لماذا تكثر حالات انهيار العقارات بالإسكندرية؟
تطالعنا طوال الوقت حالات لانهيار عقارات بالإسكندرية، ما بين تداعي تام لكل الأدوار أو حالات انهيار حزئي، كان أشهرها عقار الأزاريطة الذي مال على العقار المواقع في الجهة المقابلة له، الأمر الذي يفرض على الأذهان سؤال يلح عليهم باستمرار، لماذا تنهار عقارات إسكندرية، لماذا تكثر فيها بالتحديد حالات تداعي المباني.
طبقًا للتقرير الصادر عن عام 2016، فإن مصر شهدت 661 حادث انهيار لعقارات في 26 محافظة، وكان لمحافظة الإسكندرية نصيب الأسد، فمن 2014 إلى 2016، تم تسجيل 184 حادثًا، أي ما يزيد على ربع حوادث انهيار العقارات كان من نصيب المحافظة.
محدودية المساحة
في تصريحات صحفية تقول سمر شلبي نقيب المهندسين بالإسكندرية، إن هناك عدة أسباب وراء انهيار عقارات الإسكندرية، أهمها أن المحافظة هي الأعلى في نسبة مخالفات البناء لأنها شريطية محدودة المساحة وليس لها امتداد عمراني في العمق، وهو ما يتسبب في التوسع الرأسي المخالف بالمحافظة، كما أن الإسكندرية ذات طبيعية خاصة في التربة، فالمدينة مبنية على أنقاض مدينة قديمة، بالإضافة إلى أن أغلب المناطق فيها ذات تربة صخرية، ما قد يتسبب في وجود كهوف تحت التربة ولا يتم عمل مجسات للتربة، وبالتالي يتم البناء ومع أقل هزة أرضية أو حركة ينهار الكهف فينهار المبني الوجود فوقه.
تصالح مع العقارات المخالفة
تورد نقيب المهندسين بالإسكندرية، سببًا آخر حول انهيار العقارات، وهو اتباع سياسة التصالح مع العقارات المخالفة منذ عهد محافظ الإسكندرية الأسبق عبدالسلام المحجوب، ما جعل المخالفين يتوسعون في البناء لأنهم يعرفون أنهم يمكنهم التصالح، وهو المبدأ الذي تسبب في بناء كثير من العقارات المخالفة، خاصة مع الأخبار المتداولة كل فترة حول قانون للتصالح في مخالفات البناء الذي يدفع المقاولين للتوحش في بناء العقارات المخالفة على أمل التصالح قريبًا، حيث تولي منصب محافظ الإسكندرية في الفترة من 1997 حتى 2006، وهي الفترة التي شهت إقرار التصالح.
يتم هذا الأمر من خلال التحايل وبطرق عدة، فتقول شلبي إن هناك عدة طرق للتحايل في مخالفات البناء بالإسكندرية، منها ظاهرة "الكاحول" وهو استخدام بيانات وهمية في ترخيص البناء سواء بمعرفة صاحب البيانات كحالة عقار الأزاريطة أو دون معرفته، بالإضافة إلى ما يعرف بشهادة التحلل، حيث يقوم المهندس باستخراج الترخيص واستصدار شهادة تحلل من الإشراف على البناء بعد وصول المبني لعدد الأدوار المرخص له بها، كما أن هناك عددا من المقاولين غير مسجلين في الغرفة التجارية أو سجل المقاولين، وبالتالي لا يمكن محاسبتهم.
التغافل عن البعد الجيولوجي
أما الدكتور السيد سالم أستاذ علم الزلازل ورئيس قسم الجيوفيزياء بهيئة الثروة المعدنية، فيرى أن إهمال المهندسين الجزء الجيولوجي في عملهم، كان سببًا في تكرار انهيارات العقارات بالإسكندرية لأن المحافظة مقامة على مدينة قديمة، خاصة منطقة الأزاريطة القريبة من الميناء، حيث إنها مقامة على أنقاض مدينة قديمة غرقت بفعل الزلازل، وبالتالي فإن إهمال الجانب الجيولوجي يهدد بانهيار المباني.
وعن أهمية الدراسات الجيولوجية قبل البناء قال سالم، إن التربة تنقسم لعدة أنواع، منها ثلاث أنواع تستدعي التدخل الأول التربة الصخرية التي يمكن أن يكون بها كهوف مفرغة، ويجب إزالتها أو حقنها قبل البدء في البناء لأن انهيار الكهوف نتيجة أي هزة يمكن هدمها المبني، والثانية التربة الرملية التي لم تصل إلى حجر رملي، لأنه في حالة الحفر بجانب العقار فإن الرمال تتسرب مما يهدد الأساسات، وفي هذه الحالة يجب بناء ما يشبه الحوائط حول الأساسات لمنع تسرب الرمال، والثالثة التربة الطينية التي تتمدد بسبب المياه مما يهدد العقار المبني عليها حال تسرب المياه الجوفية للأساسات وهذه التربة لابد أن يتم حقنها قبل البناء عليها، إلا أن المهندسين يتجاهلون هذه الإجراءات ويبنون دون اختبار التربة.