بعد ترشح 5 أشخاص للرئاسة.. هل يعود نظام "بوتفليقة" لحكم الجزائر مرة أخرى؟
في خضم ما تشهده عدد من الدول العربية حالياً، من حالة عدم اتزان وسط موجات من الانتفاضات الشعبية، ومنها ما ألقى بظلاله على "الجزائر" التي ما زالت حتى الآن بدون حاكم، مع تخوف في الشارع من عودة نظام "بوتفليقه" مرة أخرى من خلال المرشحين المتواجدين على الساحة حالياً.
من يحكم الجزائر بعد قبول أوراق 5 مرشحين؟
يتنافس حالياً على الرئاسة في "الجزائر" 5 راغبين في الترشح فقط بعد أن قبلت ملفاتهم، وهم كل من عز الدين ميهوبي، بلعيد عبد العزيز، علي بن فليس، عبد المجيد تبون، اضافة إلى عبد القادر بن ڨرينة.
وأكد محمد شرفي، رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات بلغة الأرقام، بأن مرشح جبهة المستقبل، بلعيد عبد العزيز، قدم أكثر من 85 ألف استمارة اكتتاب توقيعات، وجدت السلطة بعد المراقبة أكثر من 77 ألف استمارة صحيحة، وهو ما جعل ملفه مقبولا، أما بشأن مرشح التجمع الوطني الديمقراطي ميهوبي عز الدين، فقد استوفى ملفه الشروط الكاملة، والمرشح الثالث وهو رئيس حركة البناء الوطني، بن قرينة عبد القادر، الذي قدم أكثر من 93 ألف استمارة توقيعات، وبعد خضوعها للمراقبة الآلية.
لقى إعلان السلطة في الجزائر قائمة المرشحين الخمسة، لانتخابات الرئاسة المُقررة في 12 ديسمبر المقبل، مزيداً من الاضطراب في المشهد السياسي في البلاد، بعد موجة من الرفض الشعبي للقائمة التي تضم ـ وفقاً لما ذكر الرافضين لها ـ كما أنها بأكملهاً محسوبة كلها على النظام السابق، أو كانت لها علاقة به في مستويات متعددة وأزمنة مختلفة.
وهذا المشهد يبدو بوضوح أن تياران يتقاسمان هذه الحالة من التجاذبات السياسية؛ فمن جهة، هناك التيار الذي تمثله المؤسسة العسكرية وبعض الشخصيات المحافظة وجانب من الحراك الشعبي، ويعد الأكبر في البلاد، ويعتبر أن تنظيم الانتخابات هو الممر الوحيد للخروج من الأزمة.
ومن جهة أخرى، هناك التيار الذي تقوده أحزاب ومنظمات أغلبها علمانية ويسارية،التي تجتمع تحت ما يُسمى تحالف "قوى البديل الديمقراطي"، وينتقد خيار تنظيم الانتخابات بدعوى أنها سوف تساهم في إعادة إنتاج النظام السابق. ويتداخل مع هذا التيار، الجزء الأكبر من الحراك الشعبي الذي تتصادم مواقفه مع مواقف المؤسسة العسكرية، ومن إصراره على استبعاد كافة رموز النظام.
هكذا يضطرب المشهد السياسي في الجزائر، إلى الدرجة التي يصعب معها الإجابة على التساؤل من هو المرشح الأكثر حظاً للفوز بالسباق الرئاسي، كما جرت العادة منذ أول انتخابات رئاسية تعددية تشهدها البلاد في نوفمبر عام 1995.
إذ، بعد فحص ملفات 23 شخصاً تقدموا بأوراقهم لخوض معركة الوصول إلى "قصر المرادية"، من جانب السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، تم رفض 18 راغباً في الترشح بسبب عدم استيفاء شرط "الترشح"، المنصوص عليه في قانون الانتخابات، وهو جمع 50 ألف استمارة موقعة من طرف مواطنين مسجلين في القوائم الانتخابية، وأن تكون موزعة على 25 ولاية من أصل 48 ولاية في الجزائر.
هل سيعود رجال بوتفليقه للحكم؟
ربما التساؤلات التي تدور حالياً هو سيعود "بوتفليقة" ورجاله للحكم، وحتى يمكننا الإجابة على ذلك، يجب أن نطلع على كافة المعطيات، ففي 2 إبريل من العام الجاري أعلن الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة استقالته من منصبه، وبعد ساعات قليلة من بيان قائد الجيش أحمد قايد صالح.
وحالياً يمر حزب جبهة التحرير الوطني في الجزائر وهو حزب الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة بمراقبة سباق الانتخابات الرئاسية المقررة في 12 ديسمبر دون أن يُحرك ساكناً، كما أنه لم يقدم أو يدعم أي من الراغبين في الترشح.
وكان يطلق على حزب جبهة التحرير الوطني لقب الحزب الحاكم إلى أن استقال الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، في 2 أبريل الماضي تحت ضغط انتفاضة شعبية لقيت دعماً من قيادة الجيش، هذا وأدخل الحزب على قانونه الأساسي في المؤتمر العاشر له في 2015، مادة جديدة نصت على جعل بوتفليقة رئيسا فعلياً له، بعدما كان رئيساً شرفياً.
