"موقف غامض".. صمت "مُحير" للمنظمات الحقوقية من الهجوم التركي على سوريا
أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، اليوم الأربعاء، عن شن عملية جديدة ضد وحدات حماية الشعب الكردية المدعومة من الدول الغربية، والتي تعتبرها أنقرة "إرهابية"، وذك بعد أن نشر أردوغان تغريدة عبر حسابه الرسمي في تويتر، قال فيها إن "القوات المسلحة التركية والجيش الوطني السوري، بدآ عملية "نبع السلام" في شمال سوريا، ليُسمع دوي انفجار في بلدة رأس العين الحدودية مع تركيا في شمال سوريا، وسط تحليق للطائرات في أجوائها، بعد دقائق من إعلان أنقرة بدء العملية العسكرية ضد المسلحين الأكراد، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
يأتي هذا الهجوم وسط صمت يفرض نفسه على المنظمات الحقوقية
والدولية، التي لم تندد حتى الآن بالمصير المجهول والمخيف الذي يهدد مئات الآلاف من
المواطنين الأكراد، ما بين شيوخ ونساء وأطفال.
اعتداء صارخ
أيمن نصري رئيس المنتدى
العربي الاوروبي للحوار وحقوق الإنسان بجنيف، يقول إن التدخل العسكري التركي يستهدف
بشكل واضح القضاء على الأقلية الكردية المتمركزة في شمال سوريا والتي تقدر عددها بحوالي
2 مليون كردي، حيث يمثل جزء كبير منهم في النساء والأطفال والشيوخ، الأمر الذي يعتبره
نصري انتهاكًا صارخًا لحقوق الأقليات للمواثيق والعهود الدولية.
يخالف هذا الهجوم، الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر
في العام 1948، وأيضًا المادة 27 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية
الصادر في عام 1966 الصادر عن الأمم المتحدة، والذي يحظر تمامًا استخدام العنف للقضاء
على أقلية بسبب الدين أو الجنس أو اللون أو العرق، كما اعتبر أن تنفيذ مثل هذه الأعمال
الانتقامية هي بمثابة جريمة حرب يعاقب عليها القانون الدولي.
وأوضح أيمن نصري ، في بيان له، إن هذا يعد استمرارا للتجاوزات
والانتهاكات للملف الحقوقي التركي والذي بدأ داخليا من خلال التنكيل بالمعارضيين السياسين
وتعذيب وحبس الصحفيين، وأيضًا التجاوزات الإنسانية التي حدثت في حق اللاجئين السوريين،
واستخدام العنف معهم ومنعهم من حقوقهم الذي نص عليها القانون الدولي.
صمت يكتنف المجتمع الدولي
الكثيرون لاحظوا الصمت الواضح من المجتمع الدولي والأمم المتحدة
تجاه ما عدّوه جريمة إنسانية، لأنها ستخلف وراءها كارثة إنسانية، وسيذهب ضحيتها أعداد
كبيرة من الأطفال والشيوخ والنساء بجانب تشريد عدد كبير من العائلات الكردية، وهذا
الصمت هو بمثابة عار على المجتمع الدولي وترسيخ واضح لثقافة حماية مصالح الدول الكبرى،
السياسية والاقتصادية والتدخل فقط لحماية هذه المصالح، دون النظر لحجم الخسائر الإنسانية
وجرائم الحرب التي ستخلفها مثل هذه المواجهات غير المتكافئة تمامً.ا
لغز مُحير
يرى الناشط الحقوقي، أيمن نصري أن صمت المنظمات الحقوقية
الدولية هو لغز محير، وتأكيد على التسييس الواضح لملف حقوق الإنسان وهو المنهج الذي
تتبعه هذه المنظمات في الفترة الأخيرة، على حد قوله، موضحًا أن هناك صمت واضح من هيومان
رايتس ووتش والعفو الدولية تجاه الانتهاكات والتجاوزات التي تحدث في ملف حقوق الإنسان
التركي، وعدم الإشارة في تقريرها إلي هذه التجاوزات، ومؤخرًا اكتفت هذه المنظمات باصدار
بيانات مقتضبة عن هذه الانتهاكات، مع عدم إدانة التحرك العسكري التركي المزمع ضد الأقلية
الكردية، وهو ما يؤكد افتقاد هذه المنظمات لجزء كبير من النزاهة والأمانة والكيل بمكيالين
فيما يخص القضايا الحقوقية في دول المنطقة.
وضع المجهود الدولي في مهب الريح
التدخل العسكري التركي في الشمال السوري، يراه فيه البعض استخدام المنتمين
للجماعات المسلحة، الأمر الذي من الممكن أن يقضي بشكل كبير على المجهودات الدولية والأممية
للقضاء على الجماعات، وخاصة داعش، كما يُعتبر بمثابة إعادة إحياء لهذه الجماعة، والتي
ارتكبت جرائم بشعة في حق الشعوب العربية بشكل خاص، وفي حق الإنسانية بشكل عام، وهو
ما سوف يعقد الأوضاع الأمنية في هذه المناطق، وينبئ بكارثة إنسانية جديدة.