احمد فايق يكتب: خاص جداً.. تفاصيل خطة «إرادة» التى كسر بها السيسى ظهر مرسى
حينما يصدر الشعب أوامره يجب على الجميع أن يطيع، هذا هو الدرس الذى يجب أن يعرفه الجميع، أمريكا لم تستطع أن تحمى مبارك ولا مجلسه العسكرى، ولن تستطيع أن تحمى مرسى، ولا أى أحد بعده يحاول سرقة هوية هذا الوطن، للثورة مبادئ «عيش - حرية - عدالة اجتماعية» وليس أشخاص، من يحاول الالتفاف عليها سيكون مصيره السجن والبهدلة وعاراً يلاحقه هو وأحفاده بقية التاريخ، ماذا تساوى جلسة فى الغرف المغلقة مع المندوبة السامية الأمريكية فى القاهرة «آن باترسون» أمام ابتسامة شهيد، ماذا يستطيع أن يفعل المارينز وأقوى جيوش العالم، أمام أبناء مصر «الجدعان» فى فرح شعبى قرروا أن يخلعوا الطاغية، من هذا الذى يستطيع أن يقف فى وجه تلك العيون الحالمة والقلوب الطيبة والعقول الرائعة، من يستطيع أن يقف فى وجه من يستمع لـ«أم كلثوم» وعرف الحب على أغانى عبد الحليم، وعاش البطولة مع «أدهم صبرى» فتاة أحلامه سعاد حسنى، يعرف قيمة محمد عبده وطه حسين وتوفيق الحكيم ونجيب محفوظ ورفاعة الطهطاوى.
الآن.. الإخوان يهتفون يسقط حكم العسكر، يروجون أن ماحدث فى مصر انقلاب عسكرى وليس ثورة شعبية أو موجة ثانية من ثورة 25 يناير، نسوا حينما كان يقتل الشهداء فى محمد محمود أنهم هتفوا «الجيش والشعب إيد واحدة»، تناسوا أن رئيسهم مرسى هو من قلد المشير طنطاوى والفريق سامى عنان النياشين وكرمهم بعدما قتلا المصريين، حينما طالب الثوار بمحاكمة طنطاوى خرج الإخوان ليهتفوا «يا طنطاوى يا طنطاوى إنت أمير»، هل يتذكرون حينما عرى جنود طنطاوى ست البنات وسحلوها فى التحرير ماذا قالوا عنها؟
لقد أهانوا شرفها وشككوا فى عرضها وكفروها، هل يتذكر الإخوان خطابا واحداً لمرسى منذ توليه الرئاسة وحتى خلعه بأمر الشعب لم يذكر فيه الدور العظيم للقوات المسلحة؟
ماحدث فى مصر ليس انقلابا عسكريا بل موجة ثانية من ثورة شعبية بدأها شباب سرقها منه مجلس طنطاوى، ثم سرقها الإخوان المسلمون، واليوم عادت لهم، بعدما غيرت المؤسسة العسكرية من جلدها، العقل والمنطق لكل من يدير مؤسسة بهذا الحجم كان يحتم عليه الانضمام للشعب فى مطالبه، تقارير المخابرات الحربية كانت تقول له إن الضباط غاضبون من دولة المرشد التى تفرق بين المصريين، فهم من الشعب ويعانون مثلنا، كيف لجيش أيا كان حجمه وقوته أن يقف أمام 18 مليون مواطن طالبوا بعزل المخلوع يوم 30 يونيو، من أجل مرسى. لكن يبقى الكثير من التساؤلات حول أسرار وتفاصيل ماحدث طوال الأيام الماضية بين الجيش والرئاسة، تلك التفاصيل التى ننفرد بنشرها فى هذا التقرير.
أحمد فايق
لماذا واجه السيسى الإخوان؟
1
مرسى أراد عزل قيادات الجيش.. وتقارير أكدت لوزير الدفاع أن مصر مقبلة على ثورة حقيقية
وصلت تقارير إلى الفريق عبد الفتاح السيسى وزير الدفاع قبل 30 يونيو بفترة كبيرة تؤكد أن الحشد الشعبى فى هذا اليوم سيكون غير مسبوق، وأن ماسيحدث فى مصر هو ثورة حقيقية نتيجة لاستطلاعات الرأى داخل أجهزة الجيش، والتقارير تحدثت أيضا عن الرأى العام داخل المؤسسة العسكرية من الضباط الشباب الذى يشعر بالاحتقان تجاه سياسات الإخوان تجاه مصر، وعرض الفريق السيسى تقارير تسمى بـ«تقدير موقف» على مرسى يوم 22 يونيو. كما قال فى خطابه، وحذر الرئيس من أن حالة الاحتقان الشعبى غير مسبوقة، واقترح الجيش على مرسى سيناريو تغيير الحكومة وتغيير النائب العام لحل الأزمة، ووافق مرسى بالفعل.. لكن مكتب الإرشاد رفض، وعادت الرئاسة تنفى التسريبات التى خرجت من الجيش، وتؤكد حدوث انفراجة فى الأزمة، تغيير الحكومة والنائب العام كان يعيد مساحة الثقة مع المعارضة ويدفعهم للجلوس على مائدة التفاوض.