المشهد غامض في الجزائر
وفي هذا السياق، يقول الدكتور إسماعيل خلف الله المحامي والكاتب والمحلل السياسي والباحث في القانون الدولي، إن المشهد الانتخابي لم يتضح بعد والصورة ما زالت غامضة بل تبدو باهتة، مؤكدًا أن كل المرشحين لهم صلة بالمنظومة السابقة فمنهم من كان رئيس حكومة ومنهم من كان وزيرًا ومنهم من كان مطبلاً للولاية الخامسة وكان داعماً ومسوقاً لبرنامج عبد العزيز بوتفليقة والذي نتج عنه ضياع ما يقارب من ألف و22 مليار، بالإضافة إلى وجود فساد حقيقي في الجزائر شمل كل القطاعات.
وأوضح "خلف الله"، أن تلك الانتخابات المزمع إقامتها في الفترة المقبلة عبارة عن إعادة تدوير للنظام السياسي السابق مشيرًا إلى أن الشارع كان منقسم إلى ثلاثة أقسام قسم رافض للانتخابات جملة وتفصيلا وقسم يدعم ويرى أن الانتخابات هي الحل وقسم آخر هو الفئة الموالية للنظام السابق والتي تغير فيها وجهها فقط – في إشارة لبوتفليقة-.
إحباط في الشارع
وتابع، إذا ركزنا على الفئة التي كانت ترى أن انتخابات ديسمبر هي المخرج والحل وتفعيل المادة 7 و8 اللتان تقران بأن السلطة تعود الي الشعب وأن الشعب صاحب السلطات لا يمكن تفعيل هاتين المادتين الإ بالذهاب للانتخابات وتكون انتخابات نزيهة وشفافة هذة الفئة نسبة كبيرة، منها اقتنعت أن الصندوق الشفاف لا يمكن الذهاب إليه، وأن هذة المجموعة التي تمضخت عن التقدم للترشح، لن تنفذ طموح الشارع الجزائري، وبالتالي هذة الفئة تقلصت وهناك الأن من وضع نقطة وتوقف وهم الأن في وضعية إحباط، وقسم أخر انضم الي القسم الذي يرفض انتخابات ديسمبر
كما أضاف أن الفئة الرافضة للانتخابات اتسعت والكثير تبين لهم الصورة، بأن هذه الانتخابات ما هي الإ مراوغة، هذة المجموعة لم تكن في مستوي تطلعاتها والشارع الجزائري كان يتطلع إلي رئيس تكون له قاعدة شعبية عريضة، وينبع من صميم الحراك وتكون له قوة شعبية يستطيع بها أن يذهب الي التغير الحقيقي وبناء الجمهورية المنشودة
وأشار إلى الكثير مما يعتقد أن هؤلاء المرشحون الخامسة، جاءوا من رحم المنظومة وبالتالي لا أعتقد أن هؤلاء، سيستطيعون أن يقوموا بحل المشاكل الحقيقيو أو المطالب الحقيقية للحراك الجزائري، كما هو معلوم في انتفاضة فبراير لم تتنفض من أجل الخبز او السكن الو العمل، بل الشرارة كانت لتحقيق هدف واضح لإنهاء العهدة الرابعة، ثم تطور الأمر إلى تغير حقيقي للنظام والمنظومة ككل، وبالتالي إذا كان هؤلاء من صميم المنظومة مهما كانو لن يستطيعوا أن يذهبوا أو يؤسسوا لتغيير حقيقي، لما لهم من ارتباط وثيق بالمنظومة القديمة.
المشهد إلى أين؟
وفي السياق ذاته، أكد "خلف الله"، أن أحد هؤلاء الخمسة المشاركين بالانتخابات سيفوز بنسبة ضئيلة ومهما كان رئيس 12 ديسمبر، سيأتي بشعبية مهتزة ولن يكون لديه القوة لفرض نفسه ومقترحاته على الدولة العميقة والنظام ككل، وسيبقي رهينة لتجاذبات والقوى المتصارعة سواء داخل المؤسسة العسكرية أو الأحزاب السياسية المشاركة، كما أن الرئيس المقبل لن يحقق مطالب الشعب الجزائري وسيكون أمام تسونامي وفيضان وتحرك شارع مستمر.
ولفت إلى أن قيمة الدينار في هبوط وقيمة البترول في هبوط والاقتصاد من سئ إلى أسوأ نحن أمام أزمات معقدة، مشددًا على أن الحراك بالجزائر تم دون قيادة وبدون ممثلين وبالتالي استطاع هؤلاء المرشحون الذين يملكون القواعد القديمة الترشح للانتخابات المقبلة.
وأشار في النهاية أنه لو مرت هذة الانتخابات لن ينتهي الحراك ولاحظنا في جمعة 1 نوفمبر الجمعة الـ 37 ، وجمعة 22 فبراير والتي أعادت زخم الحراك ورتبت الحراك، وبالتالي وهج الحراك ازداد وبالتالي حتى إن جاءت السلطة برئيسها، هذا الرئيس لن يستطيع أن يقاوم الحراك الذي سيتواصل، وبالتالي يبقي إحراج السلطة مستمر وربما إن استطاع الحراك، أن يستدرك الأمر، وأن يضع ممثلين ويخرج بتيارات نقابية وسياسية، ربما ستفرض الثورة سياستها على السلطة أما تؤجل الانتخابات، وإما أن يتم طرح معطيات جديدة تكون أمامها السلطة في مواجهة حقيقية مع مطالب الشعب.