"نور حياة".. كيف نجحت المبادرة في القضاء على خرافات المصريين في علاج الرمد؟

تقارير وحوارات

بوابة الفجر


"قنديل أم هاشم"، لم يكن مجرد فيلمًا سينمائيًا ترك بصمته في السينما المصرية، أنما كان تجسيدًا لمشاهد عدة تكررت في جميع محافظات مصر، في تلك الحقبة الزمنية، التي عانى منها المجتمع المصري.

 

"الششم" .."الشمع".. "مياه مبروكة"، جميعها أدوات كانت تستخدم، ولازالت في القرى المتطرفة والنائية، التي أنتشر فيها الجهل، المرض، العجز، وغيرها من مظاهر التأخر في الوعي بالتعامل مع أمراض العيون.

 

أعلن صندوق تحيا مصر أن القوافل الطبية للمبادرة الرئاسية "نور حياة" تواصل عملها لإجراء الكشف الطبي، عن مسببات ضعف وفقدان الإبصار، ضمن المرحلة الأولى من المبادرة والتي تشمل خمسة عشر محافظة وهم، السويس، الإسماعيلية، الشرقية، الدقهلية، الغربية، القليوبية، المنوفية، الفيوم، المنيا، بنى سويف، الجيزة، دمياط، بورسعيد، البحر الأحمر، وكفر الشيخ .

 

عن إنجازات " نور الحياة" على أرض الواقع، فقد قدمت الكشف الطبي لحوالي سبعين ألف مواطن من الفئات الأولى بالرعاية، كما تم إجراء سبعة آلاف عملية للمياه البيضاء، تستهدف المبادرة إجراء المسح الطبي على مليوني مواطن من الفئات الأولى بالرعاية، إجراء مئتان ألف عملية مياه بيضاء، وتوفير نصف مليون نظارة طبية مجانا، خلال ثلاث سنوات فضلا عن إجراء الكشف الطبي على خمسة ملايين تلميذ بالمرحلة الابتدائية في المدارس الحكومية، توفير مليون نظارة طبية للتلاميذ المكتشف إصابتهم بضعف الإبصار خلال الكشف الطبي.

 

لم يكن دور الفنان القدير شكري سرحان في الفيلم مبتذلًا، إنما كان واقعيًا جدًا، إذ أنه جسد شخصية الطبيب الذي درس في الخارج الطب، وجاء إلى منطقة سكنه قديمًا بعد إتمام دراسته، ليواجه الخرافات التي انتشرت بين أهالي الحارة، والتي طالت حبيبته وأصابتها بالعمى.

 

كان هناك أبطالًا آخرين يشبهون "سرحان" بين صفوف حملة "نور الحياة"، فكانوا ينشرون بين سكان القري النائية طريقة التعامل مع إصابات العين.

 

تغير ثقافة القرى أهم من العلاج

 

خالد محمود، طبيب رمد، ثلاثون عامًا، أحد الأطباء القائمين على حملة "نور الحياة" في المنيا، حاول خلال مدة الحملة تغير مفهوم الأهالي عن  الطرق البدائية الخطرة لعلاج العين.

 

قال، خالد محمود، لـ "الفجر" إن الأمر كان مفزعًا عندما يأتي إليك أحد الأشخاص الذي أستعمل صبعه ما على عينيه، مما أدي إلى تعتيم عدسة الضوء، والتهاب الأعصاب البصرية، معلقًا " الأزمة أنهم كانوا فاكرين أن ده صح وأن الأفكار القديمة دي بتعالج مكنوش بيقتنعوا بسهولة أنها ممكن تقتل العين وتسبب العمى".

 

أضاف، طبيب الرمد، المشارك في حملة "نور الحياة" بمحافظة المنيا، أنه كان يحاول إثبات العكس من خلال إعطاء بعض القطرات و المراهم التي تعقم العين وتنظفها، في محاولة لإزالة الأصباغ أو التقليل من حدتها في العين، موضحًا أن النتائج المبدئية التي كانوا يلاحظونها تجبرهم على تصديق الأطباء بشكل خاص، والحملة بشكل عام.

 

 

طرق بدائية في علاج الرمد

 

 

كان غير المتعلمين، هم الفئة الأكبر من بين سكان القري النائية الذين يستخدمون الطرق البدائية في إجراء الفحوصات على العين، وعلاجها، إلا أن طرقهم كانت مميته للعصب البصري، فمنهم من استخدام الشمع المبروك الموجود في أحد قناديل المساجد الخاصة بالشيوخ القدامى أصحاب الكرامات، على حد تعبير جيهان أشرف، خمسة وعشرون عامًا، طبيبة الرمد، المشاركة في الحملة داخل محافظة دمياط.

 

قالت جيهان لـ "الفجر" إن هذه المشاهد لم تكن مألوفة لها داخل القاهرة، ولا حتي داخل مدينة دمياط، وانما كانت تظهر خلال المدن البعيدة التي تقعه على أطراف المدينة، ولم يأتي شخص متعلم سواء كان تعليم عالي أو متوسط أو فوق متوسط يقدم على هذه الطرق، معلقه "الموضوع منتشر بس بين الجهلاء".

 

أكدت جيهان، أن الجهل هو العدو الأول الواجب التعامل معه بشكل سريع؛ كي تنتهي فوضي التعامل الخاطئ مع الأمراض بشكل عام والرمد بشكل خاص معلقه " الجهل هو اللي لازم نقضي عليه علشان نقلل كل المشاكل دي".

 

  "بورسعيد بريئة من الخرافات"

 

هناك مناطق تقدمت بها العجلة حتى قضت على الخرافات، والجهل داخل أركانها، هذه كانت الصورة التي شاهد بها طبيب الرمد، عضو حملة "نور الحياة"، محمد مجدي، صاحب الثمان وعشرون عامًا، مدينة بورسعيد.

 

قال مجدي، إنه لم يشاهد في مدينة بورسعيد أي من هذه المظاهر التي وجدها زملاءه في صعيد مصر، إذ أن بورسعيد لم تنتشر فيها الخرافات الخاصة بعلاج العين، معلقًا "الناس هناك متفتحه جدًا حتى الجاهل فاهم".

 

"الخرافات دي لازم تنتهي بقي"، هكذا أوضح محمد مجدي"، أنه لابد من دحض كل الخرافات الخاصة بالرمد، لأنها سقطت في الهاوية منذ زمن بعيد، ولم تعد تدرج على الساحة، وإنما هي نتاج ذكريات المتقدمين في السن، ولكن القضاء عليها يجب أن يتم بشكل أكثر منهجيه.

 

أضاف مجدي، أنه يجي تنظيم حملات توعوية ضد خرافات العلاج التي كانت منتشرة قديمًا، حتى لا نجد مريض يموت جهلًا، معلقًا " الحملات دي دورها هيكون كبير لانها هتدخل كل البيوت".