وفى يوم 23 يونيه صباحا وصل للفريق تقرير يؤكد أن مرسى وعشيرته وضعوا سيناريو للخروج من الأزمة، يقتضى بتحميل كل الكوارث التى فعلوها للجيش والشرطة، حيث كان يريد فى خطابه إقالة الفريق السيسى والفريق صدقى صبحى رئيس الأركان ورئيس المخابرات الحربية، وإقالة وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم.. بالإضافة لمجموعة من القيادات بالشرطة، ودعا السيسى قادة المجلس الأعلى للقوات المسلحة فى اجتماع طارئ وطرح عليهم الأمر، وقرر المجلس عمل خطة استباقية لإجهاض سيناريو الإخوان، من خلال نشر قوات الانتشار السريع، ونشر قوات عددها لا يتجاوز ألف مجند وضابط، من أفضل فرق الجيش من الصاعقة والمظلات و777، هذه القوات كان هدفها إجهاض أى محاولة لممارسة عنف ضد الثوار، ومواجهة ميليشيات الإخوان وبلطجية «حازمون» الذى كانوا يعدون سيناريوهات لممارسة العنف فى الشارع، ومنع العاملين فى القنوات الفضائية من بث الأحداث، ثم أصدر السيسى التصريحات الاستباقية قبل خطاب مرسى الأول التى أمهل فيها جميع الأطراف 7 أيام لتحقيق التوافق، هذه التصريحات مع انتشار قوات الانتشار السريع تسببت فى تراجع مرسى عن قرار الإقالات الجماعية، وأضاف فقرات خاصة إلى خطابه يمدح فيها الجيش والداخلية، وقد يكون هذا هو مبرر ملامح الغضب التى ملأت وجوههم وقت الخطاب.
بلطجية الإخوان يحاولون اغتيال مى وهبة الصحفية بـ«الفجر» وعضو اللجنة المركزية لـ«تمرد»
عبدالفتاح السيسى
2
قوات الانتشار السريع بدأت بألف مجند من الصاعقة والمظلات و777
■ الفريق اعتمد على 3 ضباط شباب فى إذاعة البيان الأول للقوات المسلحة
فى الاجتماع الأول للمجلس الأعلى للقوات المسلحة يوم 23 يونيو، تم وضع جميع السيناريوهات المطروحة وكيفية مواجهتها، وتم تطبيق ماتسمى بخطة «إرادة» وهى خطة عسكرية لإنقاذ مصر على المستويين الأمنى والاقتصادى، فقد قابل أحد قادة المجلس هشام رامز رئيس البنك المركزى واستعرض معه كل السيناريوهات وتأثير هذا على الاقتصاد المصرى، ومن بينها أن تسحب قطر وديعتها وتأثير هذا على الاحتياطى النقدى، ووعد الجيش البنك المركزى بتوفير مليار و500 مليون دولار فى أول أسبوعين للبنك المركزى من ميزانيته الخاصة، وهذا الرقم يحقق الحد الأدنى لتوفير الاحتياجات الأساسية للمواطنين، وتم تطبيق خطة «إرادة 1» وهى نشر بعض المدرعات وبعض الفرق الخاصة من المظلات والصاعقة و777 بشكل أكثر كثافة، وتم تجهيز العديد من الطيارات «الأباتشى» فى سيناء وصدرت لها تعليمات خاصة بالتعامل الفورى مع أى تحرك غير طبيعى.
