمانيا ثلاثة أشهر فقط، إذ أن حسابة البنكي لا يتعدى حينها غير  خمسة آلاف يورو، جمعهم من الدين، وبرغم عمله مع دراسته، إلا أنه لم يتمكن من إيفاء شرط وضع عشرة آلاف يورو خلال هذه المدة "المصاريف كانت كتيرة ولو ما دفعت إيجار السكن راح اترمي بالشارع.. وللأسف وضع أهالي مايسمح بمساعدتي"، وهو ما استغلته الموظفة وظل يطارد "كنت فاكر في تعاون للوصول لهدفي طلعت أوروبا خدعة وخرجت من كذبه صغيرة  بغزة إلى أخرى أكبر في بلاد الحريات.. وخسرت كل اشي وزي ما روحت زي ما جيت".






تفاصيل الأحداث بغزة الأن واستمرار انتهاكات المُحتل لكرامة الفلسطيني، دَحرَته للاستمرارية في اللجوء، متذكرًا موقف آخر دفعه لمواصلة مشواره- بعد وصله عبر رحلة ترانزيت منذ خروجه من غزة في سبتمبر 2016، لألمانيا-، عندما يسَر وضعه واستثناء أحد الموظفين الشرط السالف ذكره، بعد إطلاعه على ورقة تثبت عمله في إحدى المخابز من أجل إكمال دراسته "مدققش على المبلغ وبلشت فصل جديد"، وبرغم من أيأسَ بعد زملائه من النجاح كونه يعمل ساعات طويلة؛ إلا إنه اجتاز السنة الأولى بتفوق "حرمت من تذوق طعم الفرحة.. كل همي البحث عن السلام وتطلع البلاد المنادية بالحريات لأوضاع الفلسطينين في الداخل والخارج".






احترَق قلب عبد الوهاب من الهَم، لعدم مشاركته أبناء بلده التظاهرات المنددة بظلم الإحتلال، تزامنًا مع أحداث القصف الأخيرة، واغتيال بعض الشخصيات في قطاع غزة، متسائلاً متى تحينَ الفُرصة للممارسة الشباب الفلسطينين حياته بشكل طبيعي كالعالم؟، "أنا شاب حاول صناعة مستقبل خرج من بلده ولم يحصل على أي منح من صغره طردت من قريتي اللي معرف عنها غير قصص مأساوية وسكنت عيلتي مخيم جابليا وضليت مطارد حتى لحظة خروجي منها بعد ماحوشت كل شيكل على أمل الدراسة بالخارج لأواجه محتل تاني بشكل جديد"، ولكن ظل عمود من الأمل حاجزًا بين طموحه ويأسه، حتى اقتلعته كلمات والدته التي تؤنسه في غربته "عافر لأخر نفس وأوعاك تعود إلا بالدكتوراه.. انفع نفسك ودافع عن قضيتك بالعلم يا يمه".