بعد التلويح بها.. هل يؤدي خطاب نصر الله إلى اندلاع حرب أهلية في لبنان؟
أثار خطاب أمين عام حزب الله حسن نصر الله، الذي ألقاه أمس الجمعة، العديد من التساؤلات، حيث دعا خلاله أنصاره إلى ترك ساحات الاحتجاج والابتعاد عن المتظاهرين، محذرًا من دفع البلاد في غمار حرب أهلية، ووجه نصر الله اتهامات لأحزاب وسفارات بتمويل الحراك، مشككًا في عفويته، كما رفض مطالب استقالة الحكومة، وشدد على ضرورة عدم الوقوع في الفراغ في مؤسسات الدولة.
وتكتظ الشوارع والساحات في بيروت ومناطق أخرى من الشمال إلى
الجنوب منذ 17 أكتوبر، بحراك شعبي لم يشهد لبنان له مثيلًا على خلفية مطالب معيشية
وإحباط من فساد السياسيينـ وكسر المتظاهرون "محرمات" عبر التظاهر في مناطق
تعد معاقل رئيسية لحزب الله وتوجيه انتقادات للحزب ولأمينه العام.
فحوى الخطاب المثير للجدل
خلال الكلمة المتلفزة، قال نصر الله إن لبنان دخل في دائرة
الاستهداف دوليًا وإقليميًا، وعبر عن خوفه من دفع البلاد إلى أتون حرب أهلي، ومن الممكن
أن تذهب البلد لفوضى عارمة وخلل أمني، الأمر الذي يعني أن تتجه البلد إلى حرب أهلية،
لذا طلب نصر الله من جمهور المقاومة ترك الساحات، التي يتجمع فيها المتظاهرون، قائلا
"لا ضرورة للدفاع عن المقاومة. إذا احتجنا للدفاع عن المقاومة نحن قادرون على
ذلك".
الخوف من أن يصاب لبنان بما أصيبت به دول أخرى في المنطقة،
دفع بنصر الله أن يؤكد على احتمالية وجود نوايا بافتعال حرب أهلية، ويقول "لا
نقبل الذهاب إلى الفراغ، لا نقبل إسقاط العهد، ولا نؤيد استقالة الحكومة، ولا نقبل
الآن بانتخابات نيابية مبكرة"، رافضا بذلك كل مطالب المتظاهرين المنددين بكل الطبقة
السياسية والمطالبين باستقالة الحكومة وتغيير البرلمان.
في الوقت ذاته يؤكد نصر الله، أنهم منفتحون على أي حل، أي
نقاش، لكن لا على قاعدة الذهاب إلى أي شكل من أشكال الفراغ، لأن الفراغ من وجهة نظره
سيكون قاتلًا.
كما أشاد نصر الله بالحراك الذي أدى لإعلان الحكومة عن إصلاحات
اقتصادية "غير مسبوقة" في الأسبوع الحالي لكنه قال إن لبنان يتعين أن يبحث
عن حلول للمضي قدمًا وفي الوقت نفسه تجنب فراغ خطير في السلطة، مضيفًا أن أي حل يجب
أن يقوم على قاعدة عدم الوقوع في الفراغ في مؤسسات الدولة، لأن هذا خطير جدًا، الفراغ
إذا حدث وكما البعض ينادي، سيؤدي، في ظل الوضع الاقتصادي والمعيشي الصعب والمأزوم؛
في ظل التوترات السياسية في البلد والإقليم، إلى الفوضى، إلى الانهيار.
"أنا ممول الثورة"
ردًا على خطاب زعيم ميليشيا حزب الله اللبنانية حسن نصر الله،
والذي شكك بعفوية التظاهرات التي تجتاح لبنان، ووقوف جهات وراءها عبر تمويلها، انتشرت
فيديوهات ساخرة للبنانيين حملت عنوان "أنا ممول الثورة"، وجاءت هذه الفيديوهات
كإشارة للطبيعة العفوية والتلقائية للحراك الذي يشهده لبنان، وللتأكيد على عدم وقوف
جهات خارجية وراء تحرك المواطنين.
وبالتوازي مع تلك الفيديوهات، انتشر هاشتاج "أنا ممول
الثورة"، حيث عبر اللبنانيون من خلاله عن رأيهم في الخطاب الذي ألقاه زعيم حزب
الله، وردوا فيه على كلامه.
جدل واسع النطاق
أحدثت كلمات نصر الله جدلًا واسعًا بين الإعلاميين العرب
والأجانب، حيث قال الإعلامي عضوان الأحمري، في تغريدة على صفحته بتويتر معلقًا:
"صورتان تشرحان كل شيء، على اليسار من خطاب حسن نصرالله الأسبوع الفائت وهو منفعل
ويهدد، وخلفيته خارطة أحلام طهران، على اليمين حين علم أن التظاهرات جدية وأن الخطر
يطاله، وضع علم بلاده بدلاً من توسعات إيران، أوهن من بيت العنكبوت".
على الصعيد الآخر قال الإعلامي نيكولاس كريستوف: "تغنى
السيد حسن نصرالله بالوحدة الوطنية وعلى غير العادة ظهر في خطابه بالعلم اللبناني،
مطالبًا بعدم استقالة الحريري محذرًا من حرب أهلية، قد يراها البعض حكمة وطنية فذة،
لكن ما يجري خلف الكواليس وما يعلمه ساسة لبنان والخليج وفرنسا وأمريكا أن كل هذا ليس
سوى ابتزازات ضد الحريري والعرب".
الإعلامي يزبك وهبي قال في تغريدة: "لعلها من المرات
النادرة، وربما الأولى يضع فيها السيد حسن نصر الله، علم لبنان فقط دون علم حزب الله
خلال إلقاء كلمته".