طائرات الجيش رصدت أعداد المتظاهرين يوم 30 يونيو فى التحرير فقط 3 ملايين و800 ألف، وفى محيط قصر الاتحادية 2 مليون و900 ألف، هذا غير الملايين فى المحافظات، فقد رسم المصريون فى هذا اليوم لوحة تنافس جمال أعظم لوحات الفن التشكيلى فى العالم، أطياف مختلفة من الشعب نساء ورجال وأطفال وكبار السن مسلمين ومسيحيين مدنيين وإسلاميين، ورغم هذا لم يشعر مرسى بأى شىء، فالبليد لا يتأثر بمشاعر البشر، وهذا مادفع الفريق السيسى إلى عمل بيان القوات المسلحة الأولى الذى أمهل فيه جميع الأطراف 48 ساعة لحل الأزمة، ونلاحظ هنا أن البيان صاغه مجموعة من الضباط الشباب، وذهب به إلى مبنى التليفزيون 3 من الضباط الشباب برتب مقدم ورائد، وهذا يوضح الاختلاف بين عقلية السيسى وطنطاوى، فالمشير طنطاوى أرسل اللواء إسماعيل عتمان رئيس الشئون المعنوية السابق لإذاعة بيان الجيش الأول ضد مبارك، والفريق السيسى اعتمد على الضباط الشباب، حتى إن الضابط الذى قرأ البيان الصوتى الأول للقوات المسلحة كان برتبة مقدم.
قبلها كان يعانى التليفزيون من تدخلات باكينام الشرقاوى وأحمد عبد الغنى، كانوا يمارسون ضغطا على العاملين بقطاع الأخبار، يريدون أن تتحول الشاشات لعرض متظاهرى رابعة العدوية فقط، ساعدهم فى هذا كادر إخوانى تم وضعه مديراً عاماً للأحداث الجارية بالقطاع، لكن لحظة وصول الضباط الشباب الثلاثة، كانت تاريخية، فالعاملون استقبلوهم بحفاوة بالغة، وظلوا يصفقون لهم ويطلقون الزغاريد، وأذاعوا البيان رغم اعتراض صلاح عبد المقصود وزير الإعلام على بثه، وترك الضباط الشباب مبنى ماسبيرو بعد أن وعدهم العاملون بأنهم سيجرون تغطية إخبارية حيادية، الجيش فى هذه اللحظة لم يكن يحتاج لأى تواجد أو مندوب عنهم لمتابعة البث فى التليفزيون، فالعاملون فى ماسبيرو يعانون من حكم الاستبن ورجله صلاح عبد المقصود، وانضم معظمهم للثوار فى التحرير والاتحادية، والإخوان كانوا أقلية فى هذا المبنى الضخم، رغم أن ميلشيات الإخوان الإلكترونية بثت شائعات حول استيلاء الجيش على ماسبيرو، وسيطرته على المواد التى يتم بثها، وهناك مشهد آخر مهم وهو ظهور خمس طائرات هليكوبتر فى سماء القاهرة تحمل أعلام الخمس أفرع رئيسية فى القوات المسلحة «البحرية والدفاع الجوى والجوى والجيشين الثانى والثالث».. وهذا له دلالة مهمة جدا.. وهى أن الخمسة الكبار فى الجيش يدعمون بيان السيسى ويدعمونه فى مواجهة مكتب الإرشاد، وهذا لا يعطى فرصة لأى أحد يحاول تقسيم الجيش. وفى اليوم الثانى تم تسريب الفيديوهات التى صورتها طائرات القوات المسلحة للقنوات الفضائية المصرية والعربية والأجنبية، وهو المشهد الذى صدم الرأى العام العالمى الذى مهد لفكرة عزل مرسى دوليا أيضا، لكن مؤسسة الرئاسة لم تهدأ وقام عصام الحداد بكتابة خطاب أرسله إلى الدول الغربية طالبها بالمساندة فى مواجهة ما سماه بالانقلاب العسكرى، وفى المقابل رد الجيش باتصالات رفيعة تؤكد أن ما يحدث فى مصر هو ثورة حقيقية، وأن الأمن القومى للبلاد معرض للخطر لو لم يتدخل الجيش. ولما قابل الفريق السيسى المخلوع مرسى عرض عليه الموقف وطلب منه أن يستمع لمطالب الشعب ويقبل بالانتخابات الرئاسية المبكرة، لكن مرسى لا يستمع لأحد سوى مكتب الإرشاد، وقال مرسى إنه على استعداد لإقالة الحكومة والدعوة لانتخابات برلمانية ولو حصلت المعارضة على أغلبية عليهم أن يغيروا الدستور ولا يسمحوا له بإكمال مدته الرئاسية.
