حقيقة قصف القوات التركية لمنشأة النفط السورية
قصفت القوات التركية، اليوم الخميس، منشأة "سعيدة" النفطية شمال شرقي محافظة الحسكة السورية، مما أدى إلى اندلاع النيران فيها وخروجها من الخدمة.
ويأتي هذا القصف على الأراضي السورية الواقعة تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، ضمن عملية نبع السلام، التي كان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد أعلن عنها، كما أعلنت قوات "قسد" بأن غارة جوية تركية ضربت سجنا يضم محتجزين من تنظيم "داعش" الإرهابي (المحظور في روسيا).
طبيعة الأهداف
عن طبيعة الأهداف، التي تقوم القوات التركية بضربها تحدث الكاتب والصحفي التركي طه عودة أوغلو، وقال: "القوات التركية دخلت من ثلاثة محاور تستهدف رأس العين وتل أبيض، والهدف منها منع أي محاولة للإرهابيين وخاصة ميليشيات "قسد" من العبث بالأمن القومي التركي".
وتابع الكاتب الصحفي: "لقد أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأنه تم تحديد الأهداف، وهي تابعة لقوات سوريا الديمقراطية، وتم استهداف 181 هدفا في تلك المنطقة، وأكد مقتل 109 عناصر انفصالية"، كما أكد على أن العملية لا زالت مستمرة حتى القضاء على الإرهاب.
فيما يرى الدكتور فواز حلمي، الخبير العسكري والاستراتيجي، أن الأهداف، التي تضربها تركيا هي فقط عسكرية وتتبع لقوات "قسد"، مضيفاً يبدو أن "الأتراك مصرين على الشريط الحدودي، ولا أعتقد أن لقسد طاقة بالجيش التركي، والأتراك حاليا يركزون على قصف تجمعات الفصائل الكردية، والأكداس اللوجستية التابعة لهم، وليس المدن والقرى، ونلاحظ أن تركيا تفعل ذلك في العراق حيث تستهدف المقاتلين الأكراد فقط".
ويرى العميد نصار خير، الخبير والمحلل العسكري، الأمر نفسه بخصوص هذه الأهداف: أهم الأهداف التي تستهدفها تركيا هي مستودعات الأسلحة والذخيرة، وتجمعات القوات بشكل رئيسي، لتأمين محاور التقدم في عمق منطقة شرق الفرات، للوصول إلى تحقيق المهام التي خططوا لها، وحسب خطة العملية العسكرية في هذا الاتجاه.
لماذا المنشأة النفطية؟
وعن سبب قصف المنشأة النفطية، يرى الصحفي أوغلو بأنه تتبع لقوات سوريا الديمقراطية، وهو ما يجعلها ضمن بنك الأهداف، ويتابع: الهدف من العملية شل حركة قوات سوريا الديمقراطية، وهي استهدفت كل المواقع التابعة لهذه المنظمة الأرهابية كما تصنفها تركيا، وهي لا تستهدف المدنيين، بل تلاحق فقط الإرهابيين.
فيما يرى الخبير حلمي أن النفط يشكل أحدى أهم وسائل الدعم لقوات سوريا الديمقراطية، ويوضح: المنشآت النفطية هو سبب وجود الولايات المتحدة كونها موجودة من أجل النفط وليس حرصا على الأكراد، وهناك فصائل تمويلها مبني على آبار نفط تملكها سوريا، وهذه العملية لقطع الإمداد عن الفصائل الكردية.
ويكمل الدكتور فواز: أول ضربة كانت قبل الهجوم لقافلة عسكرية على الحدود السورية العراقية، والقصف ليس عشوائي على الحدود، والعملية العسكرية مثالية ومدروسة تماما، وأعتقد أن الأمريكيين يعلمون كل شيء.
فيما يعتقد الخبير العسكري السوري نصار خير، بأن الهدف هو فقط تخريب البنية التحتية، ويكمل: تركيا التي دعمت الإرهاب في سوريا خلال 9 سنوات، لا فرق لديها بين مناطق تسيطر عليها الدولة السورية أو غيرها، وقد قامت بذلك عبر الإرهابيين الذين تدعمهم وتزودهم بالذخيرة، وأدخلتهم عبر الحدود.
ويتابع: الآن هي تقوم بإدخال قواتها والإرهابيين نفسهم، الذين قاتلوا معها في المرحلة السابقة، لذلك لا نستغرب أبدا أن تستهدف آبار النفط أو أي منشأة من البنى التحتية في القطر العربي السوري، سواء في منطقة شرق الفرات أو غيرها.
عودة تنظيم "داعش" الإرهابي
تم الحديث عن مخاوف من استعادة قوة "داعش" في ظل العملية العسكرية التركية، وعن ذلك يقول الصحفي والكاتب أوغلو: هنا تكمن الخطورة الأكبر في حال تم إطلاق سراح عناصر من داعش الإرهابية، وأعتقد أن القصف التركي للسجن هو خطوة خطيرة للغاية، لأنها ستعيد المشكلة الأساسية، التي عاشتها سوريا في السنوات الأربع الأخيرة الماضية.
ويختم العالم كله تنفس الصعداء في الأشهر الأخيرة عندما تم الإعلان عن انتهاء تنظيم "داعش" الإرهابي، ومن الخطر أن يعيد إحياء نفسه، ليس فقط على سوريا، وإنما على المنطقة برمتها.
أما الخبير العسكري والاستراتيجي فواز حلمي، فيرى أن داعش لم ينتهي أصلا حتى يعود للظهور، ويقول: خطر داعش لم يختفي وهو لا زال موجودا أصلا، وما يقال عن إنهاء داعش هو وهم فقط، فداعش في العراق مثلا لم يقضى عليه بالرغم من الجهد العسكري الذي بذل، فهم أخرجوا داعش من المدن العراقية، لكنها لا زالت فاعلة في عدة مناطق على الحدود الإيرانية مثلا، ولا زال هناك عمليات لداعش في العراق والجزيرة.
وبدوره يرى الخبير العسكري السوري خير، بأن تركيا هي من ترعى هؤلاء المقاتلون، ويوضح: أعتقد أن الدواعش يقاتلون مع الجيش التركي، ولا أستغرب هذا الشيء أبدا، لأن تركيا هي من مررت الدواعش إلى سوريا منذ بدء العملية التخريبية في سوريا، وقصف السجن حتى الآن غير مثبت بشكل دقيق، فهو عبارة عن كلام حتى الآن، ولم نرى على أرض الواقع أن مسلحين قد هربوا أو غيره.
ويختم حديثه قائلا، في معسكر الهول يوجد أكثر من 70 ألف شخص بين داعشي وعائلاتهم، وحتى الآن الغرب لم ينقل مقاتليه ولا الولايات المتحدة قامت بذلك، ولا حتى أي دولة عربية، وأنا لا أستغرب أن يفتح الباب لهؤلاء وأن يخرجوا لتنفيذ عمليات تخريبية من جديد.