خاص| بعد اشتعال الأوضاع.. ما هي السيناريوهات المطروحة للأزمة العراقية؟
منذ مطلع أكتوبر
الماضي، انطلقت التظاهرات في العراق، احتجاجاً على الفساد والبطالة وتدهور الخدمات العامة
والمطالبة بإسقاط النظام.
وشهدت الاحتجاجات موجتان، الأولى "استمرت لنحو أسبوع وسقط خلالها أكثر من 150 قتيلا"، فيما انطلقت الثانية "في 24 أكتوبر ولا تزال مستمرة حتى الأن، على الرغم من تواصل عمليات القمع بحق المتظاهرين"، حيث سقط 100 قتيل وأصيب مئات آخرون.
وتدعو الأوضاع المشتعلة في العراق، الجميع للتساؤل حول سيناريوهات الخروج من تلك الأزمة.
استقالة الحكومة
في الوقت، الذي
تعم فيه الاحتجاجات المناهضة للحكومة في العراق، لن تجد الحكومة العراقية سبيل لها
للخروج من تلك الأزمة سوى الاستقالة.
وبالفعل يوم الخميس
الماضي، أعلن الرئيس العراقي، برهم صالح، أن رئيس الوزراء العراقي، عادل عبد المهدي،
وافق على الاستقالة من منصبه، ولكن بشرط عدم وجود أي فراغ دستوري.
ولكن يد إيران
التي ترغب في إبقاء الوضع كما هو عليه من أجل إبقاء ميلشياتها في العراق، حاولت عرقلة
الأمر، وهو ما كشفت عنه وكالة الأنباء "رويترز"، بعد أن كشفت عن اجتماع جرى، بين قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، وزعيم تحالف
"فتح" هادي العامري، للتخطيط لإبقاء رئيس الوزراء عادل عبد المهدي في السلطة،
وهو ما يضع ضغوط متزايدة من قبل إيران على عاتق السلطة العراقية.
وأوضحت "رويترز"، أن قاسم سليماني طالب العامري خلال الاجتماع، الذي جرى في بغداد، بالاستمرار في مساندة عبد المهدي، مستعينا بالميليشيات المدعومة من إيران.
أجندة خارجية خاصة
مع إيران
وبهذا الصدد، قالت
ست الغفران، الكاتبة والناشطة السياسية العراقية المشاركة بالتظاهرات، إن "الاحتجاجات
مستمرة بسبب فساد الحكومة، وإن الدولة موالية لحكومة إيران قلبا وقالب، بينما الشعب
عكس الحكومة فهو رافض الحكومة رفض قاطع"، مشيرة إلى أن "المتظاهرين يطالبون بحكومة عسكرية، لإنقاذ وطني بدلاً من الأحزاب الفاسدة".
وأكدت غفران لـ "الفجر"، على أن مطالب الشعب هو توفير سكن وعمل للشباب، وخدمات إعمار المدن التي أصيبت من جراء
الإرهاب، مشيرة إلى أن الشعب غاضب بسبب قتل المتظاهرين، وخاصة على يد القناصة وكثرة
الشهداء وأغلبهم من الشباب.
وأضافت، أنه "لو حكم الشعب العراقي يهودي أفضل من هذه الحكومة الفاشلة وهم حاقدين على الشعب، لأن أغلبهم كانوا بإيران، يكرهوه على مدى كرهم لصدام حسين، كره وفي نفس الوقت مستفيدين من خيرات العراق".
وأردفت غفران،
أن العراقيين ظلموا كثيراً وصبرهم نفذ، بسبب عدم وجود تتطور أو تقدم، مشيرة إلى أن الحكومة الفاشلة والأحزاب، كلها أجندة خارجية
خاصة مع إيران، وهي دولة لها مصالح كبيرة بالعراق
وحاقدة على سكانها، وبعظمة لسانهم يقول المسئولون الإيرانيون، إنهم "يكرهون الشعب العراقي، بسبب الحرب الإيرانية العراقية بالثمانينات".
وبينت الكاتبة والناشطة السياسية العراقية المشاركة بالتظاهرات، أن أغلب القنوات الفضائية أغلقتها الحكومة، لأنها كانت نتشر أخبار التظاهرات، مبينة أنها تسكن قريبًا من قناة "الفرات" التابعة للسيد عمار الحكيم، وأطلقوا عليه صاروخ موجه خلف عدد من الجرحى وأضرار بالسيارات، مشيرة إلى أن الدولة مستعدة تقتل الشعب بدم بارد، وتحكم عليه هذا إرهابي أو داعشي أو بعثي.
