وكان الرئيس الفرنسي اعتبر أن الحلف في حالة "موت سريري"، منتقداً قلّة التنسيق بين الولايات المتحدة وأوروبا والسلوك الأحادي الذي اعتمدته تركيا، عضو "ناتو"، بتنفيذ عملية عسكرية ضد الأكراد في شمال سوريا.
وأضاف في مقابلة أجرتها معه مجلة "ذي إيكونوميست" البريطانية، "يجب أن نوضح الآن ما هي الغايات الاستراتيجيّة لحلف الأطلسي". وسارعت المستشارة الألمانية إلى الرد وإعلان أنّها لا تشاطر الرئيس الفرنسي رؤيته "الراديكالية". وأضافت "لا أعتقد أن هذا الحكم غير المناسب ضروري".
انتقدت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل
هذا الحكم "الراديكالي"، قائلة في مؤتمر صحافي مع الأمين العام للحلف ينس
ستولتنبرغ "لا أعتقد أنّ هذا الحكم غير المناسب ضروريّ، حتى لو كانت لدينا مشاكل،
حتى لو كان علينا أن نتعافى".
من جهته، قال ستولتنبرغ إنّ الحلف ما زال
"قويّاً"، مؤكّداً أنّ الولايات المتحدة وأوروبا "تتعاونان معاً أكثر
ممّا فعلنا منذ عقود".
لكنّ موسكو رحّبت بتصريحات ماكرون، واصفة
إيّاها بأنها "صادقة"، ومعتبرةً أنّ ما قاله "كلام من ذهب".
وقال الرئيس الفرنسي "ما نعيشه حاليّاً
هو الموت السريري لحلف شمال الأطلسي".
وسيكون لتصريحات ماكرون الشديدة النبرة
والتي تساءل فيها حول مصير الحلف نفسه، وقع كبير قبل شهر من قمّة يعقدها الحلف في لندن
مطلع ديسمبر في لندن.
وقال معلّقاً على العمليّة العسكريّة التركيّة
في شمال سوريا "ليس هناك أيّ تنسيق لقرار الولايات المتحدة الاستراتيجي مع شركائها
في الحلف الأطلسي، ونشهد عدواناً من شريك آخر في الحلف، تركيا، في منطقةٍ مصالحنا فيها
على المحكّ، من دون تنسيق".
وأضاف: "ما حصل يطرح مشكلة كبيرة للحلف
الأطلسي".
وتابع: "يجب أن نوضح الآن ما هي الغايات
الاستراتيجيّة للحلف الأطلسي"، مجدِّداً دعوته إلى "تعزيز" أوروبا الدفاعية.
وتساءل الرئيس الفرنسي خصوصاً حول مصير
المادة الخامسة من معاهدة الحلف الأطلسي التي تنص على تضامن عسكري بين أعضائه في حال
تعرّض أحدهم لهجوم.
وقال ماكرون: "ماذا سيحلّ بالمادة
5 غداً إذا قرّر نظام (الرئيس السوري) بشار الأسد الرد على تركيا، هل سنتدخل؟ هذا سؤال
حقيقي".
وأضاف مبدياً أسفه "التزمنا محاربة
داعش (تنظيم الدولة الإسلامية). المفارقة هي أنّ القرار الأميركي والهجوم التركي في
الحالتين لهما النتيجة نفسها: التضحية بشركائنا على الأرض الذين حاربوا داعش، قوات
سوريا الديموقراطية".
وتُعدّ وحدات حماية الشعب الكردية، المكوّن
الرئيسي لقوات سوريا الديموقراطية، شريكاً رئيسياً للتحالف الدولي الذي تقوده واشنطن
في قتال تنظيم الدولة الإسلامية، إذ نجحت في دحر التنظيم في مناطق واسعة في شمال شرق
سوريا.
في 9 أكتوبر، شنّت تركيا هجوماً
عسكريّاً في شمال سوريا استهدف القوّات الكرديّة التي تعتبرها "إرهابيّة"
وامتداداً لحزب العمال الكردستاني الذي يخوض تمرّداً دامياً في تركيا منذ 1984، وذلك
بعد يومين على سحب واشنطن قوّاتها من نقاط حدودية في سوريا، ما اعتبر بمثابة ضوء أخضر
لأنقرة.
وقال ماكرون: "الحلف الأطلسي كنظام
لا يضبط أعضاءه. وانطلاقاً من اللحظة التي يشعر فيها أحد الأعضاء بأنّ من حقّه المضيّ
في طريقه، فهو يقوم بذلك. وهذا ما حصل".
ولذا، يرى الرئيس الفرنسي أنّ "من
الجوهريّ، من جهة، قيام أوروبا الدفاعية، أوروبا تمنح نفسها استقلالية استراتيجية وعلى
صعيد القدرات في المجال العسكري، ومن جهة أخرى إعادة فتح حوار استراتيجي مع روسيا،
حوار خال من أي سذاجة وهو أمر سيستغرق وقتا".
واغتنم ماكرون المقابلة للتحذير من ثلاثة
مخاطر كبرى محدقة بأوروبا: أولها أنها "نسيت أنها مجموعة"، والثاني
"انفصال" السياسة الأميركية عن المشروع الأوروبي، والثالث صعود النفوذ الصيني
الذي "يهمش أوروبا بشكل واضح".
وقال: "هناك اليوم سلسلة ظواهر تضعنا
على حافة الهاوية".
وأوضح أن "أوروبا نسيت أنها مجموعة،
بل تصوّرت نفسها تدريجيّاً سوقاً هدفها النهائيّ التوسع"، وقد عارض مؤخّراً بدء
مفاوضات انضمام مع شمال مقدونيا وألبانيا.