"اتفاق قمعي".. كيف تدخلت إيران في بقاء السلطة بالعراق؟
بات رئيس الوزراء العراقي، عادل عبد المهدي، اليوم محط إجماع بين أحزاب وسياسيي السلطة، بعدما كان في وضع حرج، فالذين كانوا يطالبون برحيله، تراجعوا عن دعواتهم؛ بسبب الضغوط السياسية من إيران وحلفائها في بغداد، تجلى ذلك عقب الاتفاق السياسي الذي رعاه أنه أبرز القادة العسكريين الإيرانيين في الحرس الثوري، قاسم سليماني.
وتشهد العاصمة وعدد من المحافظات الجنوبية الغنية بالنفط في العراق للشهر الثاني على التوالي مظاهرات واسعة احتجاجا على الفساد والبطالة ونقص الخدمات الأساسية، ترافقها أعمال شغب واشتباكات بين قوات الأمن والمحتجين، وتتخللها عمليات قنص تنفي الحكومة مسؤوليتها عنها. وأعلنت المفوضية العليا المستقلة لحقوق الإنسان في العراق، أن حصيلة ضحايا الاحتجاجات التي اندلعت في البلاد منتصف أكتوبر الماضي، قد تجاوزت الـ300 قتيل. وأكد علي أكرم البياتي المتحدث باسم المفوضية أن حصيلة الضحايا بلغت 301 قتيل، إضافة إلى 15 ألف مصاب، منذ بدء الاحتجاجات.
اتفاق قمعي برعاية إيران
وبدأت القوات العراقية، أمس السبت، تفريق المتظاهرين المطالبين بـ"إسقاط النظام"، بعد التوصل إلى اتفاق سياسي رعاه قاسم سليماني، بحضور زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر ومحمد رضا السيسياتي (نجل علي السيستاني)، وأطراف أخرى، ووفقا للوكالة الفرنسية "فرانس برس"، والذي أشارت إلى أن الاتفاق ينص على أن يبقى رئيس الحكومة عادل عبد المهدي في منصبه" حتى وإن اضطر الأمر إلى استخدام القوة لإنهاء الاحتجاجات"، مؤكدة أن الطرف الوحيد الذي رفض الاتفاق هو تحالف "النصر" بزعامة رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، الذي يرى أن الحل الوحيد للأزمة هو رحيل عبد المهدي.
واتفقت غالبية القوى السياسية اجتماعاتها خلال الأيام الأخيرة، على بقاء رئيس الحكومة، مع إجراء "حزمة إصلاحات في ملفات مكافحة الفساد"، فضلا عن اعتماد تعديلات دستورية، وهو ما ظهر بالفعل في بيان عبد المهدي الذي فشل في احتواء غضب الشارع، حسب "فرانس برس".
كيف تدخلت إيران في حكم العراق؟
وخلال أسابيع قليلة، برز اسم القيادي المهم في قوات الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني أكثر من مرة، لتقديم المشورة لبغداد في كيفية قمع الاحتجاجات التي تطالب باستقالة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، ولا ترضيها حزمة الإجراءات الحكومية التي تمثلت في إصلاحات أو تحقيقات فساد. فالاجتماع ليس المؤشر الأول على دور إيران ممثلة في سليماني داخل العراق، فقد حضر العسكري ذاته اجتماعا أمنيا كبيرا بعد أول أيام الاحتجاجات، نيابة عن عبد المهدي شخصيا، عندما توجه إلى بغداد في وقت متأخر من الليل، واستقل طائرة هليكوبتر إلى المنطقة الخضراء شديدة التحصين، حيث عقدت الجلسة الأمنية. وفي هذا الاجتماع، تحدث سليماني عن تاريخ إيران في قمع الاحتجاجات، ودعا إلى استخدام الوسائل ذاتها فيما يشهده العراق مؤخرا.
السيستاني ينفي أن تكون المرجعية طرفا في الاتفاق
في غصون ذلك، نفى مصدر مسؤول في مكتب المرجع الديني العراقي علي السيستاني، بالنجف، أن تكون المرجعية طرفا في الاتفاق المزعوم على بقاء الحكومة الحالية، وإنهاء الاحتجاجات الجارية. وقال المصدر إن "موقف المرجعية الدينية تجاه الاحتجاجات الشعبية والتعامل معها والاستجابة لمطالب المحتجين هو ما أعلنت عنه بوضوح في خطب الجمعة، وقد أبلغته لجميع من اتصلوا بها بهذا الشأن، وكل ما ينسب إليها خلاف ذلك فهو لغرض الاستغلال السياسي من بعض الجهات والأطراف ولا أساس له من الصحة".
وفيما يتعلق بما لوحظ مؤخرا من حمل صور السيستاني من قبل بعض العناصر الأمنية ورفعها في بعض الاماكن العامة قال المصدر: "إن السيستاني لا يرضى بذلك كما سبق توضيحه أكثر من مرة. فيرجى من محبيه الكف عن ذلك".