بينما أوضح الشيخ
مزاحم الحويت، المتحدث باسم العشائر العربية في المناطق المتنازع عليها بين بغداد واربيل،
أنه يرفض عمليات القمع من القوات الأمنية والحكومة العراقية تجاه المتظاهرين، وهدف
المظاهرات إصلاح وعمليات تخدم الجميع، ولكن تلك التظاهرات أصبحت منحرفة عن مسارها السابق
بالإصلاح وتعديل قوانين وتوفير الخدمات.
وتابع الشيخ مزاحم الحويت في حديثه، أن المظاهرات لا تنتهي بإقالة رئيس الوزراء عبد المهدي، لأنه لا يوجد هناك بديل لرئيس الوزراء حاليًا وإقالته ستقود البلاد إلى فوضى، رغم أن الرجل مستعد للإستقالة الأن قبل بعد قليل، محذرًا من القيام بعمليات ضد القوات الأمنية أو قوات البيشمرجة أو البعض ممن قاموا برفع علم تنظيم "داعش" الإرهابي.
سن دستور جديد
للبلاد
"إنها ليست
احتجاجات بقدر ماهي ثورة شعب ضد الفساد"، بتلك الكلمات وصف سمير عبد الله البرزنجي،
رئيس الحركة الوطنية المستقلة لإنقاذ العراق، ومطالبها رحيل الطغمة الفاسدة ومحاكمتهم وتغيير النظام برمته، من خلال تاسيس لنظام
ديمقراطي حقيقي وسن دستور جديد للبلاد يكتب بيد ابناءه، وليس بيد المحتل.
وأكد البرزنجي
في تصريحات خاصة لـ"الفجر"، على أن الاحزاب والحكومة واجهت المتظاهرين العزل
بشتى أنواع السلاح وحتى الغازات القاتلة المحرمة دولياً، رغم سلمية المتظاهرين.
وأضاف رئيس الحركة الوطنية المستقلة لإنقاذ العراق، إنه تكمن
المشكلة في دور طهران والتدخل الايراني بالمنطقة وبالعراق بالذات، فالأحزاب الحاكمة
العميلة لإيران، هي التي حولت ميزانية العراق
لايران، وسوريا الاسد، وحزب الله اللبناني.
ودلل البرزنجي،
على ذلك اعتراف النائبة ماجدة التميمي عن كتلة سائرون التابعة لمقتدى الصدر بذلك، والتي
قالت: "مع أحداث الثورة السورية وتحولها إلى مسلحة وفقدان الحكومة السورية معظم مواردها من جمارك وضرائب ومبيعات نفط واصبحت
في عجز دائم عن دفع رواتب الموظفين والمتقاعدين والأجهزة الأمنية، فقامت الحكومة العراقية كانت ولاتزال تمول ذلك من أموال الشعب العراقي المحروم من وارداته
المهدورة والمنهوبة، وقد أطلعت على وثائق تفيد بصرف مبلغ 220 مليار دولار، دعماً للحكومة
السورية خلال ثلاث سنوات مضت فقط.
وأردف رئيس الحركة الوطنية المستقلة لإنقاذ العراق، أنه يضاف لذلك اعتراف بعض النواب، التي لا يحب ذكر أسمائهم من اللجنة الأمنية البرلمانية في اتصال معه شخصياً، واعتراف النائب بعد أن طلبت منه إيقاف العنف ضد المتظاهرين، حيث قال إن "إيران من تقود المعركة ضدهم، ولا يوجد مقدرة من الحكومة بإيقافها".
طرد ميلشيات إيران
السيناريو المطروح
أيضاً لحل الأزمة العراقية، أنه إذا نجحت الانتفاضة الشعبية في العراق، فإن هذا سيؤدي
إلى سقوط "إيران"، وطرد الميلشيات الخاصة، ففي الانتفاضة الأخيرة، كان العراقيون
ينتقدون إيران علانية ويحرقون علمها، وهم يهتفون لمغادرتها البلاد، ويشوهون ملصقات
خامنئي ويهاجمون مقرات الميليشيات، التي يدعمها الحرس الثوري.
