تفسير الشعراوي للآية 62 من سورة الأنفال
تفسير الشعراوي للآية 62 من سورة الأنفال
{وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ(62)}
فإذا أحسست أن مبادرة السلم التي يعرضونها عليك هي مجرد خديعة حتى يستعدوا لك ويفاجئوك بغدر ومكر، فاعلم أن الله تعالى عليم بمكرهم، وأنه سيكشفه لك، وما دام الله معك فلن يستطيعوا خداعك، وإذا أردت أن يطمئن قلبك فاذكر معركة بدر التي جاءك النصر فيها من الله تعالى وتمثلت أسبابه المرئية في استعداد المؤمنين للقتال ودخولهم المعركة. وتمثلت أسبابه غير المرئية في جنود لم يرها أحد، وفي إلقاء الرعب في قلوب الكفار، وكان النصر حليفك بمشيئة الله تعالى:
والحق سبحانه وتعالى يقول: {وَإِن يريدوا أَن يَخْدَعُوكَ}
والخداع هو إظهار الشيء المحبوب وإبطان الشيء المكروه، وتقول: (فلان يخادعني) أي يأتي بشيء أحبه، ويبطن لي ما أكرهه، ولأن الخداع في إخفاء ما هو مكروه، وإعلان ما هو محبوب، فهل أنت يا محمد متروك لهم، أم أن لك ربا هو سندك، وهو الركن الركين الذي تأوي إليه؟. وتأتي الإجابة من الحق سبحانه وتعالى: {وَإِن يريدوا أَن يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ الله هُوَ الذي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وبالمؤمنين} [الأنفال: 62].
إذن فالله سبحانه وتعالى حسبك وسندك وهو يكفيك؛ لأنه نصرك وآزرك. وأنت ترى أن هذه قضية دليلها معها، فقد نصرك ببدر رغم قلة العدد والعُدد.
والتأييد تمكين بقوة من الفعل ليؤدى على أكمل وجه وأحسن حال، وما دام الله عز وجل هو الذي يؤيد فلابد أن يأتي الفعل على أقوى توكيد ليؤدي المراد والغاية منه.
ويقول الحق سبحانه وتعالى بعد ذلك: {وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأرض جَمِيعاً ما أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ...}.