نجمة متلألئة من بعيد.. مذاق خاص لـ شوادر السيدة زينب في المولد النبوي (صور)
شوادر تكسو الشارع يمينًا ويسارًا، تلمع عينيك لرؤيتها عندما تضرب بخطواتك الأولى لميدان السيدة العجوز، والذي ظل لعشرات السنوات يتزين بها، عندما تدق ذكرى المولد النبوي الشريف الأبواب، فيصل إليها كل قاصٍ ودانٍ، حتى وإن لم تنوِ الشراء، فمجرد وجودك في ميدان السيدة زينب في هذا الوقت تحديدًا، تملؤك طاقة إيجابية لا تعلم مصدرها، سوى أنها روح تسكن هذا المكان، تملأ جنباته، وتملأ عقلك ووجدانك، وتشعر أنك عدت إلى بيتك البسيط لترتاح.
طاقة من الراحة النفسية تشعر بها، إذا نظرت إلى حلاوة المولد النبوي المتناثرة يمينًا ويسارًا بجنبات الميدان، فاعتاد المواطنون -سواء من أهل المكان أو من مناطق أخرى- أن تزين الميدان والشوارع المحيطة به، في هذه الذكرى من كل عام، وتُغرق الشوارع عرائس المولد والحلوى من كل الأشكال والألوان، تتراصُ هنا وهناك، وكأن الميدان كاملًا عُلبة حلوى بها مزيج رائع من كل شئ حلو الطعم والرائحة.
لميدان السيدة زينب مذاق خاص دائمًا، فبساطة البائعين والمشترين، تجعلك تشعر وكأنك في مكانك وبيتك، لم تذهب بعيدًا،حتى وإن لم تكن من سُكان المنطقة، ومجرد عابر يأتي إليها كل عام، يشتم فيها رائحة الأهل والسكينة، وشعبية الشوادر تجعلك تعود عشرات السنوات إلى الوراء، تحن إلى ماضي الطفولة، وذكريات أسرتك البسيطة، حتى وإن خالط ذلك الحاضر، واختلف شكل عروسة المولد المصنوعة من السكر والخشب، إلى أن أصبحت مصنوعة من البلاستيك.
أصوات البائعين هنا ليست مزعجة، تطرب أذنيك خلال مرورك بالمكان: "بـ15 وبـ30 حلاوة فاخرة، وخسر اللي مصلاش على النبي"، هنا اختلفت نظرتي اتجاه كل شئ، غُصت عميقًا فيما وراء الملامح، فوجدت سيدات شقت ذكريات المكان الطريق في وجهها، الذي امتلأ بالقوة، وبنيانها الذي اشتد عوده بالعمل سنوات طوال في هذه الشوادر، حتى أصبحت أحد أبرز ما يميزها.
لم تختلف أسعار حلوى المولد النبوي كثيرًا عن العام الماضي، فتبدأ من 15 جنيهًا و30 جنيهًا للكيلو، حتى 300 للأنواع الفاخرة، وكذلك أيضًا عروسة المولد بكافة أشكالها، سواء مصنوعة من الخشب أو البلاستيك، فتبدأ أسعارها من 30 جنيهًا، ما اعتبره البائعون في متناول المواطن البسيط، ولم تتأثر بأي زيادة في الأسعار.
"الحلاوة كلها مصري، بتتباع كويس عشان أسعارها متوسطة، أما العروسة فيه صيني مستورد وفيه مصري، زمان كان الراجل بيجيب لمراته دلوقتي خلاص مبقاش فيه الكلام ده، اللي بيشتري بس الأطفال، عشان كدا مبقتش بتبيع كتير، بس الإقبال أكتر على العروسة الفلكلورية القديمة في شكلها المعتاد"، هذا ما قاله محمد أحمد صاحب أحد أكبر وأقدم الشوادر بالميدان، والذي اعتاد أن يحتفظ بمكانه المقابل لمسجد السيدة زينب، وينتظر ذكرى المولد النبوي كل عام، لترتفع فرشته للسماء، تتزين بالأنوار، أينما ذهبت تراها بعينك كأنها نجمة متلألئة من بعيد.
"نور خير الأمة لاحَ، يا آل طه لنا في حيكم قمرٌ"، هنا فقط في ميدان السيدة زينب، اترك أذنيك وعينيك يسبحون في عطر بيت السيدة العجوز، وأعطِ لنفسك استراحة قصيرة، وسط ابتهالات قدوم المولد النبوي الشريف، فهذا لن يتكرر كثيرًا.