■ البيان تم تسجيله بصوت ضابط يحمل
رتبة مقدم
مى وهبة
لم يستطع الإخوان أن يتحملوا إرادة الشعب ورغبته، أصبحوا مثل المجانين لا يقبلون أن نمارس حقنا فى حرية الكتابة، ومواجهة فسادهم فى إدارة مصر، طاردوا الفجر بعشرات القضايا، قتلوا زميلنا الحسينى أبو ضيف فى أحداث الاتحادية الأولى، هذه المرة تعرضت الزميلة مى وهبة الصحفية بقسم الأخبار والتحقيقات بالفجر وعضو اللجنة المركزية لحركة تمرد لمحاولة اغتيال من بلطجية الإخوان المسلمين، حيث هاجمهما مجموعة من الملثمين فى منزلها فجر الثلاثاء، وحاولوا خنقها بالحجاب الذى ترتديه، وصدموا رأسها فى الحائط العديد من المرات، وضربوها بقطع الزجاج المكسور، إلا أن الناشطين بحملة تمرد أنقذوها فى اللحظات الأخيرة، وأسفر الاعتداء عن جروح عميقة فى يديها نتيجة الضرب بالزجاج، وإصابتها باختناق، وكدمات متفرقة بالجسد، والآن الحالة الصحية لها جيدة، فلا يستطيع أى فاشى أن يخنق رأيا حراً أو يمنع قلماً من ممارسة حقه فى التعبير عن آلام المصريين، ستواصل مى وهبة متعتها اليومية فى مواجهة الديكتاتورية وكشف قضايا الفساد على صفحات الفجر، كما ستواصل نشاطها السياسى فى حملة تمرد كى تحقق مطالب الثورة، والفجر لن تتنازل عن حق مى وهبة وستقدم بلاغات للنائب العام ضد هؤلاء القتلة والمأجورين، مثلما طاردت قتلة الحسينى، وساهم صحفيوها فى إسقاط هذا النظام الفاشى والقاتل، وستواصل الفجر رسالتها فى نشر الحقيقة للقارئ حتى ولو على تعرض صحفيوها للملاحقة والعنف.
«إرادة 2» تعزل مرسى وتؤمن المصريين
3
■ كتائب الجيش جاهزة لكل السيناريوهات بما فيها الحرب الأهلية
لم يكن أمام الفريق السيسى وقادة الجيش سوى الانتقال إلى المرحلة الثانية من خطة إرادة، وهو انتشار أكبر فى الشوارع بالمدرعات وآلاف الجنود، ومسح مصر من الشمال للجنوب ومن الشرق للغرب بالطائرات، لرصد أى نشاطات خارجة عن القانون، ودعا السيسى مرة أخرى القوى السياسية ومن بينها الحرية والعدالة للجلوس على ترابيزة المفاوضات، لكن حزب الحرية والعدالة رفض واستجابت بقية التيارات والقوى السياسية، فقد ظلت جماعة الإخوان المسلمين معزولة منذ الثورة حتى الآن، لا تفى بوعودها ولا تقبل الجلوس على مائدة المفاوضات طالما تعتقد أنها فى مركز القوة، لكن هذه المرة السيسى كان أمامه خياران لا ثالث لهما، الأول أن يقبل بطرح مرسى، ويتحول غضب الملايين فى الشوارع ضد الجيش، أو أن ينفذ أوامر الشعب ويعزل مرسى، وانتهى الاجتماع مع القوى الوطنية إلى بيان الثورة الأخير، لكن الخطة إرادة 2تحمل الكثير من التفاصيل والمراحل الأخرى، فبداخلها محاصرة قيادات الإخوان ووضعهم تحت الإقامة الجبرية أو حتى اعتقالهم إذا لزم الأمر، وإذا لم يندمجوا مع المصريين، وفى الخطة إرادة3 يستطيع الجيش أن يكسر عظام جماعة الإخوان المسلمين بالكامل، والقضاء على إمبراطوريتهم الاقتصادية والعسكرية، وهناك أيضا الخطة إرادة 4 التى تضع كل سيناريوهات الحرب الأهلية، وأتمنى ألا نصل لتطبيق الخطة إرادة 3 أو إرادة 4، فسيكون ضحيتها آلاف من الأبرياء سواء الذين ينتمون لجماعة الإخوان المسلمين أو الشعب، آن الأوان للثورة أن تحقق مطالبها بالخبز والحرية والعدالة الاجتماعية، وقد أثبت الشعب المصرى أنه أكبر من أى رئيس أو مؤسسة أو جماعة، وإذا لم تتحقق مطالب الثورة ستجدد الثورة نفسها لتبدأ من جديد وهذا هو الدرس الذى على الجميع أن يتعلمه.