منال لاشين تكتب: حيتان الاحتكار يغلقون سوق العقارات
طرح مشروعات بديلة
انخفاض الحديد والأسمنت لم يؤد لأى انخفاض فى أسعار الشقق والڤيللات ودراسة تؤكد وجود 15 مليون شقة وڤيللا ما بين الإغلاق والطرح للبيع
البنوك ستتخلص من عقارات قيمتها 1٫5 مليار جنيه فى العام الجديد
أكتوبر تعاود الارتفاع والقاهرة الجديدة محتفظة بأسعارها بالمخالفة لقانون السوق
منذ أيام أعلن الملياردير نجيب ساويرس فى حواره مع الإعلامية لميس الحديدى أنه توقف عن جمع مزيد من الأموال، فالرجل يريد الاستمتاع بحياته، ولكن هذا الإعلان لم يمنع ساويرس من دخول أو بالاحرى العودة إلى استثمار جديد فى مصر، وهو استثمار عقارى ممثل فى أبراج زايد التى أثارت الجدل والرفض من أهالى زايد، وعلى الرغم من صغر المشروع مقارنة بمكانة وثروة الرجل، فإن دخول نجيب ساويرس مجال العقارات لا يمثل مفاجأة. فالعقارات لا تزال بالنسبة لكبار رجال الاعمال من داخل سوق العقارات أو خارجها هى الفرخة التى تبيض ذهبا، ولذلك ستجد لدى كل رجل صناعة من الكبار مشروعا استثماريا عقاريا واحدا على الأقل، وستجد معظم المصريين القادرين يستثمرون أموالهم فى شكل شقق للأولاد وعقارات للاستثمار، وحتى الذهب الذى يعد أهم وأقدم وأءمن وعاء ادخار للمصريين، حتى هذا المعدن النفيس دخل فى منافسة شرسة مع العقارات، ولكن كثرة العقارات والمشروعات العقارات فى مصر وفى كل مرة يطرح السؤال عن المخاوف من فقاعة العقارات، تكون الإجابة بالنفى، حيث تكشف الأرقام قوة السوق العقارية، ولكن السؤال المحير ليس فى استمرار قوة السوق أم لا، فالسؤال الأكثر أهمية بالنسبة للمصريين يدور حول ألغاز سوق العقارات فى مصر. فهذه السوق متمردة عابثة عشوائية لا تعترف بالقوانين بما فى ذلك القوانين العالمية، سوق تعشق المفاجآت وتتحرك مثل العجلة الدوارة، فقط تتغير الاتجاهات دون تغير فى المركز الرئيسى، كما أن السوق تتدلل لأنها تدرك غياب المنافسين من أسواق أخرى.
1- معادلة الخامات
من القوانين الراسخة والثابتة والبديهة معادلة حسابية. فهناك علاقة طردية بين سعر أى سلعة وسعر المواد اللازمة لإنتاج هذه السلعة. فكلما زادت أسعار المواد الخام زاد سعر السلعة، وبالمثل كلما انخفض سعر مستلزمات الإنتاج انعكس ذلك على سعر السلعة، فانخفض سعرها، هذه القاعدة تسرى على كل السلع من الجزمة للثلاجة للشقة، إلا الشقق والعقارات عندنا فى مصر.فقد انخفضت أسعار الحديد والأسمنت أكثر من ثلاث مرات على الأقل، وكانت الانخفاضات كبيرة ومع ذلك لم تتأثر أسعار العقارات، بل شهدت زيادة فى الأسعار حتى فى بعض المناطق التى توقع البعض انخفاضها مثل 6 أكتوبر، بينما استمرت أسعار القاهرة الجديدة على نفس المستوى.
2- نظرية عكسية
مرة أخرى تخالف سوق العقارات القاعدة الاقتصادية العتيقة هى قاعدة العرض والطلب.ففى أى سوق كلما زاد حجم المعروض من سلعة ما انخفض سعرها، لأن العرض زاد عن الطلب على السلعة، مرة أخرى تتمرد سوق العقارات على النظرية.فبحسب دراسة لسوق العقارات فنحن أمام أكثر من 15 مليون عقار ما بين مغلق ومطروح للبيع، بالإضافة إلى ذلك كبرى شركات التطوير العقارى تعلن عن طرح مشروعات جديدة، وفضلا عن هذا وذاك فمن المتوقع أن تطرح البنوك ما قيمته 1.5 مليار جنيه عقارات، فالبنك الأهلى وحده ينوى طرح عقارات للبيع بمليار جنيه، وسط كل الزخم والزحمة والتخمة من المعروض من العقارات فإن الأسعار لم تشهد انخفاضا فى الأسعار، حتى مع تراجع حمى الشراء للعقارات، فإن أسعار العقارات لن تنخفض، وهذا لغز جديد ومستمر، لغز يشير إلى مؤشرات فساد فى مؤشر المنافسة، فلا توجد شركة واحدة على الأقل من شركات التطوير العقارى الكبرى أقدمت على خفض الأسعار، وذلك لكونها مدفوعة بكثرة المعروض أو خفض أسعار المواد الخام أو الخوف من الركود أو الرغبة فى استرداد عائد الاستثمار، لايوجد أى سبب يدفع الشركات إلى عروض أو تسهيلات، ويؤكد علم الاقتصاد أو بالاحرى المنافسة وجود علامة استفهام، فهذا الوضع يشير إلى شبه اتفاق احتكارى بين الكبار فى السوق، اتفاق حول سوق العقارات فى مصر إلى سوق مغلق كالبحر الميت لا يؤثر فيه تيار أو عواصف.
3- المنافس الغائب
بعيدا عن شبهات الاحتكار، فإن سوق العقارات لا تزال بدون منافس. فباستثناء الذهب لا يجد المصريون الراغبون فى الاستثمار بعيدا عن البنوك سوى العقارات، و لاتوجد أطروحات مغرية فى البورصة، ولا مشروعات تطرحها الدولة على غرار مشروع شهادات قناة السويس الجديدة، فمثل هذه المشروعات المضمونة من الدولة تجد رواجا لدى قطاع كبير من المصريين. هذا القطاع يتراوح ما بين الرافضين دينيا للبنوك، ومحترفى غسيل الأموال من مخدرات وآثار وغيرهما، بالإضافة إلى المتهربين من الضرائب، هذه الفئة تسعى لاستثمار أموالها، فلاتجد سوى العقارات كملاذ، ولذلك فإن ضرب الاحتكار فى سوق العقارات وإعادة فتحه مرة أخرى يبدأ من الاستثمار، يجب فتح الباب أمام المصريين للمشاركة فى مشروعات كبرى مثل محطات الكهرباء والطرق والمشروعات الصناعية الكبرى، وطرح بنك المصرف المتحد فى البورصة بدلا من بيعه لمستثمر رئيسى أو على الأقل طرح نسبة مؤثرة من أسهمه، وطرح نسبة 25% من بنك القاهرة، ففى كل مرة طرحت الحكومة شركات عامة فى البورصة كانت التغطية تتجاوز من خمس إلى عشر مرات على الأقل، فعلى الرغم من الضغط الاقتصادى على الطبقة المتوسطة، إلا أن هناك نسبة لا يستهان بها من المصريين لديها أموال تريد استثمارها، وإذا لم يتم فتح أبواب جديدة لاستثمار هذه الأموال سوف تظل سوق العقارات متمردة على كل القواعد والقوانين لأنها تعلم أن المصريين مجبرين على الاستثمار فيه.