ونظراً لأن العراق تمثل تحدياً أكثر تعقيداً لإيران، ذهب قاسم سليماني، قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري، الذي زار العراق عدة مرات في السنوات الأخيرة، إلى بغداد مؤخراً من أجل معالجة مسألة الاحتجاجات، ويتواجد في مدن الجنوب قواعد للميليشيات المدعومة من إيران.
مطرقة إيران والحرس
الثوري
وفي هذا السياق،
يقول الشيخ مزاحم الحويت، المتحدث بأسم العشائر العربية في المناطق المتنازع عليها بين
بغداد واربيل وأحد قيادات العرب السنة، إنه "في بداية انطلاق التظاهرات منذ أكثر من شهر، تطالب العراق بالإصلاح وتوفير الخدمات وتوفير
الأوضاع المعيشية، فهناك الكثير من الفقراء والمحتاجين، وخاصة المحافظات الجنوبية، التي
تأثرت بعمليات النزوح والعمليات الإرهابية.
وأكد الحويت لـ "الفجر"، على أنه عندما خرج الشعب العراقي للمطالبة بحقوقه المشروعة والقانونية والدستورية كانت
للتظاهرات شكل حضاري، ولكن حالياً أصبح المتظاهرين يطالبون بإسقاط الحكومة، على عكس
طلبهم السابق بتوفير الخدمات، والذي استجاب له رئيس الحكومة عبد المهدي والبرلمان والمحافظين.
كما أضاف المتحدث
باسم العشائر العربية في المناطق المتنازع عليها بين بغداد واربيل، أن هناك عمليات
إختطاف للصحفيين والناشطين المشاركين في هذه التظاهرات، مما يؤكد وجود جهة ثالثة خاصة
الجانب الإيراني تقوم بتدبير عمليات الإختطاف،
وسيولد فتنة طائفية وعمليات طائفية، خاصة بعد إحراق القنصلية الإيرانية، وطهران لها دور كبير بعمليات قمع وحروب
طائفية وعمليات نزوحن لن معظم المتظاهرين من أبناء المحافظات الجنوبية وصلتهم رسائل
تهديد.
وأردف الحويت،
أن لتدخل الإيراني موجود منذ البداية، واليوم الشعب العراقي لا يريد إيران ولا يؤمن
بولاية الفقيه، خاصة أبناء الجنوب الذين ينتمون للمذهب الشيعي، وكان بعضهم إنتمى للمليشيات
والفصائل المدعومة من إيران، ولكن بعد لإقتحام القنصلية وتمزيق صور خامنئي وسليماني،
هناك تخوف كبير من أن تشن الميليشيات عمليات ضد المواطنين وتقوم بتهجيرهم، ومن لم يخرج
أو يهرب أو ينزح سيكون مستهدف، وسيكونون تحت مطرقة إيران والحرس الثوري والميليشيات
الموالية لها.
وبين المتحدث باسم العشائر العربية، أن خروج الميليشيات الإيرانية من المحافظات الجنوبية والسنية، ومن المناطق المتنازع عليها، لأنها إرتكبت جرائم هناك شبيهه بما فعلته "داعش"، مبينًا أنه إذا خرجت يمكن للقيادات السنية والشيعية والكردية في البلاد التدخل وحل المشكلات الموجودة، ولكن تلك الميليشيات، التي أعاقت وجود تلك الحلول، والمطلب الرئيسي للتظاهرات هو "إخراج تلك الميليشيات".
حرب أهلية في محافظات
الجنوب
وتوقع الحويت،
حدوث حرب أهلية خاصة في المحافظات الجنوبية، مع سقوط شهداء من الجانبين القوات الأمنية
والمتظاهرين، وستصاحب التظاهرات عمليات سلب ونهب ومداهمة لمنازل أعضاء الحكومة وأعضاء
البرلمان العراقي، مشيرًا إلى أن المحافظات الجنوبية في خطر مثلما حدث في المحافظات
الغربية مثل نينوى وصلاح الدين عندما تظاهروا وإعتصموا فكانت سبب في إجتياح "داعش" لتلك
المحافظات.
تدخلات إيران في
الأزمة
إيران تحاول التدخل
لإنقاذ نفسها من الأزمة، فبعد يوم على اندلاع الاحتجاجات المناهضة للحكومة في العراق،
توجه الجنرال الإيراني قاسم سليماني، جوا إلى بغداد في وقت متأخر من الليل.
واستقل سليماني
طائرة مروحية من أجل الوصول إلى المنطقة الخضراء شديدة التحصين وسط العاصمة العراقية،
حيث فاجأ مجموعة من كبار مسؤولي الأمن بترأسه اجتماعا ليحل محل رئيس الوزراء، بحسب
"أسوشيتد برس".
وقال سليماني لمسؤولين
عراقيين: "نحن في إيران نعرف كيفية التعامل مع الاحتجاجات"، مضيفاً:"لقد
حدث هذا في إيران وسيطرنا عليه".
كما كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، أن
المسؤولين الإيرانيين تفاجأوا من أن نفوذهم في المنطقة ينهار بسرعة، ويعتقدون أن
المظاهرات في العراق تشكل تهديداً وجودياً لنظام طهران، ويتخوفون بشدة من انتقال الاحتجاجات
إلى إيران.
وبهذا الشأن، يقول
سمير عبد الله البرزنجي، رئيس الحركة الوطنية المستقلة لإنقاذ العراق، إنه لا يوجد
سلام بالمنطقة ولا أي استقرار مع وجود تلك المليشيات العابثة بمقدرات الشعوب، وهو أهم مطلب من المتظاهرين، والذي أغضب الإيرانيين
عندما رفع المتظاهرين شعار "ايران برة برة .. بغداد تبقى حرة " ومزقوا صور
الخمائيني وقاسم سليماني.
وتطرق البرزنجي
إلى الحشد الشعبي، موضحًا أنه حسب ما يصرح به منسبيه أنهم مع المتظاهرين، أما قياداتهم
فهي مع فض التظاهرات، ولكن الشعب العراقي لايحتاج
الى حشد وانما الى بناء جيش عقائدي وطني، مبني على حب الوطن وبعيد عن التحزب والطائفية،
كما كان جيش العراق السابق، حيث كان جيشا لكل العرب وجيش أرعب الصهاينة ودك عروش الفرس؛ دفاعا عن البوابة الشرقية لثمان سنوات.
وبين البرزنجي، أن الثورة العراقية ستحقق أهدافها وهي فعلا حققت تلك الأهداف من شهرين، وجعلت الأحزاب متخبطة بردود أفعالها وحتى أيران أرعبها الشعب الثائر، وشباب العراق معروف على مدى العصور، فالعراق يمرض ولكن لايموت، بينما التدخل الايراني فهو حاصل الأن فعلا، وسليماني واتباعه من لواء "الخرساني" من يدير المعركة ضد المتظاهرين العزل.
استيعاب مطالب
المواطنين
وتعليقاً على الشأن
العراقي، أكد علاء سعدون، الإعلامي والناشط السياسي، ومراسل قناة العهد الفضائية العراقية،
أن العراق أصبح بعد 2003 ساحة صراع، وكل دولة
لديها أجندة تريد أن تهيمن مرة على الثروات ومرة على السياسة ومرة على الشعب، فكل جهة
تدفع إلى أنصارها حول النفوذ، والهيمنة على العراق بكل تفاصيله، وهذا ما يؤثر على العملية السياسية أو الجماهيرية والاقتصادية والاستغلال
للجماهير، مبينًا أن "الجماهير لا تملك العمل
ووجود خيبة امل اتجاه تنفيذ البرنامج الحكومي أتجاه الشعب".
وأكد سعدون لـ "الفجر"، على أن تلك العوامل دفعت الشباب إلى التظاهر والمطالبة بتحقيق مطالبهم وتوفير فرص عيش كريمة
لهم ولعوائلهم، والقوات الأمنية قامت بعملية التعتيم الإعلامي، والرد والتعامل
بلغة السوط أي القتل لهم مع الاعتقالات.
وأضاف الإعلامي والناشط السياسي، أن الشعب العراقي الان ليس بحاجة الى حل أمني بل بحاجة إلى استيعاب
مطالب المواطنين من توفير الخدمات، وإيجاد فرص العمل، وتوفير سكن لائق لكل عائلة، التي
لا تملك دار لها.
وبين سعدون، أن حوادث التخريب حتى الأن تعتبر مجهولة المصدر والفعل، والمشهد يصعب علينا تحديد رؤيا واضحة، ويعود السبب في أن "الحكومة العراقية لم تسعى إلى تنفيذ مشاريع تخدم بها شعبها"، مشيرًا إلى أنه توجد الأن حركة في تنفيذ المطالب ولكن الناس غير مطمئنة والحلول تحتاج لوقت لتنفيذها وبالأخص الخدمية وإحتواء الشباب وزجهم في التعيينات.